عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jul-2021

العـلاقات الأردنية - الأميركية في عهـد الملك «1999-2021»*أحمد الحوراني

 الراي

العلاقات الأردنية الأميركية علاقات تاريخية ممتدة واستراتيجية شاملة لمختلف النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية، وهي علاقات تقوم دعائمها على المصالح المشتركة المتبادلة بين البلدين الصديقين، ومنذ أن تأسست هذه العلاقات في النصف الثاني من القرن الماضي فإنها ما زالت تزداد نموًا وثباتًا وتقدمًا لما فيه تحقيق مصالح الشعبين على أسس واضحة من التفاهم والمكاشفة والسعي نحو ترجمة مبادئ وتعاليم الشرعية الدولية ومواثيقها إلى واقع حي لنشر السلام والحرية والاستقرار بين المجتمعات البشرية دون استثناء.
 
وقد أرسى المفغور له الملك الحسين بن طلال ركائز هذه العلاقات المتينة بين الدولتين والتي توطدت عبر سنوات طويلة وظل النسيج السياسي العام بين الطرفين راسخًا وقويًا، وعبر سنين حكمه، عاصر رحمه الله – عددًا كبيرًا من الرؤساء الأميركيين الذين تعاقبوا على البيت الأبيض، ومنهم الرئيس هاري ترومان، جون كينيدي، ليندون جونسون، نيكسون، جيرالد فورد، جيمي كارتر، رونالد ريغان، جورج بوش الأب، والرئيس بيل كلينتون، وعلى هدي هذه الأرضية التاريخية العريضة، تمكنت القيادات السياسية في كل من المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأميركية من مواصلة مسيرة التعاون والصداقة والتي تعزز على إثرها الإطار المتين بين النظامين الأردني والأميركي لرعاية الأمن والازدهار والاستقرار الدوليين.
 
واتسمت هذه العلاقات بالموضوعية والمصداقية والاحترام المتبادل وتفهّم كل طرف لخصوصية الطرف الآخر سياسيًا وحضاريًا، فالولايات المتحدة تحترم الأردن ديانة وتاريخًا وثقافة وتقاليد، وكذلك طبيعة الرسالة الإسلامية والقومية العربية التي انبرى الأردن للدفاع عنها منذ فجر ثورة العرب الأولى في بدايات القرن المنصرم، وفاءً والتزامًا بالجذور الهاشمية الراسخة لهذا البلد العربي الهاشمي الضاربة حتى سبط سيدنا محمد عليه السلام، وبالمقابل فإن الأردن يقدر عاليًا ويحترم مبادئ العدالة والحرية والمساواة التي قامت على أساسها الولايات المتحدة الأميركية، ويقدر من ناحية أخرى الدور التاريخي الذي لعبته الولايات المتحدة لوضع حد للاستعمار والإمبريالية، ودعواتها لحق الشعوب في تقرير مصيرها.
 
وقد توجت هذه العلاقات بزيارات كثيرة تبادلها مسؤولو الدولتين في فترات زمنية متعاقبة، تمخض عنها اتفاقيات أمنية وسياسية واقتصادية تم التوقيع عليها، عكست ما يؤمن به الأردنيون والأميركان من ضرورة التقارب والتعاون لتعزيز القدرات الاقتصادية للأردن كدولة محدودة الموارد وتقع على أطول خط مواجهة فيما يتعلق بالنزاع العربي الإسرائيلي.
 
وتشير إحدى الدراسات في هذا المجال، أن الأردن يعد من الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط منذ ستينيات القرن الماضي عندما اعتبرت الولايات المتحدة أن الأردن من الدول التي تنتهج نمط التبادل التجاري الحر وتحظى بمعاملة الدول الأكثر رعاية ضمن ترتيبات الاتفاقية العامة للتعريفة التجارية «الجات»، ووضعت المنتجات الأردنية المصدرة للولايات المتحدة على القائمة الخاصة بأقل التعرفات الجمركية المفروضة على مستورداتها دون الطلب من الأردن أن يماثل نفس المستوى من المعاملة للمنتجات الأميركية المصدرة للأردن مما حدا بالولايات المتحدة منح الأردن معاملة تفضيلية من خلال النظام المعمم للافضليات في فترة سبعينيات القرن الماضي حين تم إدخال أكثر من أربعة آلاف مادة إلى الأراضي الامريكيه دون تعرفة جمركية.
 
على الصعيد السياسي، فقد قامت منظومة العلاقات الأردنية الأميركية على لغة سياسية واحدة اتسمت بها مفردات الخطاب السياسي الأردني مؤداها أن الأردن مع امته العربية والإسلامية في سعيها لحل قضاياها وبناء قوتها وذاتها بما يضمن لها الدفاع عن نفسها إذا ما أحدقت أمامها الأخطار والتحديات، وان الأردن يسعى في تحركاته السياسية والدبلوماسية إلى تحقيق السلام العادل الشامل المتوازن الذي يضمن العدالة للشعوب والأمن للدول على أساس مبادئ الحق والعدل وفقا لأحكام وقرارات الشرعية الدولية.
 
وقد احتلت القضية الفلسطينية «قضية العرب الأولى» أولوية مطلقة على أجندة جولات المغفور له، وعلى الأخص في الولايات المتحدة، انطلاقا من تقدير أردني لما يمكن للولايات المتحدة كقوة عظمى أن تقوم به من دور في دعم الجهود الدولية الرامية إلى إحلال السلام ووضع حد لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني إذا ما قامت الإدارة الأميركية بتوجيه سياستها في الشرق الأوسط نحو الأهداف والاتجاهات السليمة الأمر الذي يتأتى من خلال تعاون بناء مع العالم العربي.
 
كما كان له - رحمة الله - دور بارز في صياغة قرار مجلس الأمن الدولي الشهير 242 الذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب من جميع الأراضي التي احتلتها عام 1967 مقابل الأمن والسلام والاعتراف، وفي عام 1991، قام الحسين بدور فاعل بناء في عقد مؤتمر مدريد للسلام والذي قاد لتوقيع إعلان مبادئ أوسلو حيث حددت كل من إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اطر التفاوض فيما بينهما حول مستقبل وأسس العملية السلمية بين الطرفين.
 
العلاقات الأردنية الأميركية في عهد جلالة الملك
 
عبد الله الثاني
 
ومنذ انتقال الحسين بن طلال إلى الرفيق الأعلى في العام 1999، انطلقت العلاقات الأردنية الأميركية بزعامة جلالة الملك عبد الله الثاني، على ذات الثوابت والمرتكزات والأسس التي تكونت لدى جلالته إدراكًا من فهمة العميق الثاقب للواقع العربي والإقليمي والدولي، فاستطاع جلالته التعاطي مع هذا الخضم العالمي المضطرب بمنتهى الحكمة والكياسة والاقتدار، وكان حضور الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون لجنازة الحسين، دليلًا قاطعًا على حجم التقدير العالمي رفيع المستوى الذي ناله جلالته اثر مواقفه الشجاعة وكلمته الجريئة التي ذاد بها عن القضايا المصيرية للأمة العربية وما ناله من اعترافات دولية بعدالتها وضرورة تسويتها وفق مقررات الشرعية الدولية وفي مقدمتها قضية فلسطين، كما انطوى لقاء جلالة الملك عبد الله مع بيل كلينتون على هامش الجنازة، على رسالة حملت في طياتها تأكيدًا أميركيًا على مد المزيد من جسور التعاون والرغبة في تعزيز العلاقات القائمة بين الأردن وأميركا، في حين أكد جلالة الملك عبد الله للرئيس كلينتون حينها أن الدور الأميركي في عملية السلام دور مهم وبناء للوصول إلى السلام الشامل والعادل الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة.
 
واتسمت العلاقات الأردنية الامريكية في عهد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بأنها علاقات تبادلية قائمة على تحقيق المصلحة الحقيقية المشتركة لكلا الجانبين، وكانت ولا تزال الحوارات واللقاءات التي يعقدها قادة البلدين في واشنطن وعمان بين الحين والآخر تعتمد صواب الرؤية والنقاش البناء في الوصول إلى أفكار ومقترحات تترجم الآمال والتطلعات الشعبية في العالم في بناء مجتمع إنساني يتمتع بالسلام والأمن والاستقرار. وقد حرص جلالة الملك على تعزيز علاقات الأردن بالولايات المتحدة والعالم على حد سواء، وحمل جلالته الهم العربي إلى واشنطن والكونجرس والمنتديات والجامعات وأقطاب السياسة ورجال الإعلام الأميركيين وأكد في زياراته ولقاءاته المتعاقبة على ضرورة قيام الولايات المتحدة بمسؤولياتها التاريخية ومساعدة الشعب الفلسطيني على إقامة دولته المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني.
 
ولئن تصدرت القضية الفلسطينية اهتمامات جلالة الملك، فذلك مرده إلى مواصلة الأردن بقيادته الحديثة لدوره التاريخي ووعيه للأخطار والتحديات التي تحيط بالمنطقة والتي حرمت بسبب النزاع العربي الإسرائيلي من التمتع بالعيش بأمن وأمان لفترات طويلة، ما حدا بجلالته جعل هذه القضية المركزية هي العامل المشترك الذي ميز خطابات جلالة الملك ومحادثاته في المحافل الأميركية والدولية، ما يعني أن موقف جلالته الذي هو استمرار للموقف الأردني التاريخي تجاه الأهل والأشقاء في فلسطين، والذي قدم خلاله الهاشميون لفلسطين الأرض والشعب وخلال مراحل القضية المتعاقبة، الواجب القومي الذي اقتضته اعتبارات الإخوة وروابط الدين والتاريخ والانتماء للإسلام والعروبة..
 
ويمكن القول إن دور القيادة الهاشمية وسعيها لدى الإدارات الأميركية للتوصل إلى تسوية عادلة لقضية فلسطين هو الأمر الذي عملت على تحقيقه الدبلوماسية الأردنية، ومن الجدير ذكره أن الأردن الذي يعتز بانتمائه لامته العربية كان ولا يزال يقوم بدوره الطليعي وبالتنسيق مع مختلف الدول العربية وعلى الأخص المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، والسلطة الوطنية الفلسطينية، إذ يقول جلالته: «وسيبقى الأردن بإذن الله جزءا لا يتجزأ من أمته العربية يدافع عن قضاياها العادلة ويسعى لتوحيد كلمتها وموقفها تجسيداً لقناعتنا بوحدة الهدف والمصير وعلى هذا سنستمر في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق حتى ينال حقوقه ويقيم دولته المستقلة على ترابه الوطني ويتحقق السلام الشامل والدائم لشعوب المنطقة».
 
وانطلاقا من رؤية الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني والتي ترى في الولايات المتحدة قوة عالمية كبرى، فقد دعا جلالته الإدارات الأميركية إلى ممارسة ما هو مطلوب منها بما تؤهلها إليه هذه المكانة العالمية التي تجعل منها دولة ذات تأثير مباشر على مجريات الأمور في الساحة الدولية وتقويمها نحو الاتجاه الصحيح الذي يؤدي إلى صياغة مستقبل أفضل للإنسان، ولذا نقرأ في خطاب جلالته في معهد بيكر في جامعة رايسفي في أيار من العام2002: في الشرق الأوسط لا يمكن الاستغناء عن دور أميركي نشط ليس لإرشاد الفلسطينيين والإسرائيليين لكيفية الخروج من الصراع فحسب ولكن لحماية مصالحكم الوطنية الحيوية ومصالح حلفائكم من المعتدلين حلفاء كالمتراس في وجه الإرهاب في منطقتنا وحول العالم.
 
إن المتتبع للعلاقات الأردنية الأميركية في العشرين سنة الأخيرة، يدرك مدى القوة التي تميزها بين الطرفين، ويلحظ استثمار جلالة الملك بمكانته العالمية المرموقة والاحترام الدولي الذي حظي به، لحث الولايات المتحدة على أن تقود عملية السلام في الشرق الأوسط وحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي حلًا عادلًا تقبل به جميع أطراف النزاع ويضمن ديمومة إسرائيل وفلسطين وأمنهما ووحدة أراضيهما وعلى أساس حل الدولتين، كما نرى أن الموقف الأردني قام بتوظيف علاقاته مع المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية من اجل خدمة القضايا العربية والعالمية الملحة واستند في تحركاته السياسية ودبلوماسيته المكثفة على مرجعيات الشرعية الدولية ومقرراتها كخارطة الطريق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأنا بوليس، والمبادرة العربية للسلام التي أقرتها الدول العربية بالإجماع في مؤتمر بيروت، وكانت بمثابة فرصة تاريخية لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس «حل الدولتين» بحيث تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة مقابل ضمانات أمنية لإسرائيل لتعيش بسلام مع جيرانها وعملية تؤدي إلى تسوية شاملة تتناول المسارين السوري واللبناني.
 
ففي كلمة لجلالة الملك أمام مجلس الشؤون العالمية لشمال كاليفورنيا ونادي الكومنولث في سان فرانسيسكو وتحديدا في 11 كانون أول -2004 قال: لقد حان الوقت للتحرك الجاد نحو حل الدولتين والذي هو أساس الحل النهائي الدائم وهذا يستدعي العمل وتقديم التنازلات من كلا الجانبين يمكن أن تكون خطة إسرائيل لفك الارتباط جزءا بناء من خارطة الطريق لكنها ليست سوى جزء؛ فالعالم ينظر إلى إسرائيل للالتزام مجددا بخارطة الطريق واتخاذ تدابير حقيقية لبناء الثقة ويجب على الفلسطينيين أيضا أن يواجهوا تحدي القيادة المسؤولة وهذا يعني الوفاء بالإصلاحات التي تتطلبها الدولة.. الحكم الجيد؛ الأمن الفعال؛ وشراكة حقيقية على طاولة المفاوضات.
 
ومواصلة للجهد السياسي الذي يقوم به جلالة الملك في تدعيم علاقات الأردن مع الولايات المتحدة على مختلف الصعد، فإنة وفور إعلان فوز الرئيس الأميركي باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشرين ثاني من العام 2008، كان جلالة الملك عبد الله الثاني أول زعيم عربي يدعو الإدارة الأميركية إلى القيام بمسؤولياتها عبر انخراط جاد في عملية السلام وتكريس جهودها وتكثيف مساعيها للدخول في مفاوضات جادة واستغلال الفرص المتاحة بأسرع وقت ممكن والبناء على ما تم انجازه لتحقيق حل عاجل ومشرف لقضية فلسطين، وكان ذلك بمثابة برهان على ما يتمتع به الأردن من دور مؤثر في هذه المنطقة الحيوية من العالم، لا سيما في هذا الوقت العصيب وما يشهده من تطورات على صعيد القضية المركزية الأولى في الشرق الأوسط، بالإضافة الى التطورات التي شهدتها بلدان عربية اثر تداعيات الربيع العربي عقب عام 2011.
 
أما العلاقات الاقتصادية الأردنية الأميركية فقد اتخذت منحى جديدا ونمت وتطورت في آفاق أوسع إذ وضع جلالة الملك جل اهتمامه لتحقيق أعلى مستويات العيش الكريم للمواطن الأردني، وبذل جلالته في سبيل هذا كل جهد ممكن لجلب استثمارات أجنبية إلى الأردن من شأنها زيادة نسبة النمو في الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل للأردنيين، وقد ترجمت توجهات جلالته في هذا المضمار بلقاءات عديدة مطولة مع رجال الأعمال الأميركيين وقام بتوضيح ما هو متوفر في الأردن من بيئة استثمارية جاذبة، وقد بلغت العلاقات الاقتصادية الأردنية الأميركية أوجها عند تطبيق اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين في أواخر العام 2001 والتي كانت ثالث اتفاقية تجارة حرة توقعها أميركا على المستوى الدولي والأولى على مستوى الوطن العربي، وكانت هذه الاتفاقية إحدى أهم النتائج التي حققتها علاقات الأردن بالولايات المتحدة بهدف تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين الطرفين، ولتحقيق مستوى معيشة متقدم للمواطن الأردني، وتشجيع النمو الاقتصادي وزيادة فرص الاستثمار ورفع القدرات الإنتاجية وتحقيق التنمية المستدامة.
 
لقد نهض الأردن بقيادة جلالة الملك، بمسؤوليات عظيمة، وتبوأ مركزا استحقه بين الأمم والشعوب في أدق المراحل التاريخية التي تلت العام 1999، والتي كانت بالمجمل مراحل دقيقة وحاسمة مرت بها منطقة الشرق الأوسط بسبب التطورات المتلاحقة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكان جلالته دائما ناقلا أمينا وجريئا للتصور العربي للواقع وملتزما في الوقت ذاته بالمبادئ التي التزم بها الأردن منذ نشأته كقاعدة للكفاح العربي وقلعة من قلاع العروبة والقومية التي ما حاد عنها وما ساوم بشأنها في يوم من الأيام مهما بلغت النتائج والأعباء.
 
وانطلاقا من الإرث العربي الهاشمي المسلم الذي يحمله جلالة الملك، فقد ذاد جلالته عن الدين الإسلامي ووسطيته وقيمه السمحة وقام بتوضيح معالم صورته الحقيقية وأزال ما علق عليها من غبار في أذهان الغرب وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول من العام 2001، واحتل هذا الجانب حيزا هامًا في علاقات الدولتين، ووقف جلالته على المنابر العالمية شارحًا وموضحًا وداعيًا إلى وقفة تأمل وتبصر في فلسفة الرسالة الإسلامية التي بشرت بالإخاء وحثت على التسامح ونبذ الفرقة والتعصب المذموم، وفي مقالة لجلالته نشرت في صحيفة واشنطن بوست «وهي من أكثر الصحف الامريكية انتشارًا كتب جلالته تحت عنوان «الصوت الحقيقي للإسلام» وتحديدًا في كانون أول من العام 2002، يقول: في قيم عقيدتنا التعاطف والنوايا الطيبة واحترام الآخرين، فهذه هي المثل الجوهرية في الإسلام، وهي العقيدة التي تخدمها أسرتي الهاشمية، سليلة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، على مدى أربعين جيلا, ويدعونا ديننا الإسلامي للعيش والعمل من اجل العدالة وتعزيز التسامح، ونحن في كل يوم نتشارك في النعمة الإلهية بقولنا «السلام عليكم». وأضاف «هذا هو الصوت الحقيقي للإسلام، لكنه ليس الصوت الذي يسمعه الأميركيون دائمًا، فهم يسمعون بدلا منه، الكراهية التي تطلقها جماعات تسمى دون وجه حق بالأصوليين الإسلاميين، ففي الحقيقة لا يوجد أي شيء إسلامي أصولي عند هؤلاء المتطرفين، فهم استبداديون يشكلون جزءا من سلسلة المتطرفين من عقائد مختلفة يسعون إلى السلطة بالترهيب والعنف وسفك الدماء»، ثم قال جلالته: «وعلى المسلمين في هذه الأيام أن يجاهروا بجرأة دفاعا عن إسلام معتدل–إسلام يعزز قدسية الحياة الإنسانية، يصل إلى المضطهدين، يخدم الرجل والمرأة على حد سواء، ويؤكد على أخوة الجنس البشري بأكمله، فهذا هو الإسلام الحقيقي الذي دعا إليه رسولنا الكريم، وهو الإسلام الذي يسعى الإرهابيون إلى تدميره»..
 
الرئيس الأميركي الحالي جون بايدن هو الرئيس الخامس للولايات المتحدة في عهد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، بعد بيل كلينتون وجورج دبليو بوش، وأوباما، وترمب، وفي جميع الحالات فأن القاسم الأردني المشترك لم يتغير ولم يتبدل فالأردن داعية سلام ومدافع عن الإسلام دون توان عن ترسيخ هذا النهج والتمسك بذات الهدف النابع مما يتشربه الأردن في معظم تشريعاته وقوانينه من أحكام الإسلام وقيم الدين.
 
حينما تناولت موضوع العلاقات الأردنية الأميركية في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، عدت إلى مختلف المحطات التي توقف عندها وفيها جلالته أثناء زياراته إلى الولايات المتحدة، وكانت حصيلة أردنية مشرفة عكست ما هو مناط بهذا البلد وما يقوم به لنصرة الدين والأمة وخدمة قضايا الحق والعدالة والسلام، إن خطابات جلالته في «الكونجرس» والمنتديات والجامعات والمعاهد وغيرها قد بلغت نحو «خمسين خطابا ومقالا» على مدار عقدين من عهد جلالته المديد بإذن الله..