في الوقت الذي أبدى فيه العالم انبهاره بموكب نقل المومياوات «22 مومياء فرعونية ملكية» من المتحف المصري في ميدان التحرير الى المتحف القومي في منطقة الفسطاط، خرج اعداء الابداع المصرى ومنهم البعض من جماعة الاخوان المسلمين اما للاستهزاء بهذا العمل الذي وصفه العالم بالاسطوري او تحقيره والتقليل من شأنه او انتقاده من الزاوية الدينية وتكفيره، ومن اكثر تلك الاراء المثيرة للاستغراب والسخرية كان راي الشيخ وجدي غنيم أحد قادة جماعة الاخوان المقيم في تركيا، الشيخ غنيم استفزه جدا منظر احدى المومياوات التي لفتت كثافة وحيوي? شعرها وصحته انتباه وإعجاب العالم باسره وعلق على منظرها بقوله (شوف الفجور عندهم، ينقلوا مومياء لوحدة شعرها باين... ازاي يا اخي)، هذا المقطع الذي نشره الشيخ وجدي على «اليوتيوب» تحول إلى مادة للسخرية والتندر عبر الاف التعليقات على موضوع «حجاب تلك المومياء» التي يجهل الشيخ غنيم من هي وما هي قيمتها التاريخية، ولم يتوقف عند ظاهرة شعرها الذي مازال على «قيد الحياة» بعد أكثر من ثلاثة الاف عام والذي بات ومنذ أن شوهد هذا الشعر في الموكب المذكور وهو محط اهتمام بالغ من قبل علماء الانتربولوجيا والطب البشرى على مستوى ال?الم لمعرفة المزيد عن اسرار التحنيط الفرعوني وكيف بقى هذا الشعر على حاله وكأن المراة توفيت بالامس القريب.

 

لم استغرب رد فعل الشيخ وجدي غنيم ولا كلامه فهذا النوع ممن «يتسربلون» بالتدين لا يملكون القدرة على التعاطي مع الظواهر الطبيعية والحياة برمتها الا باحكام اخلاقية جاهزة ومعلبة نابعة من عادات اجتماعية لا علاقة لها لا بالدين ولا بالعلم، فالشيخ غنيم لو كان يعلم من هي هذه المراة السافرة التى حُنطت قبل 3300 سنة وما هي اهميتها في التاريخ وتحديدا التاريخ الفرعوني لما احرج نفسه بطرح سؤاله المغمس بجهل عميق بالتاريخ وبالعلم والمقولب بقالب مخصص للاقتصاص والانتقاص من المعرفة بكل اشكالها والاتكاء على الجهل والغيبات التى ت?تزع من الاشياء ظرفها الزماني والمكاني وتقدمها قربانا للخرافة والاسطورة.

 

لم يكلف الشيخ غنيم نفسه التعرف على المومياء غير المحجبة، وبكل تاكيد لا يريد لانه يعتبر حتى القراءة عنها هو نوع من الكفر والفجور والزندقة، واذا مارس هذا التحدي مع ذاته وعلم أن هذه المومياء هي للملكة «تي» والتي هي زوجة الملك امنحتب الثالث وابنها هو الفرعون اخناتون وحفيدها هو الملك توت عنغ امنون، يعني انها زوجة ملك وام ملك وجدة ملك وكانت من اقوى الشخصيات النسائية في تاريخ مصر الفرعوني بعد الملكة الفرعونية «حتشبسوت» لربما أدرك بأن هذه المومياء ليست مجرد انثى وشعر بل هي أكبر من ذلك بكثير وهذه حقيقة لن يتقبلها ك? من هم على شاكلة وجدي غنيم.