منى أبوحمور
عمان -الغد- قلق وتوتر وإحباط تحيط بالطفلة شهد (9 أعوام) عندما تعود من المدرسة، ورغبة بعدم العودة مجددا، رغم أنها تحصد درجات مرتفعة نهاية كل عام.
شهد طالبة بالصف الرابع، وبالرغم من تفوقها وشخصيتها المحبوبة من قبل كل من حولها، إلا أنها في كل مرة تعود من المدرسة تكون بحالة نفسية صعبة؛ إذ تشكو من إحدى زميلاتها ومضايقتها المستمرة لها.
إلحاح شهد على تغيير شعبتها الصفية رغم أنها غير مكتظة بالطلاب، دفع والدتها للبحث وراء الأسباب التي تجعلها تصر على نقلها.
تشارك شهد مجموعة من أطفال العائلة في الغرفة الصفية، ما يؤدي إلى حدوث مشاكل تنتقل من أروقة البيت إلى داخل الصف، لتطغى الحساسية والغيرة.
الإحراج الذي تشعر به والدة شهد بسبب رفض ابنتها الاستمرار في الصف ذاته الذي يجمعها مع بعض فتيات العائلة، دفعها للجوء إلى مديرة المدرسة لحل هذه المشكلة، بنقل ابنتها بدون أن تتعرض للإحراج مع العائلة.
في الوقت ذاته، رفض محمد خالد العودة إلى صفه مجددا بعد محاولات عديدة منه لإبداء وجهة نظره، بعدم ارتياحه في الصف أو رغبته في الاستمرار فيه لوجود مجموعة من الطلاب الذين يتنمرون عليه لارتدائه نظارة طبية.
“أبو أربع عيون” هكذا ينادونه، وكذلك يقومون بمسح اللوح عمدا بعد انتهائه من الكتابة لأنه لا يرى جيدا، تلك التصرفات جعلته يشعر بعدم الارتياح والضيق من الاستمرار في شعبته، بل وأثرت كثيرا على دراسته وتحصيله العلمي.
وجود ابنة مربية الصف في الشعبة ذاتها مع ميار ابنة الصف السادس وميل المعلمات لها وإعطاؤها فرصا في المشاركة، وتمثيل المدرسة في العديد من المجالات، كلها أمور أدخلت شعور القهر إلى قلب ميار التي أصبحت تشعر بالظلم والقهر بسبب هذه التصرفات.
ميار، وبالرغم من أنها طالبة متفوقة وتتصدر أعلى العلامات في الصف، إلا أنها تشعر بالتمييز وأنها مهما حصدت من العلامات تبقى ابنة المعلمة هي الأفضل من وجهة نظر المعلمات.
الحالة النفسية الصعبة التي مرت بها ميار بسبب شعورها بالظلم انعكست سلبا عليها، فلم تعد ترغب بالدراسة والمثابرة والحصول على درجات متقدمة، معتبرة أنه لا فائدة من ذلك.
ويشعر الطلبة، وفق التربوي الدكتور عايش نوايسة، بالترابط مع الزملاء داخل الصف والشعبة الواحدة، ويبحثون دائما عن الانسجام بالمكان، ولكنه لا يحبذ تربوياً تشجيع الطلبة على الانتقال لشعبة أخرى لأن الرفاق أحياناً يكونون مصدر سلوك غير مرغوب داخل الغرفة الصفية.
ويشير إلى أن السبب في بعض الأحيان في الانتقال قد يكون للبحث عن بيئة إيجابية تشجع الطالب وتحفزه، وهنا يكون من المناسب السعي إلى النقل أو العمل على توفير بيئة مماثلة للشعبة التي يريد الانتقال إليها.
ويضيف “أحياناً يشكل المعلم عاملا محفزا على النقل للطلبة؛ إذ يميل البعض إلى التعلق بطريقة تدريس معلم معين دون الآخر”، مشيرا إلى أن على إدارات المدارس وأولياء الأمور عدم تشجيع الطلبة على النقل أو تغيير الشعبة الدراسية، بل العمل على توفير بيئة مماثلة في جميع الصفوف تسمح بالنمو الشامل والمتوازن للطلبة.
أخصائي علم الإرشاد النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة، يبين أن الأصل في تقسيم الطلاب في الصفوف والشعب يتم على أسس أكاديمية وسلوكية وتربوية، وليس توزيعا عشوائيا، ولكن إذا ظهرت هناك حاجات نفسية وأكاديمية للنقل فهنا لابد من القيام به.
في حين يجد مطارنة أن عدم وجود أسباب مبررة لطلب النقل أو غير مقنعة مثل أن يكون صديقه ليس في الشعبة أو لا يحب هذا الصف، فهنا يكون النقل ليس له داع، وعلى الطالب أن يتكيف في أي مكان يكون فيه وأن يواجه مشكلته وألا يهرب منها ضمن إطار البيئة الموجود فيها.
وفي حالات معينة، يقول مطارنة “يمكن أن يكون وجود الطالب في الشعبة يسبب الإحباط له وتأخرا في المستوى الأكاديمي أو هنالك حالة من التنافس أو إشكالية معينة مع أحد الطلاب، ويسبب وجودهم مع بعضهم بعضا في الشعبة نفسها مشكلة”.
ويضيف “يتم النقل بناء على قرار فني مدروس من قبل الهيئتين الإدارية والتربوية والمرشد التربوي ومقابلة الطالب والتكلم معه، ولابد من أن يكون لديه سبب وجيه ومقنع بأن وجوده في هذا الصف يؤثر على نفسيته، وليس بناء على مزاجه فقط”.
قضية تقسيم الطلبة على الشعب الدراسية، بحسب مطارنة، دائما يجب أن تكون مدروسة، وعلى الأسرة ألا تتخذ قرارا بناء على العواطف لأن القرار العاطفي يؤثر على الطفل؛ حيث ينصح أيضا بعدم وضع شقيقين توأمين مع بعضهما بعضا في الصف ذاته، حتى يشعر كل منهما بالاستقلالية والتوقف عن تبعية كل منهما للآخر، ورغبة بالاستقلال وبناء الشخصية.
ويضيف “لابد من أن يكون هناك تنسيق بين الأسرة والمدرسة والمرشد التربوي حول وجهة نظر الطالب والتحديات التي يواجهها داخل الغرفة الصفية، وأن يتوصلوا لقرارات سليمة لمستقبل الطالب ومستوى تحصيله وسلوكه”.
ويشدد مطارنة على ضرورة أن تتابع الأسرة الطالب في المدرسة، والوقوف على الأسباب التي تشعره بالضيق، لكي لا ينعكس ذلك سلبا عليه سلوكيا ونفسيا وتربويا ودراسيا.