عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-May-2019

الاختلاف لا يعني الخلاف! - م. هاشم نايل المجالي

 

الدستور - الايجابية تحمل معاني التجاوب والتفاعل والعطاء، فالشخص الايجابي هو الشخص الحي المتحرك المتفاعل مع الوسط الذي يعيش فيه، اما السلبية فهي تحمل معاني التقوقع والانطواء والانزواء والانغلاق والكسل والجمود فالشخص السلبي ليس عنده اهتمامات في محيطه ولا يتفاعل مع الاخرين، وبالتالي فان المجتمع السلبي الذي يعيش فيه كل فرد لنفسه منطوياً ومنعزلاً فانه مجتمع فاشل، بينما المجتمع الايجابي الذي فيه الفرد متفاعل وحرك ونشط فانه مجتمع حضاري وراقٍ ومتطور.
فهناك فرق بين الوجود والعدم، فالتعاون والتفاعل يجب ان يكون من اجل الخير والعطاء والبقاء حتى يكون مجتمعاً مثالياً يسعى للنهوض، ومن مظاهر الايجابية للمجتمعات المتحضرة محاربة الفساد وكل ما من شأنه ان يعكر صفو المجتمع من آفات وفتن وسلبيات والامر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى ( كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن اهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون ) آل عمران.
والنملة كائن ضعيف لا يأبه به الانسان الا ان الله عز وجل سمى سورة من القرآن الكريم باسم النملة واورد قصتها مع نبي الله سليمان عليه السلام، والهدف من القصة ان يتعلم الانسان درساً عظيماً الا وهو الايجابية والمشاركة الفعالة في الامن والامان وسلامة الاخرين، وكلنا يعرف ايجابية عمر بن الخطاب في عام الرمادة عندما جاؤوا له بخبز مفتوت بسمن فدعا رجلاً بدوياً ليأكل معه حينها قال البدوي لعمر انه لم يأكل سمناً ولا زيتاً ولم يرى أكلاً كهذا وغيره، فحلف عمر ان لا يذوق لحماً ولا سمناً حتى يحيا الناس وهو صارم بالوفاء، وكان يكره الاكل المسرف وكان يقول لمن يقدم له الطعام الشهي كيف يعنيني شأن الرعية اذا لم يمسني ما مسهم فهذه جملة واحدة في كلمات مضيئة في فن الادارة وتحمل المسؤولية.
وكلنا يعلم ان الله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين في اشياء كثيرة في الشكل والطباع واللغة وغيرها فبعضنا يكمل البعض الاخر.
اذن علينا ان نرسخ مفهوم الاختلاف في اقوالنا وافعالنا فليس كل البشر لهم نفس البصمة الفكرية فبالاختلاف الفكري تتلاقح الافكار لتخرج فكرة جديدة ايجابية منقحه يقبل بها كافة الاطراف المختلفة، وتوازن الايجابية والسلبية بحلول وسطى اكثر نقاوة وقبولاً فالكل بحاجة للآخر حتى نقضي على كافة الامراض السلبية المعيقة لحركة التقدم والتطور والعمل من اجل حياة كريمة لابناء المجتمع وحتى لا يكون الاختلاف معيقاً لمسيرة التقدم.
وكلنا يعلم ان هناك حراكات واحتجاجات شعبية يختلف الاشخاص المشاركين فيها مع الحكومة ببعض قراراتها التي امست بالطبقات الاجتماعية الوسطى والفقيرة والمزارعين والتجار وغيرهم، وهذا الاختلاف تتسع فجوته يوماً بعد يوم لان الطروحات من كلا الجانبين تبعد المسافات فليس هناك من يقرب بينهما بوجهة النظر، ولا بد من بديل ايجابي وهم الشخصيات السياسية المجتمعية حزبية او غيرها، لكن الكل يلمس ان موقف بعضهم موقف التنظير الاعلامي فقط اي اننا ايضاً فقدنا حلقات وسطى اخرى بين المختلفين.
فهناك من يتعاطى مع الاختلاف على انه سبب مباشر للتفرقة والتشتت ويبقى متشائماً وعلى موقفه، وهناك من يرى انه فرصة للتصيد من اجل ان يصل الى اهدافه ويحقق مصالحه ومكتسباته الشخصية فتراه يصنع الازمات ويحرض عليها ويعمل من اجل تعميقها وتوسيع دائرتها ويعرقل اي جهد للحد منها او لحل الخلاف فهو يجد نفسه ومكانته فقط في الازمات.
وهناك من الشخصيات العقلانية يرى في هذا الاختلاف فرصة لتلاقح الافكار والتكامل وفهم الواقع وفق الامر الواقع، لنستوعب الازمة ونديرها برشد ليبقى الاختلاف تحت السيطرة، فالمشكلة تكمن في طريقة التعامل مع الاختلاف وفق اقل الخسائر او اقل التأثيرات السلبية، لذلك تكمن اهمية وجود شخصيات عقلانية سياسية ومجتمعية تتقن فن ادارة الخلاف، ليحول كل خلاف الى مصدر جديد من مصادر المنعة والقوة الوطنية حتى لا يترك مجالا للمتصيدين من اصحاب الاجندات التي تعمل على تصعيد الموقف وتصعيد الازمة وزيادة الاختلاف.