عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Oct-2019

السعادة - إسماعيل الشريف

 

الدستور - مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً... [سورة النحل: 97.
الناس يجمعون على أننا تعساء، وقد نكون أكثر تعاسة مما مضى؛ لأننا متواصلون أكثر بكثير مما مضى، وبلا شك فقد جعلتنا التكنولوجيا أكثر كآبة ووحدة وعزلة.
منذ أن كنت صغيرًا، وهم يحشون رأسي من خلال الأفلام والمسلسلات والدعايات أن السعادة تكمن في إشباع الغرائز؛ سيارة رياضية وصديقة جميلة وماركات وحساب بنكي وسفر... وكنت من القلائل المحظوظين الذين تمتعوا ببعض من هذا.
كنت أعتقد أن هدف الحياة هو السعادة، ذلك السراب الذي أقنعتنا الرأسمالية ببذل الغالي والرخيص في سبيل الوصول إليه، بلا رادع، وأوهمتنا أننا إنما خلقنا لنشبع غرائزنا، وكنت أستغرب من أن سعادة والديّ تكمن في أحفادهم وأولادهم.
بعد أن كبرت بدأت نظرتي للحياة تتغير، بدأت أتساءل؛ إذا كان هدفنا السعادة لماذا نذهب إلى أعمال لا نحبها، ونصاحب أناس لا نطيقهم؟ ولماذا لا ينتهي حبنا للاستهلاك؟ ولماذا نمل سياراتنا الجميلة وملابسنا الثمينة؟!!
ثم ماذا؟..
كذب علينا أرسطو حين قال: هدف وغرض الحياة هو السعادة، هي الهدف كله! هي الهدف النهائي، نهايتها نهاية الوجود الإنساني.
حاولت مطاردتها، ابتعت أشياء أحبها، وأخرى لا أحبها، صاحبت من يضحكونني ويسلونني، حققت قدرًا من المال في مراحل من حياتي، سافرت.
ثم ماذا؟..
فهمت متأخرًا أن السعادة ليست هدفًا نهائيا يمكن الوصول إليه.
كل ذلك الاستهلاك والسفر والمال حقق سعادة آنية خفتت بعد لحظات، لم تعطني معنى للحياة.
ثم ماذا؟..
يقول الفيلسوف الأمريكي أميرسون: ليست الحياة أن تكون سعيدًا، وإنما أن تكون مفيدًا، ورحيمًا، وعطوفًا... عندما تمتلك هذه الصفات سيحدث الاختلاف في أنك عشت وعشت جيدًا.
جرب أن تفعل شيئًا في عملك لا يدخل ضمن مسؤولياتك، تحدث لزملائك بودّ، انظر إلى صورك القديمة مع زوجتك، حاول أن تكتب مقالة عن معنى الحياة  - كما أحاول فعله - لاعب أطفال العائلة، اتصل بصديق لك واسأل عنه، اسأله إذا كان يريد شيئًا. إن كان لديك مال أو طعام، أو معرفة، أو قوة بدنية، يمكن أن تحلّ مشكلة لغيرك أو تدخل إليهم السعادة؛ اجبر خاطرًا أو فرّج كربة.
في كتاب لورنس شامس المصاب بالسرطان «لا تتلاشى» -الذي يشارك فيه أفكاره عن الموت بالسرطان، وهو المليونير ومؤسس موقع الإعلام الحر- يقول: تخرّج معي عدد من الأصدقاء من جامعتنا، لم يضيفوا شيئًا للمجتمع، لم يتركوا أي إرث، أجد ذلك محزنًا، كيف يمكن أن تُهدر كل هذه الطاقات.
سر السعادة أن تكون مفيدًا.
ثم ماذا؟..
أحاول أن أزرع في عقلي أن تكون مفيدًا هي حالة عقلية، وكأي حالة عقلية أخرى تحتاج إلى قرار.
أحبب عائلتك وأهلك وأصدقاءك وزملاءك، لا تنتظر منهم أن يسببوا لك السعادة، بل على العكس تمامًا أدخل السعادة في قلوبهم، واحرص ألا تضع سعادتك في أيدي الآخرين، فأنت لا تحتاج سببًا لجعلك سعيدًا.
في جميع الأديان ارتبطت السعادة بالعمل الصالح والحركة، والتقرب إلى الله، والتفاؤل، والدعاء والذكر.
عزيزي، القرار قرارك..
ثم ماذا؟..
جرّب.