عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jul-2024

الوحدة الفلسطينية، أو إطالة أمد الألم (2)*علاء الدين أبو زينة

 الغد

مع كل الأعمال غير المسؤولة التي استهدفت «منظمة التحرير الفلسطينية» بالهيمنة والتهميش، فإنها ما تزال البديل الذي يتمتع بمعظم المؤهلات لجمع شمل الفلسطينيين في كل مكان وتوحيد قرارهم ومسارهم. فهي تتمتع باعتراف دولي، وينطوي ميثاقها الأصلي على الضوابط والآليات لإعادة تأسيس قيادة فلسطينية موحدة يمكنها إدارة النضال من أجل التحرير بفعالية. وبدلا من «التنشيط» الذي لا يخفي سوء النية من ورائه لـ»السلطة الفلسطينية» –بحكم الجهات المشبوهة الداعية إليه على الأقل- ينبغي أن يقوم الفلسطينيون بتنشيط «منظمة التحرير» بشروطهم هم وبما يخدم مصلحتهم الوطنية. ‏
 
 
تأسست «منظمة التحرير الفلسطينية» في العام 1964 خلال قمة عقدت في القاهرة، تحت رعاية جامعة الدول العربية. وجاء تشكيلها استجابة للحركة الوطنية الفلسطينية المتنامية والرغبة في إنشاء هيئة رسمية تمثل الشعب الفلسطيني وتطلعاته. وكان أول رئيس لها هو أحمد الشقيري، الدبلوماسي الذي عمل ممثلا لفلسطين في جامعة الدول العربية.‏
 
كان الهدف الأساسي للمنظمة هو تحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وقد تم النص على هذه المهمة صراحة في «الميثاق الوطني الفلسطيني»، الذي اعتمدته منظمة التحرير الفلسطينية عند تشكيلها. وهدفت منظمة التحرير الفلسطينية إلى توحيد مختلف الفصائل الفلسطينية وجمع الجماعات السياسية والمسلحة المتباينة تحت مظلة واحدة.‏ وعملت المنظمة من خلال هياكل مختلفة وأطر محددة بمهام معروفة، تلتقي على هدف تنسيق العمل الفلسطيني الموحد وعدم تشتت الجهود والوجهات.
واليوم، ما تزال منظمة التحرير الفلسطينية كيانا سياسيا مهما، عيبه أن دورها طغت عليه السلطة الفلسطينية بحيث أصبحتا شيئا واحدا تهيمن عليه جهة واحدة، ولم تعد هناك قيمة للمنظمة. وفي هذا الوقت الحرج من النضال الفلسطيني، حيث يؤكد كل المخلصين على ضرورة الوحدة الوطنية الفلسطينية على برنامج مشترك، لا بديل عن بعث «منظمة التحرير الفلسطينية» ووضعها في الواجهة وطي الرايات الفصائلية تحت رايتها، علم فلسطين.
يجب أن تمثل منظمة التحرير الفلسطينية المعاد تنشيطها جميع الفلسطينيين، بمن فيهم الفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة والداخل والشتات. وينبغي أن تضمن هذه الشمولية أن تنعكس الأصوات والخبرات المتنوعة للشعب الفلسطيني في عملية صنع القرار، والمشاركة في تطبيقه بعد توزيع أدوار منسقة نحو هدف واحد جامع لا لبس فيه: إنهاء مشروع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين التاريخية. وإذا كان ثمة «تكتيكات» و»مرحليات» على الطريق، فإنها يجب أن تكون ضمن التعريفات الإطارية الراسخة للتحرر الفلسطيني الكامل والنهائي. ‏
ينبغي أن تحرص منظمة التحرير المنبعثة على أقرب شكل من المثالية في العملية الديمقراطية، بالطريقة التي تليق بثورة تحرر لا مكان فيها للمصالح الفئوية والذاتية. وسيكون تشغيل آليات شفافة وديمقراطية داخل المنظمة الشرط الضروري لكسب ثقة الشعب الفلسطيني ودعمه. ويجب أن تساعد الانتخابات المنتظمة وتدابير المساءلة في تحقيق ذلك، بالإضافة إلى البحث عن إشراك أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في الانتخاب أينما أمكن، بمن فيهم فلسطينيو الشتات.‏
وإذا كان العاقل لا يلدغ من جحر مرتين، فإن موازنة المصالح الفئوية بحيث لا يطغى فصيل على منظمة التحرير هو الشرط الأعلى لنجاحها. وإذا توفر الدافع الوطني المخلص، فيجب أن تعمل المنظمة على مبادئ القيادة الجماعية وصنع القرار المشترك. وهذا التوازن أكثر من ضروري للحفاظ على الوحدة والتركيز على الهدف المشترك المتمثل في التحرير.‏ وهو الذي يضمن أن تعمل منظمة التحرير كهيئة مركزية لتنسيق جميع أشكال المقاومة، وضمان أن تكون الجهود الدبلوماسية والمدنية والمسلحة متناغمة ويعزز بعضها بعضا.‏ وينبغي أن يشمل تجديد المنظمة تغيير الحرس القديم وتجميع نخبة تمثيلية من الفلسطينيين الذين يُعرف عنهم انتماؤهم المخلص لقضية فلسطين أولا وأخيرا والاستعداد للعمل على أسس كفاحية وتحمل الكلف التي ستترتب على مواقفهم الوطنية.
يغلب أن يكون هذا التصور رغبة الغالبية العظمى من الفلسطينيين -وحاجة ملحة هنا والآن، واليوم قبل الغد بينما الفلسطينيون تحت الهجوم. ومن لا يعجبه التوافق كمبدأ حتمي لأجل فلسطين، ويروج حديثا إقصائيا يُلمح إلى عداء من أي نوع بين الفلسطينيين، ينبغي عزله وازدراؤه. إنها لحظة تفصل بلا مواربة بين الفلسطيني، والمنسوب زورا إلى فلسطين كما يعرفها الفلسطينيون.‏