الغد-تغريد السعايدة
تشكل المراكز الشبابية المنتشرة في المحافظات فضاءات مفتوحة، تستقبل الشباب من الفئات كاف، كما تعتبر حلقة وصل بين المجتمع المحلي والقطاعات الرسمية وغير الرسمية.
تلك المراكز الشبابية، أداة رئيسة للوزارة في التواصل مع الشباب في المملكة، حيث تسهم في تحقيق رؤية ورسالة الوزارة تجاههم من خلال تنفيذ خطط سنوية وبرامج وأنشطة متنوعة. ويبلغ عدد المراكز الشبابية الموزعة على محافظات المملكة من شمالها إلى جنوبها 179، وهنالك 5 مدن شبابية، و15 معسكرات وبيوت للشباب، فيما يبلغ عدد المجمعات الرياضية 18، و369 من الأندية.
وفي بيانها الوزاري، تعهدت حكومة الدكتور جعفر حسان امس، بتفعيل مراكز الشباب وتحويلها إلى منصات تزخر بالبرامج التدريبية والتثقيفية التي تهدف إلى تمكين الشباب من تطوير مهاراتهم واستثمار أوقاتهم بشكل مثمر. وقال رئيس الوزراء خلال خطاب البيان الوزاري للحكومة والمقدم لمجلس النواب العشرين، أن "برامجنا بمجملها بنيتْ أساسا لأجل الشباب، وضمان فرص أفضل لهم، ليكونوا أقوى منّا، وأقدر منا، وأكفأ منّا؛ لمواصلة بناء أردن أعظم في مئويته الثانية، إن شاء الله".
وقال حسان خلال البيان أن "الحكومةَ ملتزمةٌ بتحويلِ مراكزِ الشَّبابِ إلى مراكزَ تزخَرُ بالبرامجِ التدريبيةِ والتثقيفيَّةِ التي تمكِّنُ شبابنا من تطويرِ مهاراتهم وإثراءِ أوقاتهم، وتعزيزِ شعورِهم بالمسؤوليةِ الوطنيةِ، والاستفادةِ من طاقاتِهم وقدراتِهم في خدمةِ المجتمع".
كما أكد حسان على انه لا يوجد نيه لزيادة عدد المراكز الموزعة في المملكة، بقدر ما تحتاج تلك المراكز إلى تحديثٍ وتفعيلٍ؛ لتصبح زاخرةً ببرامجِ عملٍ ثقافية وتدريبية، وتوأمةِ العديدِ منها حسب الحاجةِ، وتوسعتها وتعزيزِ قدراتها.
لكن ما هي التحديات التي تواجه هذه المراكز؟، إذ لطالما ارتفعت الأصوات المطالِبة بضرورة مخاطبة عقول الشباب وتعزيز الوعي بقضايا الوطن، مع العمل على تغيير الصورة النمطية عبر تقديم محتوى يلبي تطلعاتهم واحتياجاتهم، والمساهمة في تنمية طرق تفكيرهم وبناء قدراتهم، باعتبارهم ثروة بشرية تساهم في ازدهار الوطن وتقدمه، واطلاق العنان لمبادراتهم وتوجيههم بالطرق الصحيحة.
العديد من مراكز الشباب، على اختلاف حجمها وموازنتها وعدد منتسبيها، تعاني من مشاكل وقواسم مشتركة فيما بينها، بينما هناك مراكز بعيدة كل البعد عن أشكال الدعم من المؤسسات الرسمية، وبالتالي تفتقر إلى تقديم الخدمات لمنتسبيها، وبخاصة في بعض قرى ومناطق المملكة البعيدة عن مراكز المحافظات.
ويتحدث الشباب بشكلٍ عام عن طموحهم بأن تكون تلك المراكز الحاضن الأول لهم بالتوازي مع المؤسسات التعليمية الأخرى، بحيث يكون المركز هو المكان الذي ينمي البرامج والأنشطة اللامنهجية لهم، ويساعد على تطوير المهارات العلمية والفنية والثقافية، مما يزيد من تفاعلهم المجتمعي والسياسي والمشاركة في صنع القرار فيما بعد.
وقد يتفق الكثير من الشباب والمراكز الخاصة بهم على أن العائق المادي، قد يكون الأبرز بين تلك التحديات، ومحدودية الموارد لديها.
وزارة الشباب والمؤسسات المسؤولة عن تلك المراكز، تضع دائماً مجموعة من البرامج التي تسعى من خلالها تفعيل دور الشباب في العملية التنموية في مناطقهم، إلا أن البعد عن مراكز المحافظات، وقلة الخدمات والبنية التحتية والموارد المالية، قد تكون حجز العثرة أمام تحقيق تلك الأهداف.
وكانت رئاسة الوزراء، في وقتٍ سابق من الشهر الماضي، قد كانت أبدت اهتماما مسبقا ببعض القضايا التي تهم قطاع الشباب في المراكز الخاصة بهم، وذلك من خلال موافقتها على صرف المخصصات اللازمة لتغطية نفقات حزم دورات اللغة الإنجليزية لمراكز الشباب والشابات في محافظات المملكة، والتي كانت ضمن أبرز مطالب الشباب لرفع قدراتهم ومهاراتهم في عدد من المجالات من بينها اللغة الإنجليزية؛ لغايات تطوير قدراتهم وتحفيزهم لسوق العمل.
قال حينها وزير الشباب المهندس يزن الشديفات إن هذا الإجراء يأتي متابعة للملاحظات التي رصدها رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان خلال جولاته الأسبوعية الميدانية إلى الألوية والمحافظات ولقاءاته مع الشباب وتلمس احتياجاتهم ومطالبهم، حيث تقرر افتتاح 26 مركزاً للتدريب على دورات اللغة الإنجليزية، بواقع مركزين في كل مديرية شباب في المحافظات.
يؤكد الخبير والمختص في قضايا الشباب، الدكتور محمود السرحان، في حديثه لـ"الغد" أن تفعيل المراكز الشبابية يتطلب إجراءات شاملة وحاسمة تهدف إلى تحسين أوضاع هذه المراكز في جميع مناطق المملكة دون استثناء. ويرى أن الخطوة الأولى تبدأ بتحديد نقاط القوة الموجودة في هذه المراكز لتعزيزها وتوسيع نطاق الاستفادة منها، إلى جانب تشخيص نقاط الضعف ومعالجتها وفق الإمكانيات المتاحة.
ويشير السرحان إلى أهمية تحديد الفرص المتاحة داخل المراكز الشبابية واستثمارها بما يعود بالنفع على الشباب، باعتبارهم ركيزة الحاضر وأمل المستقبل. كما شدد على ضرورة تسليط الضوء على التحديات التي تواجه هذه المراكز والاستعداد للتعامل مع الضغوط المتوقعة، بما يمكنها من تقديم برامج تلبي احتياجات الشباب وتطلعاتهم.
وأكد السرحان ضرورة التنسيق والتكامل بين جميع المؤسسات الحكومية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، مع ضرورة إشراك الشباب أنفسهم في هذه الجهود، باعتبارهم الفئة المستهدفة والأساس الذي تبنى عليه البرامج والخطط المستقبلية.
هذا التكامل والتنسيق، كما يقول سرحان، يكون من خلال الاستماع والإصغاء لهم حين الحديث عن احتياجاتهم، لوضع الحلول المناسبة لقضاياهم، مع القناعة التامة أنه ليس هناك عصا سحرية جاهزة لحل جميع مشاكل الشباب بالمطلق وفي ذات الوقت، وإنما بالقدر والإمكانية المتاحة، مع أهمية التشاور وفتح قنوات الحوار العميقة بين ومع الشباب.
ومن خلال التحاور ما بين الشباب أنفسهم، ومع تلك المؤسسات، وبخاصة الشباب الذين لديهم اهتمامات وأنشطة وبرامج في المراكز الشبابية، يمكن الوصول لحلول عملية قابلة للتطبيق وإلا لا مجال للحديث عن إجراء مراجعة شاملة بمعزلٍ عن هذه الإجراءات.
ووفق السرحان، فإن الشباب بحاجة إلى المزيد من الفرص والأمل والوعد من قِبل الجميع، أهال ومؤسسات، لإدماجهم والمساهمة الفعلية والجادة والواعية بالعملية التنموية الشاملة بكل أبعادها الثقافية، السياسية، التعليمية والاجتماعية.
وكان رئيس الوزراء حريصا خلال زياراته الأسبوعية التي قام بها خلال الفترة الماضية إلى عدة مناطق من المملكة، على لقاء العديد من الشباب والشابات من أعضاء المراكز الشبابية فيها، ومتحدثا عن أهمية تطوير برامج التدريب وبناء القدرات والتوعية المقدمة للشباب، مع التأكيد على دعم الحكومة للأفكار الريادية والمبادرات الإنتاجية لأعضاء المراكز الشبابية في مختلف أنحاء المملكة.