عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Sep-2021

السودان يعود لواجهة الصراع السياسي بعد إحباط محاولة انقلاب عسكري

 الخرطوم – استفاق السودانيون، صباح أمس على وقع محاولة انقلاب فاشلة قام بها عدد من الضباط، فيما بادر مجلس السيادة في البلاد إلى إعلان إحباط محاولة الاستيلاء على السلطة، مؤكدا انتصار الثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير في 11 نيسان (أبريل) 2019.

وقال وزير الإعلام والثقافة حمزة بلول المتحدث باسم الحكومة السودانية في كلمة مقتضبة بثها التلفزيون السوداني “تمت السيطرة فجر اليوم (أمس)… على محاولة انقلابية فاشلة قامت بها مجموعة من الضباط في القوات المسلحة من فلول النظام البائد”.
وأضاف “نطمئن أن الأوضاع تحت السيطرة التامة، وتم القبض على قادة محاولة الانقلاب من العسكريين والمدنيين ويتم التحقيق معهم”، فيما الأجهزة الأمنية مستمرة في “ملاحقة فلول النظام المشاركين” في المحاولة.
وأوردت بعض الأنباء أنه تم القبض على اللواء عبد الباقي بكراوي وهو قائد محاولة الانقلاب، فهو قائد سلاح المدرعات، ولفتت إلى “استمرار سيطرته على سلاح المدرعات”.
وذكر عضو المجلس السيادي السوداني، محمد الفكي، أن “الجيش السوداني يتفاوض حاليا مع وحدات عسكرية بسلاح المدرعات تشارك بالانقلاب للاستسلام دون مقاومة”.
وأفادت أنباء نقلا عن مصدر عسكري سوداني أنه تم ـ”اعتقال 40 ضابطا لتورطهم في المحاولة الانقلابية الفاشلة”.
وقال رئيس الحكومة السوداني عبد الله حمدوك من جهته في كلمة ألقاها خلال اجتماع لمجلس الوزراء ونقلها التلفزيون، إن المحاولة الانقلابية كانت “تستهدف الثورة وكل ما حققته من إنجازات”، مضيفا أنه كان “انقلابا مدبرا من جهات داخل وخارج القوات المسلحة”، وأنه “امتداد لمحاولات فلول النظام البائد لإجهاض الانتقال المدني الديمقراطي”.
كلمة حمدوك جاءت بعد اجتماع طارئ مشترك بين مجلس الوزراء وتحالف “قوى الحرية والتغيير” تناول المحاولة الانقلابية.
وقال حمدوك إن المحاولة الانقلابية “كشفت ضرورة إصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية”.
وكانت وسائل إعلام رسمية سودانية أعلنت في وقت باكر صباح أمس عن “محاولة انقلابية فاشلة”، وأعلن مصدر عسكري توقيف ضباط متورطين.
وأكد مصدر حكومي رفيع أن منفّذي العملية حاولوا السيطرة على مقر الإعلام الرسمي، لكنهم “فشلوا”.
وحكم عمر البشير السودان بقبضة من حديد لمدة ثلاثين عاما. في 11 نيسان (أبريل) 2019، أطاح الجيش به واعتقله، بعد أربعة أشهر على بدء احتجاجات شعبية عارمة وغير مسبوقة في البلاد، ضدّه. وتسلّم العسكريون السلطة.
في آب (أغسطس) 2019، وقع المجلس العسكري الانتقالي وقادة الحركة الاحتجاجية المدنيون اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا حتى نهاية 2023 بعد أن أبرمت الحكومة السودانية اتفاقات سلام مع عدد من حركات التمرد المسلحة في البلاد.
وتتألف السلطة الحالية من مجلس السيادة برئاسة عبد الفتاح البرهان، وحكومة برئاسة حمدوك، ومهمتها الإعداد لانتخابات عامة تنتهي بتسليم الحكم الى مدنيين.
وقال محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي والذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، في تصريحات أدلى بها أمس من مركز عسكري في شمال العاصمة “لن نسمح بحدوث انقلاب”، مضيفا، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء السودانية “سونا”، “نريد تحولاً ديموقراطياً حقيقياً عبر انتخابات حرة ونزيهة”.
وأوضح أن “تحضيرات واسعة” سبقت الانقلاب، وتمثلت “في الانفلات الأمني بإغلاق مناطق إنتاج النفط وإغلاق الطرق التي تربط الميناء ببقية البلاد”.
وشدّد على ضرورة “محاسبة الضالعين في الانقلاب من مدنيين وعسكريين وفقا للقانون”.
وقال “سنتخذ إجراءات فورية لتحصين الانتقال ومواصلة تفكيك” نظام البشير الذي “ما يزال يشكل خطرا على الانتقال”.
وعدّد بين هذه الإجراءات “تعزيز ولاية الحكومة على كل الموارد وتوجيهها لتحسين الأوضاع المعيشية”، واستكمال إنشاء المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية.
وشهدت العاصمة وبعض مدن البلاد خلال الشهور الماضية تظاهرات احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية.
وكان حمدوك أشار في حزيران (يونيو) الماضي إلى وجود حالة من “التشظي” داخل المؤسسة العسكرية.
وقال في بيان حينذاك “جميع التحديات التي نواجهها، في رأيي، مظهر من مظاهر أزمة أعمق هي في الأساس وبامتياز أزمة سياسية”.
وأضاف “التشظي العسكري وداخل المؤسسة العسكرية أمر مقلق جدا”.
وقالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية سامنثا باور خلال زيارة إلى الخرطوم في آب (أغسطس)، “الولايات المتحدة تؤكد أن السودان يجب أن يكون لديه جيش واحد وتحت قيادة واحدة”.
وأضافت “سندعم جهود المدنيين لإصلاح المنظومة الأمنية ودمج قوات الدعم السريع والمجموعات المسلحة للمعارضين السابقين”.
وبدت حركة المواطنين والسيارات أمس عادية في وسط العاصمة حيث مقر قيادة الجيش، وفق وسائل إعلان الا أنها أكدت تواجدا عسكريا بآلياته في عدد من المواقع في العاصمة، كما أغلق الجيش جسرا يربط الخرطوم بمدينة أم درمان على الضفة الغربية لنهر النيل حيث يوجد في أم درمان مقرّا الإذاعة والتلفزيون الرسميان.
وبثت الإذاعة الرسمية “راديو ام درمان” و”تلفزيون السودان” الرسمي منذ الصباح أغاني وطنية.
ودان حزب الأمة القومي، أكبر الأحزاب السودانية، المحاولة الانقلابية.
كما أبدت لجان مقاومة الأحياء السكنية التي كانت تنظم الاحتجاجات ضد البشير، استعدادها للخروج الى الشارع ومقاومة أي انقلاب عسكري .
وللسودان تاريخ مع الانقلابات العسكرية منذ استقلاله في العام 1956. فقد حكمه الفريق عبود من العام 1958 الى 1964، ثم المشير جعفر نميري من 1969 الى 1985، والبشير من العام 1989 الى 2019.
وأطيح بكل الحكومات العسكرية بانتفاضات شعبية في أعوام 1964 و1985 وأخيرا 2019.
والبشير موجود حاليا في سجن كوبر بالعاصمة السودانية. وأعلنت الحكومة السودانية استعدادها لتسليمه الى المحكمة الجنائية الدولية التي كانت أصدرت في 2009 مذكرة توقيف بحقه بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع المسلح في دارفور الذي اندلع في 2003 بين القوات الحكومية مدعومة بميليشيات، ومجموعات من المتمردين، وقتل خلاله أكثر من 300 ألف شخص.
ويحاكم البشير أمام محكمة سودانية بتهمة القيام بانقلاب العسكري على النظام في حزيران (يونيو) 1989.-(أ ف ب)