عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Sep-2019

ليست عضًا على الأصابع* رمزي الغزوي
الدستور -
من يصرخ أولاً؛ يخسر وتؤكل بنانة إصبعه، أو تُقطع أو تدمى. هذه ببساطة فلسفة ومبدأ لعبة عضّ الأصابع التي كانت تجرى في زمان ما. رجلان يضع كل منهما إصبعه في فم الآخر، ويبدآن بالعض، ما استطاعا في القوة السبيلا. فيقطر كل فم دماً بمقدار قوة صاحبه، وهشاشة إصبع خصمه أو ضعفها.
وتستمر اللعبة ما ظل الألم مكبوتاً في الداخل. إنها إرادة التحمل والصبر على الوجع، قبل أن تكون لعبة الفك ومضاء الأسنان. ولهذا فمن يتألم صوتياً ويقول (آآآآآآآخ)؛ فسيخسر النزال، وبعد ذلك سيفقد إصبعه، التي ستزداد هرساً بإزدياد قوة خصمه، وهنا سيبدأ المغلوب بالتوسل، وقبول كل شيء يفرض عليه.
لا يعجبني في حال من الأحوال، أن نسمي ما جرى يوم الخميس لعبة عض الأصابع، ليس لأن مطالب المعلمين لا تنطلي على قوة أي طرف أو ضعفه، أو على مدى قدرة تحمله. بل لأن أصابع البلد كلها ستكون في فم هذه الطاحنة التي قد نعلم بدايتها، ولا حي إلا الله يعلم عواقبها. فجميعنا يخسر، ولا أحد ستنجو أصابعه، حتى أصابع الطبشور ستبقى تراباً ما لم تحيها أصابع المعلمين.
سيقول قائل إن بوابة جهنم ستفتح على الحكومة إن استجابت للمعلمين تحت وطأة هذا الضغط، فجميع المهن ستطالب بتعديلات مماثلة، وستتحرك بذات الزخم، (وهي محقة لأن كل موظفي الدولة بحاجة لرفع رواتبهم في هذه الضائقة)، وعندها ستحل الفوضى وتبدأ موجات عض أصابع لا تتوقف ولا أحد يعرف عقباها.
وسيقولون إن المعلمين سيتخذون نجاح هذه المطالبة لوياً للذراع، وكسراً لإرادة الجميع، وأن مطالبهم ستتناسل بعد ذلك على الطالعة والنازلة، أي كلما دق الكوز بالجرة سيشهرون في وجوهنا بعبع الاعتصامات والإضراب. وهنا أرجو أن نحسن الظن بمعلمينا، لأنهم على قدر عال من المسؤولية والوعي والعدالة ستبعدهم عن أي ظلم يطال مجتمعهم وأبناءهم الطلبة.
لا سبيل إلا الحوار والتفاوض بعيداً عن ضغط الإضراب أو التلويح به. لا سبيل إلا الابتعاد عن فكرة العض على الأصابع. فالاصابع أصابعنا. وعلى الطرفين نقابة المعلمين والحكومة أن يشرعا بتسوية الأمر؛ كي لا تتفاقم خسائرنا.