عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Dec-2024

امتحان الثقة*جهاد المنسي

 الغد

وضعت الحكومة أمس بيانها الوزاري على طاولة النواب، وطلبت ثقة اعضاء المجلس بموجبه، وفي البيان الوزاري قدمت حكومة الدكتور جعفر حسان رؤيتها وخططها للسنوات الاربعة المقبلة وأيضا طموحاتها، وبرنامجها الزمني الذي من خلاله ستنفذ تلك الرؤي.
 
 
الكرة الآن في ملعب أعضاء مجلس النواب الجديد الذي لم يعرف عدد كبير من اعضائه مثل تلك الاستحقاقات الدستورية وهي المرة الأولى لهم التي يتعين عليهم مناقشة الثقة بالحكومة او حتى مناقشة موازنة الدولة التقديرية للسنة المالية 2025.
 
وكما هو معروف فإن البيان الوزاري والتصويت على الثقة بالحكومة سيكون بوابة الاشتباك الأول بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وسنتمكن من خلال أيام المناقشات تلك معرفة رؤية الحكومة وبرنامجها، ووجهات نظر النواب وقدرتهم على قراءة بيان الحكومة ومناقشته، والخوض في تفاصيله، وأيضا الاستماع لنوابنا الجدد، ومواقفهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، اذ انه لا يوجد افضل من مناقشات الثقة بالحكومة لمعرفة مواقف النواب وقدرتهم على التغيير، ومدى حرصهم على رفع منسوب الثقة بالمجلس ونوابه.
لن أناقش كل مضامين البيان الوزاري، وما جاء فيه من تعهدات وبرامج ورؤى، فالحكومة استبقت الوقوف تحت القبة وتقديم بيانها، واشتبكت إيجابيا مع جمهور المواطنين من خلال زيارات ميدانية قام بها الرئيس جعفر حسان وفريقه الوزاري، فخلال 75 يوما منذ تشكيل الحكومة، قام الرئيس والوزراء بعشرات الزيارات الميدانية، وعقدوا عشرات اللقاءات مع المواطنين، واستمعوا منهم وناقشوهم، وهو ما رفع من منسوب رضا الناس عنها، وفق استطلاعات رأي.
كما أن الحكومة ومنذ تشكيلها استبقت التقدم بيانها الوزاري بعقد سلسلة من اللقاءات مع نواب المجلس، فالتقى الرئيس مع سواد النواب واستمع منهم، وناقشهم في قضايا مختلفة، وفتحت قنوات حوار واتصال، كما تم خلالها الوقوف على رؤى نواب المجلس، وطبيعة الكتل الموجودة فيه، ولم تقف قنوات الاتصال عند الرئيس وانما قام العديد من فريقه الوزاري بفتح خطوط مع النواب وحوارات معهم.
شخصيا آمل ألا يقع النواب في مطب وقع بها اسلافهم في مجالس سابقة، فرفعوا خلال مناقشات الثقة بحكومات سابقة، منسوب النقد للحكومة والرفض لما تقدمت به، وثم يتم منح الحكومة الثقة، وهو الأسلوب الذي ساعد وساهم في تراجع الثقة الشعبية بالمجالس النيابية، ولذا فإن الطموح ليس الاستماع خلال جلسات مناقشات الثقة بالحكومة لخطابات نارية، وانتقادات عالية السقف، وكلمات تذكرنا بمجالس نيابية سابقة كانت تشبع الحكومات نقدا وتقريعا ومن ثم تحصل الحكومة على ثقة مرتفعة جدا، وانما نريد مناقشات هادئة وقراءات متأنية تشي وتشعرنا اننا ندخل مرحلة جديدة من مراحل الإصلاح مرحلة تتعلق بالأحزاب ورؤيتها وبرامجها.
لا يعني ذلك ان ما سبق دعوة لمنح الحكومة الثقة او عدمها فهذا الامر يتعلق بالنواب ورؤيتهم ومواقفهم وبرامجهم، وللنواب كامل الحق في تحديد موقفهم من الثقة وطريقة التصويت، وهو امر يتحدد في ضوء تقاطع برنامج الحكومة مع برامج الكتل النيابية ومدى التزام حكومة الدكتور جعفر حسان بالاقتراب من برامج بعض الكتل وتنفيذ بعضها، فنحن نأمل ان تبدأ مرحلة الصراع البرامجي.
قوة الكلمة ليس في الصوت العالي، او توزيع الاتهامات جزافا، وانما تكمن قوة الكلمات النيابية في قدرتها على تقديم رؤى جديدة، وبرامج للخروج في مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والخدمية والإدارية.
نأمل ونتوقع الاستماع لمناقشات رصينة، وكلمات عميقة، وتحليلات متأنية تجعلنا نحن جمهرة المراقبين والمتابعين نشعر اننا بالفعل دخلنا مرحلة جديدة من مراحل الإصلاح السياسي المنشود، إصلاح يكون للأحزاب حضور في مشهده العام، ويكون حضور الاحزاب تحت القبة فاعلا من خلال كلمات أعضائها في الثقة والموازنة.