عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jan-2024

"رهاب المجهول" دوامة تثقل حياة الفرد وتضعه داخل دائرة القلق

 الغد-ديمة محبوبة

تتعدد المشاعر التي تنتاب الفرد وتسيطر عليه أحيانا، لتشمل تفاصيل يختبرها على مدار اليوم، لا سيما تلك التي يغزوها القلق والخوف والتفكير بالمستقبل والتخطيط له.
 
لكن البعض، تتعدى مشاعره الحالة الطبيعية وتصل حد الرهاب من القادم، والعيش داخل دائرة من الخوف والرعب التي تؤثر على الحاضر وعلى مسيرته اليومية.
 
خبراء في علم النفس، يؤكدون أن هنالك العديد من الناس الذين يعيشون تحت وطأة "رهاب المجهول"، وهو الخوف من المستقبل على الأصعدة كافة، نفسيا وجسديا وصحيا وماليا، وكل ما يتعلق بأمور الحياة والتفكير فيها بشكل مبالغ يرافقه خوف شديد ومؤرق.
والمسمى العلمي لهذا الرهاب "الكرونوفوبيا"، وهو الإحساس بالخوف الدائم وغير العقلاني، وعادة ما يكون هذا الخوف غير مرتبط بحدث معين أو مبني على نظرية معينة، وإنما هي أفكار تتضخم في رأس الشخص المصاب بهذا الرهاب، ما يجعله يعاني من اضطرابات عدة تؤثر في علاقاته الاجتماعية وأدائه في عمله، ومنها التوتر والتشتت والعصبية والانفعال.
اختصاصي علم النفس الدكتور علي الغزو، يؤكد أنه لا يمكن التنبؤ بالاضطرابات النفسية التي يعاني منها بعض الأفراد، والتي عادة ما تكون نتيجة ترسبات تربوية وميول للخوف، وقد لا تتم المعالجة فتزداد الحالة والمخاوف والرهاب من القادم.
ومن يعاني من هذا النوع من الرهاب عادة يصاحبه سرعة التعب والإرهاق، وفق الغزو، وفي بعض الأحيان يصاب الفرد باضطرابات النوم، كما أن هناك من يصاب بأعراض جسدية عند التفكير في المستقبل، مثل التعرق المفرط وخفقان القلب وجفاف الفم.
ويؤكد الغزو أن خوف الفرد من المجهول أو المستقبل سببه عوامل وراثية، والتعرض لبعض التجارب السيئة كفقدان العمل أو الانفصال العاطفي أو وفاة أحد المقربين أو حصول انتكاسة مفاجئة على أي صعيد شخصي أو عملي، ما يجعل الفرد في حالة أرق دائم.
وعن أسباب هذا الرهاب، تؤكد التربوية والمرشدة النفسية رائدة الكيلاني، أن الخوف طبيعة بشرية، وهو جزء من غريزة البقاء عند الإنسان، وعند تعرضه للخوف يفرز جسده انزيمات وهرمونات تساعده على أن يكون أكثر تيقظا لما حوله ومستعدا لما سيواجه، لكن من يعاني من الخوف من شيء ما بشكل دائم، فسيكون شخصا متيقظا طوال الوقت، وهذا أمر مرهق نفسيا وجسديا واجتماعيا.
وبحسب الكيلاني، عادة رهاب المستقبل يكون بعد تعرض الفرد لتجربة قاسية مفاجئة، كموت عزيز، أو أزمة مالية كبيرة أثرت على حياته، مؤكدة أن زيادة الخوف من المستقبل يمكن أن يكون سببها كثرة الضغوط التي يعيشها الفرد وتؤثر على الأسرة وبالتالي المجتمع، فيمكن انتقال هذا الشعور لباقي أفراد العائلة، لذلك يمكن أن يكون له عوامل وراثية ترتبط برهاب المجهول.
وتضيف الكيلاني، أن هذا النوع من الرهاب يأتي من مجرد فكرة أن المستقبل لدى البعض غير معروف وغامض، ويحمل العديد من المفاجآت، حيث يسيطر الخوف، ويصبح البعض أكثر رعبا من الأيام المقبلة، مشيرة إلى أن الفرق بين الخوف الطبيعي والرهاب هو أن الشخص الطبيعي الذي يعاني من أي خوف يسيطر على مشاعره ولا يجعله يؤثر على حياته، أما من يعاني من الرهاب فيفتقد القدرة على اتخاذ المسارات التي يريدها في الحياة، وذلك بسبب الخوف من مخاطر ما تنطوي عليه هذه المسارات، أو لأنه لا يتوفر لديه يقين بنتائج هذا التغيير، وبالتالي يسيطر عليه إحساس بالعجز ومشاعر سلبية.
ويعود الغزو ليؤكد أن من يصاب برهاب المستقبل أو أي رهاب اجتماعي آخر يؤدي إلى تدهور صحته ويؤثر على حياته المهنية، فيبدأ بالإصابة بالتشتت وصعوبة في التركيز، مع الشعور بالتوتر المستمر والعصبية الزائدة.
ويضيف أن من يعاني هذا الاضطراب يصاب بالتعب والإرهاق، كما يشكو من صعوبة في عملية النوم، وتطارده الكوابيس والتي ترتبط في الأغلب بأفكار وصور تتعلق بالمستقبل، ويشعر أنه منفصل تماما عن الواقع.
وتسيطر عليه أيضا مشاعر الخوف الشديد عندما يفكر في المستقبل، كما يفقد القدرة على أن يعبر عن نفسه بشكل واضح، ويصبح تفكيره منصبا على الموت لنفسه أو لمن حوله.
والقلق والخوف، بحسب الغزو، يأتي على شكل نوبات، فيشعر المصاب بضيق في التنفس وخفقان في القلب، ويعاني الدوخة والإغماء، ويتعرق بشكل مفرط، كما يشكو من صداع مستمر، وتشمل الأعراض جفاف بالفم.
ويتفق الغزو والكيلاني، هلل أن لكل شيء حلا، وأولها عدم ترك الحالة بلا علاج ومراجعة مختصين في علم النفس، لاستبدال الأفكار السلبية المثيرة لمشاعر القلق بأخرى إيجابية، كما يتم التركيز على اللحظة الحالية والحاضر المعاش، لأن المرء عندما يعيش اليوم فإنه يستطيع تحديد جودة المستقبل، لأنه امتداد للحاضر.
ويمكن مساعدة المصاب بكيفية وضع أهداف واضحة لحياته، والتي تقبل القياس وتكون محددة، كما أنها ليست مثالية وإنما تقبل التحقق.
إلى ذلك، ينصحان "يمكن من خلال المساعدة النفسية الوصول للعلاج السليم؛ لأن الخوف حالة يمكن أن يشعر بها الفرد، لكن يتوجب السيطرة عليها وعدم المبالغة في رد الفعل أو الاستمرار فيها من خلال العلاج السلوكي والتدريب على الاسترخاء وقراءة الحدث بشكل صحيح".