عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Oct-2024

الاهتمام بالشباب سيمفونية حكومية.. كيف نتخلص من نشازها؟

 الغد-تغريد السعايدة

 في مرحلة جديدة، وفي ظل ظروف وتحديات كبيرة، يطلب من مختلف السلطات؛ منها التشريعية والتنفيذية، مراعاة متطلبات جميع أطياف المجتمع، وبخاصة فئة الشباب التي يعول عليها المراقبون والشعب في تقديم حلول مبتكرة للقضايا الملحة، وتفعيل دورهم في الحياة السياسية والاجتماعية.
 
يتطلع الشباب إلى مستقبل زاهر، وتتجدد آمالهم مع كل مرحلة جديدة تشهد فيها الدولة تغيرات سياسية واجتماعية؛ حيث تتعالى أصوات الشباب مطالبة بالالتفات أكثر لشؤونهم ومطالبهم. فطموحاتهم لا تقتصر على مراحل معينة من حياتهم، بل تمتد لتشمل بناء مستقبل أفضل للمجتمع ووضع اللبنات الأولى لمشاريع مبتكرة وخطط عملية تلبي احتياجات الشباب وتدعم مساهمتهم الفاعلة في بناء الوطن.
 
الآن، وبعد أن وصل نواب المجلس النيابي العشرين؛ يقف الشباب وكلهم أمل لتحقيق طموحاتهم، وذلك عبر منصاتهم المختلفة، يعبرون بوضوح عن مجموعة من المطالب التي تتعلق بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ما يتطلب من الحكومة والنواب الجدد الاستجابة لها والعمل الجاد على تنفيذها، وعلى الشباب بدورهم المشاركة الفاعلة في الحوار المجتمعي وتنظيم أنشطة توعوية لإيصال تلك المطالب المشروعة.
خبراء ومختصون، يؤكدون أهمية أن تتواءم تطلعات الشباب في ظل هذه الظروف الإقليمية المحيطة، ومتطلبات سوق العمل، وتأمين حياة كريمة لهم، مع ما سيقدمه المسؤولون في الحكومة الجديدة خلال الفترة المقبلة، وغالبية الشباب، كما باقي المجتمع الأردني، يراقبون أداء الحكومة ومجلس النواب على حد سواء، للتقييم.
ولعل اعتماد قانون الانتخابات النيابية لهذه المرة، أن يكون ضمن القوائم الحزبية من يمثل فئة الشباب ضمن مرشحيها، بحيث يجب أن تشمل كل قائمة حزبية شابا أو شابة يقل عمره أو عمرها عن 35 عاما ضمن أول خمسة مترشحين، يعد دلالة على إصرار الدولة على وجود مساحة للشباب لأن يكونوا ضمن فئة صانعي القرار والمشرعين فيها، الأمر الذي يدعو إلى إعطاء الأولوية للكثير من القضايا التي تلامس تلك الفئة الفتية التي يتشكل منها جزء كبير من المجتمع الأردني.
المختص والخبير في قضايا الشباب الدكتور محمود السرحان، يلفت إلى أهمية إجراء مراجعة شاملة لمجمل المسيرة المجتمعية، وممارسة النقد الذاتي الرصين والتأشير على نقاط الضعف، بغية تقليصها والحد من تأثيرها، والالتفات للفرص المتاحة لاستثمارها، والتنبه للتهديدات والتحديات لمجابهتها وتوفير الحلول العملية والعلمية الممكنة لها.
كما بين السرحان أن الأولوية الأولى أمام الحكومة هي البناء على إيجابيات المرحلة السابقة، والسعي الحثيث لبقاء شراكات حقيقية محلية، عربية ودولية، لاقتراح حلول واقعية لمشكلتي البطالة والفقر، وتوفير فرص اقتصادية للشباب، الباحث عن حلول إبداعية وخلاقة لمشكلاته المختلفة.
وليس هذا فحسب، يقول السرحان، بل من الأولى أيضا التفكير خارج الصندوق، والسعي الجاد والمخلص لتجسير الفجوة المتناهية بين الواقع والطموح، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ضرورة إحداث مواءمة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل، فضلاً عن إصلاح التعليم ليتناسب مع توجيهات وتطلعات الشباب.
ووفق السرحان، فإن الأولوية لم تعد فقط توفير التعليم للجميع، على الرغم من أهمية ذلك، بيد أن التفكير في نوعية التعليم المنتمي لمفردات الزمن الجديد القادر على إحداث نقلة نوعية في مسار حياة الشباب، هو الأجدى، بحيث يشمل جملة من المرتكزات، وأبرزها "تعلم لتكون، وتعلم لتعمل وتعيش مع الآخرين"، وإلا فإن النتيجة ستكون "راوح مكانك"، على حد تعبيره.
ويشدد السرحان المطلع على الكثير من تفاصيل القضايا الشبابية، على أهمية إجراء خطوات فعالة في كل ما يتعلق بالشباب، إذ إن محاولات "المجاملة والتسويف والمماطلة وشراء الوقت"، كما يصفها، لن تحدث فرقاً إيجابياً ملموساً، فالتنمية الشاملة والمستدامة لن تتحقق إلا بمشاركة الجميع ولصالح الجميع وتوفير الفرص والأمل والوعد للشباب بحياة كريمة حاضراً ومستقبلاً.
وعليه، فإنه من الضروري تفعيل الشبابية والريادية وتجسيد مضامينها كواقع حياتي معاش، وإحداث تنمية شاملة ومستدامة واضحة، لحياة أفضل للشباب والمجتمع سواء بسواء.
ومن جهته، يتحدث الاستشاري والخبير التربوي عايش النوايسة، لـ"الغد"، عن هذه المرحلة التي يشهد فيها الأردن تحولا مهما في الجانب السياسي، إذ أفرزت عملية التحديث السياسي، مشاركة شبابية سواء في الاقتراع أو في الترشح، وقد نتج عن هذا وجود جسم شبابي داخل مجلس النواب، ولعل الدافع خلف هذه المشاركة الشبابية مرتبط وإلى حد كبير في الاستجابة إلى تطلعات الشباب في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ولعل أبرز هذه التطلعات؛ التحول نحو اقتصاد فاعل قادر على إيجاد فرص العمل أمام الأعداد الكببرة من الشباب المتعطلين عن العمل، إذ يبين النوايسة أن معدل البطالة في الأردن عالٍ، ويصل حسب الإحصاءات الرسمية إلى 24 %، ولدى الشباب اليوم توجه نحو المشاركة الفعلية في صناعة القرارات سواء على المستوى النيابي أو على مستوى المجالس الشبابية المنتشرة في الأردن والتي تشرف عليها وزارة الشباب، لذا كان توجه الحكومة نحو اختيار وزير شاب لقيادة الوزارة للاستجابة إلى هذه التطلعات من خلال تطوير حقيقي لدور وزير الشباب يخرجها من دورها التقليدي إلى دور يكون الشباب هم المحرك الفعلي في بناء وتنفيذ الأنشطة التي تشجع على انخراطهم في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ولدى الشباب تطلعات كبيرة نحو علاقة إيجابية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتنعكس على الحياة السياسية في إبداء آرائهم في القضايا العامة بصورة مؤسسية تسهم في رفعة الأردن وتقدمه، ولعل الهم الأكبر لدى الشباب هو التحول في شكل التعليم بما يتواءم مع حاجات سوق العمل، بمعنى المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، كما يتفق في ذلك النوايسة والسرحان.
ومن خلال إجراء تطوير حقيقي لبرامج التعليم العالي في الجامعات والتركيز على التعليم التطبيقي ومراجعة خطط التعليم وبمشاركة شبابية من خلال استطلاع آرائهم، يؤمن الشباب اليوم أن مدخل الخلاص من البطالة يبدأ من التعليم بالمدارس والجامعات من خلال تغيير وتطوير خطط التعليم وبشكل خاص في التحول نحو التعليم المرتبط بالتطورات التقنية والرقمية والذكاء الصناعي وما يحتاجه من سوق العمل.
يعتقد النوايسة أن الشباب لديهم تصور نحو تطوير التعليم المهني، ولديهم إقبال كبير عليه كون فرص العمل متاحة، لكن شكل التعليم والتدريب والتطبيق لا يؤدي إلى إكساب المهارات المطلوبة وبما يتواءم مع الحاجات المهنية.
بينما، وفي الجانب السياسي الحزبي، يقول النوايسة إن إقبال الشباب على التسجيل والانتساب للأحزاب، ما هو إلا دلالة على تطلعات نحو مشاركة فاعلة في الحياة السياسية، لذا فإن هذه التطلعات اليوم مرتبطة بالممارسات الحزبية داخل البرلمان ومدى تحقيق هذه التطلعات، التي تتواءم مع ما يطمح له الشباب الأردني في المرحلة المقبلة.
وفي السياق ذاته، تؤكد خبيرة علم الاجتماع الدكتور فاديا إبراهيم، أن الشباب يمثل نسبة كبيرة من السكان في الأردن، وهم بمثابة العمود الفقري لأي رؤية حكومية جديدة، كونهم يملكون الطاقة والإبداع اللازمين لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع والاقتصاد، ومن هنا يجب تسليط الضوء على هذه الطاقات وتوجيهها نحو بناء مستقبل ريادي واعد، عبر توفير فرصة للشباب من جميع أنحاء المملكة لاكتساب المهارات والقدرات اللازمة لتحويل أفكارهم إلى مشاريع حقيقية.
وترى إبراهيم أنه يجب على الحكومة الجديدة دعم المراكز الشبابية ودعم بيئة ريادة الأعمال للشباب في المملكة، من خلال توفير محتوى تدريبي تعليمي مكثف للشباب، وجلسات إرشاد وتوجيه مخصصة، واتباع نهج متكامل يهدف إلى بناء جيل جديد من رواد الأعمال القادرين على المساهمة في اقتصاد البلد وتعزيز مكانتها كمركز ريادي على المستوى العالمي.
ومن الضروري الاهتمام بتعليم الشباب في مختلف المجالات، والتركيز على المراكز الشبابية، بالإضافة إلى الارتقاء بمنشآت الشباب وتشجيع المبادرات الإبداعية، وتطوير وتنمية هذه المنشآت في خدمة المجتمع وتنمية مواردها وتحسين خدماتها، والإسهام بشكل فاعل في دعم مبادرات الشباب في بداياتها بما يسهم في إطلاقها ونجاحها، وترسيخ روح المبادرة ورفع مستوى الوعي بثقافة العمل الحر لدى الشباب كافة، والريادة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي في تحفيز الشباب.
وترى إبراهيم أن أكبر العقبات التي قد تعيق تحقيق كل تلك الرؤى، هي الخطط والاستراتيجيات القديمة التي لا تنسجم مع طموح الشباب والتطور السريع في المجتمعات والعالم، ونقص الدعم أحيانا ومحدودية الموارد المقدمه للشباب وقلة الدعم اللوجستي، والمركزية وغياب العدالة والمساواة في توزيع الفرص على الشباب.
وتنوه إبراهيم إلى أن التركيز على الجوانب العلمية والتقنية والابتعاد عن الجوانب الثقافية والاجتماعية، قد يكون من أسباب غياب الوعي لدى الشباب والقدرة على التطوير، عدا عن محدودية الدعم المعنوي الموجه للشباب للانخراط والمشاركة في الأعمال التطوعية والخيرية التي تحتاجها مجتمعاتهم.
التحدي الأكبر والأصعب والأهم، بحسب إبراهيم، هو عدم وجود حلول حقيقية وملموسة لمشكلات الشباب، مثل البطالة والفقر والمخدرات، التي تضعف من طاقات شبابنا وتبث روح الإحباط واليأس لديهم، لذا يجب أن ينتقل الشباب لفضاء أوسع، لتكون كل الوزارات معنية برعاية واحتضان الشباب وتوفير الآليات المناسبة لهم والتي تساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.