فلسطين والآن سوريا.. قلب الدبلوماسية الأردنية*لما جمال العبسه
الدستور
ليس أحد في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط ينكر أو يشكك في جهود الملك عبد الله الثاني التي تكثفت منذ أكثر من 14 شهرا اي منذ العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة في محاولة للحد من نزيف الدم الفلسطيني والمجازر اليومية التي تقوم بها آلة الحرب الصهيوأمريكية على الغزيين والتدمير المتعمد الذي يتسق مع نوايا حكومة اليمين الصهيوني الفاشية الراغبة في اعادة احتلال القطاع والضفة الغربية بل وتهجير الفلسطينيين الى مصر والاردن.
العدو الصهيوني مع داعميه لم يكل أو يمل في اشاعة الفوضى في المنطقة، ولم يتوان للحظة في إظهار رغبته الدموية من خلال حروب واعتداءات على أراضي الدول لتصبح حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي هي الحالة الشائعة والتي تدخل حتى تلك الدول الهادئة الى دائرة الخطر بشكل أو بآخر، كان آخر هذه الاعتداءات الغاشمة احتلال أراضي في سوريا والاستمرار في ضرب المواقع الاستراتيجية للدولة السورية وتفريغها من محتواها كدولة.
بالأمس كان لقاء الملك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول اهمية وقف اطلاق النار في قطاع غزة وانهاء هذه الحرب التي اخذت ابعادا مختلفة وأصبحت اهدافها بالنسبة للعدو الصهيوني تتسع يوما بعد الاخر دون تحقيق اي منها، سوى الهدف الرئيسي المتمثل بالقضاء على اكبر عدد من الفلسطينيين خاصة الاطفال الذين يشكلون مستقبلا قاتما للصهاينة.
كان لابد من طرح مسألة سوريا الجديدة، التي بات الاعتداء الصهيوني المتكرر على اراضيها أمرا مقلقا لدول الجوار، خاصة وان هذا العدو بحكومته الفاشية لا عهد له ولا ذمة، فهو معتاد على نقض العهود والاعتداء بدواعي حماية نفسه بل وفرض كينونته على المنطقة، الملك اكد في هذا اللقاء على اهمية الحفاظ على امن واستقرار سوريا وبالضرورة بسط سيادتها ووحدة اراضيها دون تدخلات خارجية، بالطبع هذه التدخلات ذات ابعاد سلبية قد تفضي في نهاية المطاف الى تعميق التفرقة وخلق مجال واسع للاقتتال وبالتالي اشاعة فوضى في قطر عربي غاية في الاهمية على الصعيد الجيوسياسي والديمغرافي والامني بالدرجة الاولى.
دائما ما كان الملك يستشعر مبكرا تداعيات المواقف والاحداث خاصة تلك التي تقع بالقرب من حدوده، لتبدأ معها جولاته في المنطقة وفي الدول ذات الاثر في اتخاذ القرارات والمواقف، لكن مع وجود دولة الكيان الصهيوني في المشهد يصبح الامر مختلفا والخطر اكبر في ظل اطماعها في أراضي المنطقة ورغبتها المتزايدة في توسيع ما تسميه دولة اسرائيل، دون ان يرف لها جفن في تداعيات هذه الرغبات المسروقة من حقوق الناس.
دبلوماسيا، عاد وزير الخارجية ايمن الصفدي مرة اخرى ومن خلال مؤتمر العقبة حول سوريا والذي انهى اعماله مؤخرا على تأكيد اهمية وحدة سوريا وحق الشعب هناك باختيار قيادته، دون فرض الاملاءات عليه أو خلق واقع جديد قد يضر بالغا في مستقبل هذا البلد الهام.
المعنى ان مشهد سوريا المستقبل مازال مشوشا في ظل اطماع متعددة وانتشار لفصائل مسلحة هناك، ويترافق معه تدخلات من عدة دول احتلت بعضا من اراضي سوريا، عدا عن الاعتداءات المستمرة منذ سنوات على الاراضي السورية من قبل الكيان الصهيوني، والتي انتهت باحتلال القنيطرة والدعوة الصهيونية لحماية الاقليات هناك!.
لاشك ان ان تخيل مستقبل سوريا صعب جدا حتى تستقر الاوضاع الامنية على وجه الخصوص، ولاشك ان الكيان الصهيوني يتربص دائما لتعميق الخلاف والاختلاف في الدول حاضرا بآلته العسكرية التدميرية، أو من خلال ادواته الاعلامية النجسة التي تهدف الى أكثر من تضليل الناس بل الى خلق ما يفرق بهم لحد الاقتتال.
صوت السياسة الاردنية قيادة ودبلوماسية دائما ما كان يمثل حالة العقل والنظر البعيد لمجريات الامور، خاصة وان الملك ودبلوماسيته ينظران لمصالح الاخر بالقدر الذي ينظران فيه الى المصلحة الاردنية التي تلقى محاولات للاعتداء عليها من قبل حكومة الكيان الصهيوني الفاشية، والوقت حان للتوصل الى حلول أكثر عملية تقي الجميع من تبعات غير محمودة الاثر.