عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Aug-2020

الصراعات العربية تتوسع… والإنسان يدفع الثمن - محمد عايش

 

القدس العربي - تتوسع الصراعات البينية في العالم العربي شيئاً فشيئاً، وهذا يعني بالضرورة أن الوضع المعيشي للإنسان العربي يزداد سوءاً، بل إن المؤسف أن بعض الدول العربية لم يعد يُرى في المنظور القريب أي تحسن في أحواله، كما أن إعادة الإعمار أو عودة الحياة الى طبيعتها، أصبح يحتاج لأجيال جديدة قادمة، وليس فقط عقودا من الزمن.
في سوريا الممزقة تبين أن قوات مصرية تتواجد وتنشط هناك، والحال ليس بعيدا في ليبيا، التي أصبحت ساحة للقتال الدولي، وكذا الحال في العراق واليمن، وأماكن أخرى من منطقتنا العربية، إذ باتت هذه الدول تحتاج لعشرات السنين من أجل إعادة الإعمار والعودة الى الحياة الطبيعية، ما يعني أن الجيل الحالي على الأقل لن يرى عيشاً هانئاً بكل أسف.
 
الثورة فعل جذري يجب أن يكون كاملاً، والشعوب التي انتفضت في 2011 يجب أن تُكمل مسيرة التغيير التي بدأتها
 
قبل سنوات قليلة فقط كان العالم العربي من محيطه إلى خليجه يُغني «بلاد العُرب أوطاني» وكان القوميون من أبناء هذه البلدان يرفعون شعار «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة» بينما يرفع الإسلاميون شعار «وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون» فما هي إلا سنوات قليلة، وإذا بنا أكثر أمم الأرض تفتتاً، وها نحنُ نتحول إلى مركز عالمي للصراعات المسلحة والحروب البينية. قبل ثلاثين عاماً فقط دخلت القوات العراقية إلى الكويت فقامت الدنيا ولم تقعد في عالمنا العربي، وسرعان ما اجتمعت جامعة الدول العربية من أجل أن تستغيث بكل جيوش الأرض، وتأتي بها للحفاظ على استقلال إحدى الدول العربية، وقد حدث فعلاً أن أجبروا الرئيس صدام حسين على اتخاذ قرار بالانسحاب من الكويت بعد شهور قليلة من الغزو. اليوم يتعرض اليمن لغزو من عدة دول عربية، وتتعرض سوريا لغزو عالمي وحرب عالمية بامتياز، كما تحولت ليبيا إلى ساحة للصراع العسكري المسلح، الذي حولها الى أرض للميليشيات، والمؤسف في هذا المشهد أن التمويل عربي والسلاح عربي والضحايا هم من الليبيين الأبرياء فقط، الذين يستحقون أفضل بكثير مما هم عليه اليوم. وتتعرض دولتان عربيتان لحصار عربي غير مسبوق، كما تتعرض دولة عربية أخرى هي الأردن لضغوط من مختلف الجهات، بهدف إجبارها على القبول بصفقة القرن.
المشهد العربي اليوم بالغ المأساوية والبؤس، فبينما كان العرب قبل ثلاثين عاماً فقط يتمنون تحقيق الوحدة الشاملة، وإلغاء الحدود أو على الأقل رفع القيود التي تحول دون الحركة بين بلد وآخر، وذلك على قاعدة أننا «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة» إذا بهم اليوم تتقلص آمالهم وتتواضع، حتى وصلت إلى درجة أنها محصورة في وقف نزيف الدم العربي ليس أكثر، ووقف الاقتتال الداخلي، والكف عن تأسيس وتمويل الميليشيات التي تقوّض السلم العام في كل دولة. العالم العربي يدفع اليوم ثمن ثوراته التي لم تكتمل، فهذا المشهد الراهن هو نتيجة لثورات مضادة انكفأت أمامها الشعوب، بدلاً من أن تقاومها وتقوم بإفشالها، وهذه الثورات المضادة جعلت ثورات «الربيع العربي» لم تكتمل. الثورة هي فعل جذري يجب أن يكون كاملاً، والشعوب التي انتفضت في 2011 ليس أمامها سوى أن تُكمل مسيرة التغيير التي بدأتها، لأن «أنصاف الثورات» تعني الفوضى وليس التغيير.
الجيل العربي الحالي سيظل مديناً للأجيال القادمة، إذ يتوجب أن يورث لهم دولاً تحترم حقوق الإنسان وحرياته وتحترم كافة متطلباته، ومن يبدأ مسيرة التغيير فعليه أن يكملها، وإلا فان الثمن سيكون غالياً.
*كاتب فلسطيني