عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Nov-2021

الرأي العام الشعبي والرأي العام الرسمي*د. هزاع عبد العزيز المجالي

 الراي 

نعلم جميعا أن التطور العلمي الهائل الذي حصل في مجال وسائل الاتصالات، ابتدأ من انتشار البث الفضائي التلفزيوني عبر ما يسمى (بالستلايت)، ومن ثم ما حصل بعد ذلك من ثورة علمية هائلة، في مجال الاتصالات الهاتفية، وما يقدمه من خدمات متنوعة عبر (وسائل التواصل الإلكتروني) المختلفة تتابع من خلالها كل أخبار العالم، فجعلت العالم كما يقال (قرية صغيرة).
 
بل إن تلك الخدمات بمختلف مسمياتها أصبحت المحرك للعلاقات الاقتصادية، ليس على مستوى الدولة فقط، بل على مستوى العالم، وكذلك أصبحت تلعب دورا كبيرا في العلاقات الاجتماعية والسياسية، وعلى كافة المستويات والأصعدة، حتى أن كثيرا من كبار رؤساء الدول والسياسيين، أصبحوا يعبرون عن آرائهم ومواقفهم من خلالها، لأنها الأسرع والأكثر انتشارا في إيصال المعلومة.
 
ومن المؤكد أيضا أن إمكانية ضبط مخرجات هذا العالم الإلكتروني الواسع أصبح مستحيلا، لذلك فإن من أهم المشاكل التي تواجهها جميع الدول، هو عجز التشريعات القانونية عن مواكبةهذا التطور السريع, لا سيما في مجال الجرائم الإلكترونية على كافة أنواعها ومسمياتها، والحديث يطول في هذا المضمار.. وما يهمنا هنا أن تلك الحالة أوجدت لدينا ما يسمى (الرأي العام الشعبي)، وهنا مربط الفرس.. فمن هو المحرك الفكري أو المرجعي الذي يؤدي إلى تكوين هذا الرأي، وما هي نوعية التغذية الراجعة، أو مصدر المعلومة؟ وما هي المحاذير والضوابط التي تحدد معالم الرأي العام الشعبي لدينا؟ كثير من الأسئلة تحتاج إجابات، وبخاصة في ظل ضعف وسلبية مؤسسات المجتمع المحلي مثل: الأحزاب السياسية في التعبير عن المواقف الشعبية، وكذلك التشكيك وعدم الثقة الكافية في مجلس النواب، في التعبير عن الرأي العام الشعبي، وأنه منساق خلف رغبات الحكومة..
 
فإذا ما قبلنا بهذا الواقع، وإن كان مبالغا فيه، فإننا لا ننكر في المقابل، أن الرأي العام الشعبي، أصبح لديه سماته ومزاجه الخاص، فهو دائما في حالة مستمرة من الرفض والإتهام، وفكر المؤامرة تجاه أغلب ما يصدر عن الحكومات المتعاقبة من قرارات، ويعود ذلك في كثير من الأحيان إلى ضعف التغذية الراجعة، وأقصد هنا المبررات والتفاصيل الصريحة، التي دفعت الحكومة لإصدار هذه القرارات، بمعنى انعدام لغة التواصل والإقناع (المكاشفة)..
 
ففي كثير من الأحيان يشعر المواطن بأن الحكومة تتحدث معه، فيتم توظيف ذلك في كثير من الأحيان من قبل أشخاص، بعضهم ليس لديه المعرفة الفكرية، أو أصحاب مصالح (ملونين) لدى بعضهم أجندات خاصة بطريقة استفزازية تدغدغ مشاعر الناس.
 
ولكننا أيضا، وإن كنا نعلم أن هناك بعض القرارات تصدر، لها أبعاد سياسية أو اقتصادية، تمليها المصلحة الوطنية في ظل ضيق الخيارات، على قاعدة (مجبر أخاك لا بطل)، إلا أنني أوجه اللوم للحكومة، أنها في كثير من الأحيان لا تدافع عن قراراتها أمام الرأي العام عبر المكاشفة والمصارحة وإبداء الأسباب، وبأن قرارها جاء في ظل المفاضلة بالاختيارات، كما حصل قبل أيام في اتفاقية النوايا (المياه مقابل الطاقة) مع (إسرائيل).. فالمطلوب إبداء الأسباب والمبررات، وايجاد أرضية مشتركة حتى يتفق الرأي العام الشعبي مع الرأي الرسمي، وبعيدا عن المهاترات تبقى المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار..