عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Apr-2025

الجمهوريون يستيقظون أخيرا على حقيقة ترامب

 الغد

 شون أوغريدي* - (الإندبندنت) 2025/4/11
 
تتصاعد داخل صفوف "الحزب الجمهوري" نفسه معارضة متزايدة لسياسات ترامب التجارية، مع بروز شخصيات بارزة تحذر من عواقبها الاقتصادية وتدعو إلى مواجهته، في مؤشر على تحرك داخلي محتمل للحد من نفوذه. وبينما يخرج الرئيس الأميركي بمصطلح جديد لوصف النقاد الذين تتضاعف أعدادهم، ويرفعون الصوت ضد سياسته المتعلقة بالتعرفة الجمركية، يرى كاتب المقال أن على "المذعورين" في كل مكان أن ينهضوا ويتبنوا هذا الوصف بفخر -ويتمنى أن يطبعوه على قبعات بيسبول حمراء.
 
 
***
يتساءل عدد من الناس -ومنهم بعض الجمهوريين البارزين- وليس للمرة الأولى: "من يستطيع أن ينقذنا من دونالد ترامب؟"؛ هذا الرجل الذي قضى حياته في ازدراء أعراف الولايات المتحدة وقوانينها -وصولاً حتى إلى دستورها نفسه- من أجل تكديس الثروات والسلطة، يقف الآن ضد بقية العالم برمته. ومن خلال حربه التجارية غير المبررة وغير المنطقية -التي أقحم نفسه بها في لعبة خطرة وغير عقلانية مع الرئيس الصيني شي- أصبح زعيم عصابة ذات بعدٍ عالمي.
خاطب الرئيس أولئك المحقين في قلقهم من الضرر الذي يطال اقتصاد الولايات المتحدة والعالم، مدلياً بتصريح من تصريحاته الرصينة المعهودة باعتباره رجل دولة حصيفًا: "لدى الولايات المتحدة فرصة للقيام بأمر كان من الواجب فعله منذ عقود طويلة، لا تكونوا ضعفاء! لا تكونوا أغبياء! لا تكونوا مذعورين! (هذا حزب جديد يتكون من أشخاص ضعفاء وأغبياء!) تحلوا بالقوة والشجاعة والصبر وسوف تكون العظمة هي النتيجة!".
لا يبدو الوضع بهذه العظمة حتى الآن، لكن ترامب بحديثه ربما أطلق من حيث لا يدري حركة مقاومة جديدة: حزب المذعورين (بانيكان).
حزب المذعورين، البعيدين تماماً عن الضعف والغباء، هو أولئك الذين يغلّبون مصلحة البلاد على مصلحة الحزب -ولديهم الشجاعة الكافية ليتصدوا لمتنمر واهم يحطم معايير المعيشة للعمال الأميركيين. هؤلاء الأميركيون هم الأقوياء والشجعان والصبورون الذين يدركون أن أميركا ليست ملكية ترامب الخاصة.
على "المذعورين" أن يحملوا هذا اللقب بفخر ويطبعوه على قمصانهم ويلصقوه على سياراتهم وعلى قبعات البيسبول الحمراء كذلك.
لقد أخفقت حواجز الحماية التقليدية التي تمنع إساءة استخدام السلطة حتى الآن بصورة شبه تامة. وجرى العمل على تفكيكها في الأماكن التي كانت تهدد فيها بأن تُحدث بعض الأثر الحقيقي -لا سيما من خلال بعض الوكالات الفيدرالية وحرية وسائل الإعلام في الحركة.
ولكن، بينما تزداد احتمالات أن تفضي تعرفة ترامب الجمركية إلى ركود ترامب الاقتصادي، بدأ الحزب الجمهوري، الذي كان غارقاً في سبات، يستفيق ويتحرك، وهو ما يحدث لبعض أصحاب الأعمال كذلك. إنها التعبئة في صفوف المذعورين.
ولعل إيلون ماسك أكثر -وأقل- شخص في آن معاً يثير انضمامه إلى صفوف المذعورين الدهشة. وما يثير الدهشة في ذلك هو شدة تقاربه مع ترامب في الآونة الأخيرة، بينما لا يعود في الأمر غرابة إذا نظرنا إلى أن سياسات ترامب سوف تدمر شركة سيارات "تسلا" التي يملكها، بينما محت بالفعل مليارات الدولارات من صافي ثروته. ولكن لا داعي للقلق، إنه ما يزال يملك ما يكفيه ليتدبر أموره.
أعاد ماسك نشر فيديو قديم لطيف لمتخصص اقتصاد السوق الحرة العظيم، ميلتون فريدمان، استخدم فيه صناعة قلم الرصاص مثالاً لكي يشرح من خلاله مزايا التجارة الحرة، كما هاجم ماسك بيتر نافارو، مستشار ترامب الذكي لكن المضلل في شؤون التجارة، وقال "إن شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد هي شيء سيئ وليس جيداً. إنها تتسبب في تقلص الذكاء".
ويضاف إلى المذعورين ملياردير آخر موالٍ لترامب هو بيل آكمان، الذي استقطب اهتماماً كبيراً بقوله: "إننا نتوجه نحو شتاء نووي اقتصادي جلبناه على أنفسنا، وعلينا البدء في الاستعداد له".
ويشهد الكونغرس أيضاً أصوات معارضة لا تنحصر في صفوف الديمقراطيين وحدهم. وإذا أخذنا مثالاً تيد كروز، الذي لا يعتبره أحد نموذجاً لليبرالية المناصرة للعولمة، فإننا نجده يقول محذرًا: "إن الرسوم الجمركية هي ضريبة على المستهلكين. وأنا لا أحب رفع الضرائب على المستهلكين الأميركيين. لذلك آمل أن تكون هذه التعرفة قصيرة الأمد وأن تستخدم كوسيلة ضغط من أجل خفض الرسوم الجمركية في أنحاء العالم كافة". ويتوقع السيناتور أن تكون الانتخابات النصفية في الكونغرس العام المقبل "دموية".
ويميل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ سابقاً، ميتش ماكونيل، والسيناتور راند بول وغيرهما إلى تأييد هذه الفكرة: إن رسوم ترامب غير منطقية إلى حد بعيد، أو حتى غير منطقية مطلقًا، من الناحية المالية.
هل يتمكن هؤلاء وحلفاؤهم من إيقاف ترامب؟ الإجابة هي أنه إذا لم ينكسر المذعورون، من ناحية شعورهم بالتهديد من ترامب نفسه، وإذا عملوا مع خصومهم السياسيين، فإنهم سيقدرون على ذلك.
تكمن المفارقة الكبرى في هذه المسألة في أن السياسات التجارية، والرسوم الجمركية ضمناً، هي رهن قرار للكونغرس وفقاً للدستور، وتحديداً الفقرة الثامنة من المادة الأولى. ومن المفترض أن يمتلك الكونغرس القدرة على استعادة السيطرة على السياسة التجارية -إذا سمحت له المحكمة العليا بذلك بطبيعة الحال. وهناك بعض المحاولات التي تُبذلك لتحقيق هذا، ولكن يبدو في الوقت الحالي أن إحكام ترامب سيطرته على مجلس النواب سيعوق هذه التحركات.
لعل الأمر الأكثر واقعية هو ممارسة الضغط السياسي العادي من داخل صفوف الحزب الجمهوري نفسه، على الأقل من الأفراد الذين لم يقعوا ضحية لفيروس "ماغا" العقلي بعد.
إن الذين يقفون خلف أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب هم ملايين الأميركيين من عمال ومستهلكين ومدخرين... وناخبين. وعندما يُسرحون من وظائفهم في شركات تصارع بعد انهيار سلاسل التوريد ويواجهون ارتفاعاً هائلاً في أسعار السلع المستوردة، ويشهدون انهيار قيمة صناديق التقاعد، فسوف يصبون جام غضبهم على الحزب الذي يحمّلونه مسؤولية ما حدث لهم.
وبذلك، إما أن يغير ترامب مساره بسرعة لمعرفته بالكارثة التي تنتظره عندما يستعيد الديمقراطيون السيطرة على الكونغرس، أو أن يتحدى المذعورين ويدخل معترك تلك الانتخابات "الدموية" التي ذكرها كروز.
باستخدامه القبضة التي يفرضها تيار "ماغا" على عملية اختيار المرشحين الجمهوريين، يستطيع ترامب دائماً أن يهدد المعارضين بأنهم سيتعرضون لـ"منافسة أساسية" -أي الإطاحة بهم عبر مرشح موالٍ له. وليس توماس ماسي، النائب عن ولاية كنتاكي، سوى آخر شخصية تتعرض للتخويف بهذه الطريقة على خلفية مشروع قانون الموازنة. ولذلك، تبدو الولايات المتحدة متجهة نحو اختبار إضافي لمدى مرونة نظام حكمها ونحو أزمة دستورية تُضاف إلى أزمات الأمن الدولية التي أثارها ترامب.
لكننا نقول، باستعارة أسلوب ترامب نفسه، إنه في حال لم يواجه الجمهوريون الرجل، فإنهم سوف يفقدون بلدهم، ناهيك عن حزبهم.
يا مذعوري أميركا، استعدوا للقتال!
 
*شون أوغريدي Sean OGrady: صحفي بريطاني يشغل منصب المحرر المساعد في صحيفة "الإندبندنت". يكتب الافتتاحيات والمقالات المتعلقة بالسياسة والاقتصاد، بالإضافة إلى مراجعات في مجالات مثل التلفزيون والسيارات. بدأ أوغرادي مسيرته مع "الإندبندنت" في العام 1998، وقبل ذلك، عمل في البرلمان البريطاني، والقطاع المالي، وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC).