عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Aug-2024

"السلامة الرقمية" مشروع وطني يتصدى للابتزاز والاحتيال ضد الأطفال واليافعين

 الغد-ديمة محبوبة

 أكدت مدير عام الجمعية الملكية للتوعية الصحية د. أمل عريفج أن التسارع في تطور أدوات التكنولوجيا واستخدامها من جميع الفئات العمرية والاجتماعية جعلت السلامة الرقمية هاجسا يوميا للكثيرين الذين يجدون أنفسهم في مواجهة دائمة مع مخاطر الإنترنت وتأثيراته على الأبناء.
 
 
وأضافت خلال ورشة تدريبية أقامتها الجمعية مؤخرا لعدد من المختصين في مجالات مختلفة، أن السلامة الرقمية ليست مجرد مسألة تقنية أو إجراءات وقائية، بل هي وسيلة لتعزيز السلوكيات الإيجابية وتمكين الجميع، وخاصة الأطفال، من استخدام التكنولوجيا بشكل آمن ومفيد.
 
ووفق قولها، فإن السلامة الرقمية وجدت لتوصيل المعلومات الصحيحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجيه المستخدمين نحو الاستخدام الآمن والحماية من المخاطر المحتملة.
وتتعدد سبل الحماية الأسرية، بدءا من البرامج والتطبيقات التي تساعد في مراقبة استخدام الإنترنت، إلى توعية الأبناء بمخاطر الشبكة وتعليمهم كيفية التصرف حيال المحتوى غير المرغوب فيه.
وتعتبر أن الدور الأساسي للأهل هو ليس فقط توفير الحماية، بل أيضا تعزيز الوعي لدى أبنائهم حول الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، وأن يكونوا على دراية بتطورات العالم الرقمي، لأن الوعي هو الدرع الأقوى ضد مخاطر الإنترنت.
وتحدثت خلال الورشة من قسم الدراسات والأبحاث في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات المهندسة مها المعشر، عن الجهود المستمرة التي تبذلها الهيئة لتوفير بنية تحتية متقدمة للشبكات التكنولوجية، مؤكدة أن الهيئة رغم عدم إلزاميتها بتوفير الحماية الرقمية للمستخدمين، فقد اتخذت خطوات مهمة لتأمين بيئة آمنة على الإنترنت، بما في ذلك توفير حماية عائلية لمستخدمي الإنترنت.
وتوضح أنها عملت أيضا مع فريق دولي مختص بحماية الطفل على الإنترنت لوضع إرشادات للاستخدام الآمن للإنترنت، وتم نشر هذه الإرشادات عبر موقع الهيئة لتكون مرجعا مهما للمستخدمين. 
وتشير إلى أن الهيئة قامت بنشر قانون حماية البيانات الشخصية، وهو خطوة تعكس التزام الهيئة بحماية خصوصية المستخدمين وضمان أن تكون بياناتهم الشخصية محمية بشكل كامل.
وتطرقت المهندسة المعشر إلى أهمية الأدوات الرقمية في تعزيز رفاهية الأطفال واليافعين، مشيرة إلى أن هذه الأدوات تلعب دورا كبيرا في تحسين جودة حياتهم، سواء من خلال التعلم أو الترفيه، منبهة إلى التحديات التي تواجه الهيئة في ضمان أن تكون هذه الأدوات آمنة وفعالة في آن واحد.
ويبين خبير أمن معلومات وأدلة رقمية في وحدة الجرائم الإلكترونية النقيب أيوب أبو ربيع، أن السبب وراء ارتفاع عدد الجرائم الإلكترونية لا يكمن في زيادة أفعال الجرائم بحد ذاتها، بل في التوعية المتزايدة بأهمية الإبلاغ عنها ورفع القضايا، إلى جانب كسر حاجز الخوف الذي كان يمنع الضحايا من التحدث علانية عن ما يتعرضون له.
ويقول أبو ربيع، "زيادة الجرائم الإلكترونية التي نشهدها ليست بالضرورة نتيجة لتزايد الجرائم نفسها، بل هي انعكاس لوعي الناس بأهمية رفع القضايا والتبليغ عنها، ففي السابق، كان الخوف من الفضيحة أو عدم الثقة في قدرة السلطات على التصرف يمنع الكثيرين من الإبلاغ عن حوادث مثل الابتزاز الإلكتروني، خاصة عندما يتعلق الأمر بالابتزاز الجنسي أو المالي".
ويضيف "اليوم، نحن بحاجة إلى تعزيز هذا الوعي بشكل أكبر، ليس فقط لحماية البالغين ولكن أيضا لحماية الأطفال من المخاطر الرقمية، كما يجب أن نكون على دراية بالتهديدات التي قد تصدر من بعض الأطفال أنفسهم، مثل الهجمات الإلكترونية التي يقوم بها أطفال هاكرز".
ويشير أبو ربيع إلى خطورة انتشار الابتزاز الإلكتروني، والذي يشمل دفع الفدية أو التعرض للابتزاز الجنسي، مؤكدا على ضرورة كسر حاجز الصمت وعدم الخوف في مثل هذه الحالات، والتوجه فورا إلى السلطات المختصة للتعامل مع الموقف بحزم وسرية.
رئيس قسم الإرشاد التربوي في وزارة التربية والتعليم بسام الهباهبة يتحدث عن التحول الكبير الذي شهدته المدارس في التعامل مع التكنولوجيا بعد جائحة كورونا، مؤكدا أن امتلاك الطلاب للهواتف الذكية والإنترنت كان مختلفا تماما قبل الجائحة عما أصبح عليه بعدها. 
ويقول الهباهبة "قبل جائحة كورونا، كان استخدام الهواتف الذكية والإنترنت في المدارس موضوعا نقاشيا، وكانت هناك مخاوف من تأثير التكنولوجيا على تركيز الطلاب وأدائهم الأكاديمي، لكن بعد الجائحة، تغيرت الأمور تماما، وأصبح امتلاك الطلاب لهذه الأدوات ضرورة ملحة".
ويضيف الهباهبة، أن هذا التحول لم يكن سهلا على الجميع، سواء الطلاب أو المعلمين أو حتى أولياء الأمور، والتكيف مع هذا الواقع الجديد تطلب جهودا كبيرة من جميع الأطراف، والتحدي الأكبر كان في كيفية استخدام هذه التكنولوجيا بشكل فعال دون أن تصبح مصدرًا للإلهاء، وكيفية ضمان أن تكون أداة للتعلم وليس للترفيه فقط.
لكن المدارس الحكومية بحاجة أكبر لنشر الوعي في كيفية الاستخدام الآمن للإنترنت وما يتعرض له الطلاب والطالبات، والحديث عن أي مشكلة، لكن مع وجود ما يقارب 8000 مدرسة في الأردن، ووجود مرشد تربوي واحد لكل مدرسة والتي أحيانا يتواجد بالمدرسة الواحدة ما يقارب 1000 طالب أو طالبة ما يعني أن فكرة التوعية أمر صعب، وبحاجة إلى مجهود أكبر ووطني وليس اعتمادا على مؤسسة واحدة.
من جانبه يوضح الاستشاري وخبير سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمدير التنفيذي للجمعية الأردنية للمصدر المفتوح عيسى المحاسنة، أن أدوات السلامة الرقمية ليست مجرد برامج أو تطبيقات للحماية، بل هي منظومة متكاملة تهدف إلى تعزيز الوعي وتمكين المستخدمين من التعامل بشكل آمن مع التكنولوجيا، لتحقيق أقصى استفادة منها، مبينا ضرورة دمج هذه الأدوات في الحياة الرقمية بطريقة ذكية، تبدأ بتحديد الاحتياجات الفعلية واختيار الأدوات التي تلبيها بشكل دقيق.
ويضيف، أن أحد أهم جوانب استخدام أدوات السلامة الرقمية هو التأكد من تحديثها بانتظام ويشدد على ضرورة التوازن بين استخدام أدوات السلامة الرقمية وتوعية المستخدمين، خاصة الأطفال واليافعين بمخاطر الإنترنت.
وفي ختام حديثه، يؤكد المحاسنة، أن السلامة الرقمية ليست مهمة فردية بل هي مسؤولية مشتركة بين المستخدمين، ومسؤسسات المجتمع المدني والحكومات.
كما تضمنت الورشة مناقشة الجانب القانوني، إذ تحدث الخبير والأكاديمي الحقوقي د. سيف الجنيدي، بأن العالم اليوم يشهد انقساما واضحا بين العالم الواقعي والافتراضي، وهو ما يستدعي وجود قوانين وتشريعات تحكم كلا الجانبين. مؤكدا، أن ما نشهده من تطورات قانونية وتنظيمية في العالم الافتراضي هو أمر طبيعي وضروري، كما حدث ويحدث في العالم الواقعي.
ويقول الجنيدي، "مع التوسع السريع في استخدام التكنولوجيا وانتشار الإنترنت، أصبح العالم الافتراضي جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية لذلك، كان من الضروري أن تتطور القوانين لتواكب هذا التغيير، تماما كما تطورت القوانين لتنظيم حياتنا في العالم الواقعي".
ويضيف، أن قانون الجرائم الإلكترونية يعد أحد أهم التشريعات التي توفر حماية شاملة للمجتمع في الفضاء الرقمي، مؤكدا أن هذا القانون لا يقتصر فقط على مكافحة الجرائم الإلكترونية بشكل عام، بل يوفر حماية خاصة للأفراد، سواء كانوا ضحايا للاحتيال الإلكتروني، الابتزاز، أو أي نوع آخر من الجرائم الرقمية.
ومن جانبه حدد المحامي والمستشار القانوني في معهد القانون والمجتمع معاذ المومني، الفجوات القانونية في حماية اليافعين والشباب في العالم الرقمي.
وناقش الاختصاصي الرئيسي القانوني في مديرية التطوير التشريعي في المجلس الوطني لشؤون الأسرة ناصر الضمور القوانين والتعديلات الجديدة التي يحتاجها القانون بشكل أفضل لحماية رفاهية الطفال واليافعين في العصر الرقمي.
وخلال الورشة تم عرض التحديات التي تستدعي التوقف كانتشار المعلومات الخاطئة والمضللة للشائعات، والاختراق والتهديد والتصيد والابتزاز الرقمي (مخاطر الأمن الرقمي)، وانتشار خطاب الكراهية والتنمر وتهديد التماسك المجتمعي، وتأثير الانتشار على الرفاهية وكيفية تأثير البيئات والأدوات الرقمية على الرفاهية العامة لليافعين والشباب.
والتطرق للتوصيات من هذه الورشة كتضمين مناهج التربية والتعليم مفاهيم متعلقة بالسلامة الرقمية، وإعداد دليل وطني متخصص بالسلامة الرقمية لليافعين، واعتماد يوم وطني للتوعية بالسلامة الرقمية، وتطوير الأدلة الموجودة المتعلقة بالسلامة الرقمية مثل دليل "بيتنا السعيد".
أما قضايا الجرائم الإلكترونية في الأردن للعام 2022 من مديرية الأمن العام فقد سجلت 1285 قضية ابتزاز إلكتروني.
أما عدد مستخدمي منصة الفيسبوك في الأردن في أوائل 2023 وصل إلى 4.90 مليون، ووصل عدد مستخدمي اليوتيوب إلى 6.61 مليون، والإنستغرام إلى 2.85 أما منصة تيك توك فلديها 4.43، تبلغ أعمارهم 18 عاما فما فوق وسناب شات لديها 3.25 مستخدم، أما منصة X فقط 921.9 ألف مستخدم.