عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Feb-2019

”عروس ثریة“.. حلم شباب یبحثون عن حیاة مریحة
منى أبوحمور
عمان-الغد-  ”عمري 22 عاما ابحث عن امرأة غنیة للزواج.. باستطاعتي اسعادھا بكل شيء بالحیاة الزوجیة بالأخلاق بالدلال.. ولكن ینقصني المال“..
ھذا الإعلان آثار فضول الثلاثیني أحمد جمال، في الوقت الذي راقت لھ الفكرة كثیرا أملا بحل مشاكلھ المادیة والزواج في الوقت نفسھ.
إعلان البحث عن زوجة غنیة الذي نشر على إحدى المواقع الإلكترونیة، لاقى ردود فعل قویة بین مؤید ومعارض للفكرة، أجمع أغلبھم على أن الظروف الاقتصادیة الصعبة وغلاء المھور وزیادة متطلبات الفتیات عند الزواج تدفع الكثیر من الشباب لإلغاء الفكرة، في حین أن الزوجة الغنیة لیست بحاجة لكل ھذه الأمور وفق التعلیقات التي رصدتھا الغد أسفل المنشور.
غیر أن واقع حیاة أسامة خلف الذي تزوج من فتاة میسورة الحال تكبره بعشر سنوات، لم تكن كما توقع بالرغم من أنھ یعیش بوضع مادي ممتاز ویملك سیارة وشقة.
عشر سنوات مضت على زواج الثلاثیني خلف اعتقد في بدایتھا أنھ رجل ذكي وأن زواجھ ”لقطة“، فھو بحث عن المال وھي بحثت عن ”الاستقرار“، فكلاھما یقدم للآخر ما ینقصھ.
ومع مرور الوقت والعمر، اكتشف أن المال لیس كل شيء، إذ أن فارق العمر والثقافة والبیئة الاجتماعیة كانت في كل مرة حاجزا بینھ وبینھا، فلم یعد خلیفة صاحب قرار بالمنزل حتى في بعض القرارات المصیریة.
وما بین تقبل العائلة ورفض الأقارب ونظرة الجیران، لم یعد الأربعیني عدنان عودة یزور الحي الذي یسكنھ أھلھ كثیرا، ھربا من نظرات الناس من حولھ الذین اتھموه بانھ ”باع نفسھ“ من أجل المال.
قسوة عائلة عودة علیھ لم تثنھ عن قراره بالزواج من إمرأة من جنسیة غیر أردنیة تملك الكثیر من المال. یقول ”كثیر من التفاصیل اعترض علیھا أھلي، عمرھا، وعاداتھا، لكن لم أھتم أبدا“، لافتا إلى أن مستقبل أطفالھ واستقرار عائلتھ ھي بالنسبة لھ محلولة ما دام المال موجودا.
أما الثلاثینیة سلمى خلیل (اسم مستعار)، فلا تجد في الأمر ضیرا والزواج في النھایة من وجھة نظرھا ان یقدم كلا الطرفین للآخر ما ینقصھ.
وتقول ”نحن متفاھمون على كل شيء ومعجبون ببعض ولا یوجد مشكلة.. ولیس خطأ ان ساعدتھ بتحسین وضعھ المادي وحملت المسؤولیة عنھ“.
حصول سلمى على میراث كبیر بعد وفاة والدھا، جعلھا مطمعا لكثیر من الرجال وفق قولھا، إلا
أنھا كانت تمیل إلى شخص معین، وذھبت إلیھ وتحدثا سویا واتفقا على كل شيء، وھما یشعران بالسعادة الآن بالحیاة الزوجیة.
من جھتھ یشیر أخصائي علم الإجتماع الأسري مفید سرحان إلى أن الأصل في العلاقة الزوجیة تحقیق السكینة والمودة والرحمة والاستقرار النفسي، ما یتطلب وجود قدر كبیر من التوافق بین الشخصین المقبلین على الزواج، وذلك للأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى تحقیق ھذا الزواج لأھدافھ.
ویلفت بدوره إلى أن تنامي النظرة المادیة للحیاة في النظر للظروف الاقتصادیة الصعبة التي یعیشھا الشباب والأسرة، فقد أصبح الكثیرون یبحثون عن الارتباط بفتاة لدیھا دخل كبیر بغض النظر عن مدى مواءمة ھذه الفتاة للزواج منھ من النواحي الاجتماعیة والنفسیة والقدرة على التعایش معا وتحقیق النجاح لأسرة المستقبل.
نظرة الزواج من فتاة غنیة لیست صائبة بحسب سرحان، بالرغم من أن الدافع قد یكون مبررا عند الكثیرین، فالحیاة الأسریة لا تقوم فقط على المال وكثرتھ بل على مدى قدرة الزوجین على فھم بعضھما البعض والاستعداد في تحمل متطلبات الحیاة سواء المادیة أو غیرھا.
ویضیف ”لا بد من أن یكون ھناك قدر كبیر من الوعي لدى الشباب والفتیات بالزواج“، فالتركیز على الثقافة الاستھلاكیة بحسب سرحان یجعل الإنسان مسیرا للمادة وھذا یحد من إنسانیتھ وقدرتھ على التعایش الاجتماعي مع الآخرین.
ویلفت إلى أھمیة بناء الحیاة الزوجیة على أسس صحیحة ولیس مادیة حتى لا تنھار في أي لحظة، مضیفا أن على الشاب أن یفكر جیدا بكیفیة نظرة الزوجة لھ بالمستقبل، إذا اختارھا فقط لوضعھا المادي، خصوصا عندما یكون ھناك فارق كبیر بالدخل والمستوى الاجتماعي.
ویتفق معھ أخصائي علم النفس الدكتور موسى مطارنة الذي یؤكد على أن الزواج یجب أن یقوم
على تكافؤ وتكافل وسكینة وھدوء وأن تشعر الزوجة بأھمیتھا في البیت وأن تحظى بالدلال والاستقرار مع زوجھا الذي ینفق علیھا.
ویذھب إلى أن ”الرجل الحقیقي لا یقبل أن یعیش عالة على امرأة حتى لو زوجتھ“، إذ یعتبر أن
الزواج من ”غنیة“، تنازل كبیر، لأن الأصل أن یقوم ھو بالإنفاق، كما یفقده استقلالیتھ لان صاحب المال ھو الذي یتحكم ویأمر وینھى، وبالتالي فإن الرجل لن یتمكن من أن یكون صاحب قرار أو حر في تصرفاتھ.
ویأسف مطارنة لوجود العدید ممن یبحثون عن ”الزواج المادي“، عازیا ذلك إلى أن الوضع الاقتصادي وحالة الیأس والإحباط التي یعیشھا الشاب، أدى لبحثھ أحیانا عن أي شيء یمنحھ حیاة مریحة ومزیدا من المال، فأصبح الزواج بالنسبة لھ كالتجارة تحقق لھ المكاسب.
ویتابع ”لایمكن لرجل یملك الشجاعة والشھامة والقوة والعاطفة أن یقبل بھذا النوع من الزواج“، مستغربا ممن یستغنون عن الإنسجام العاطفي والمستوى الفكري والكثیر من القضایا المھمة من أجل حفنة من المال.
ویعتبر مطارنة ھذا الزواج نوعا من أنواع الشعور بالنقص ویتسبب بإشكالیة نفسیة تعني العجز، لأن كل الناس تمر بظروف صعبة ولكنھا تعمل على تطویر نفسھا ومحاولة تحسین أوضاعھا الاقتصادیة ولیس الزواج من أجل المال.
ویبین مطارنة أن ھذا الموضوع یتعلق بالتغیرات الاجتماعیة التي تطرأ على المجتمع وغیرت من القیم والافكار، وما أتبع ذلك من حالة من عدم الاستقرار النفسي والاجتماعي، وبالتالي البحث عن زوجة غنیة عكس ھؤلاء الذین یبحثون عن زوجات تشاركھم الحیاة بكل محطاتھا المفرحة والصعبة.