عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jul-2020

أسر تلجأ للدروس الخصوصية لتعويض الأبناء “فجوة” التعلم عن بعد!

 

منى أبوحمور
 
عمان-الغد-  دفعت جائحة كورونا وما ألحقه التعليم عن بعد من أضرار أكاديمية وتراجع في المستوى التعليمي لدى العديد من الطلبة؛ العشرات من الأسر، إلى اللجوء للدروس الخصوصية لمراجعة المواد التي تم أخذها خلال فترة التعليم عن بعد.
الإمكانيات المادية التي سمحت للبعض بأن يحظى ببيئة تكنولوجية تعليمية مستقرة، قابلها مئات الطلبة الذين كانوا ينتظرون فرصة الاتصال بالإنترنت، كما أن انتظار أحد الوالدين لاستخدام هاتفه واللحاق بالدروس حرم العديد من الطلبة من الحصول على فرصة جيدة في التعليم التي تعد حقا لكل شخص.
كلف اقتصادية جديدة تفرضها جائحة كورونا على الأسر الأردنية، تدفع العشرات منهم لدفع مبالغ إضافية مقابل دروس خصوصية لأبنائها لتعويض الفاقد من الدروس، لاسيما في المواد الأساسية، وفق مراد الفقهي الذي اضطر لتسجيل ثلاثة من أبنائه في دروس خصوصية.
ويلفت الفقهي إلى أن الآثار النفسية التي لحقت بأبنائه خلال فترة الحظر جراء خوفهم من فيروس كورونا من جهة والتعليم عن بعد من جهة أخرى، كان لها دور كبير في تشتت انتباههم، فضلا عن حجم المعلومات الكبير الذي كانت ترسله المدرسة في اليوم الواحد وفي مباحث مختلفة.
تراجع ملحوظ رصدته هيام سعيد على ابنتها في مبحث الرياضيات، خصوصا وأن رحلة التعليم عن بعد بدأت باكرا. تقول “مادة الرياضيات عن بعد.. كانت أشبه بتلقين”، لافتة الى أن مبحثي الرياضيات والعلوم يحتاجان لتواصل وشرح تفاعلي بين الطالب والمعلم، وهو ما دفعها لإعطائها دروسا خصوصية لتعويض ما فاتها.
رغم الظروف المادية الصعبة التي تمر بها عائلة أم رامي التي توقف زوجها طوال فترات الحظر عن العمل وحاجتها الماسة لأي مبلغ مالي، وإن كان قليلا، إلا أنها اضطرت لتسجيل ابنها عند معلمة خاصة لتعيد له جميع دروس الصف الأول، خصوصا اللغة العربية لتعليمه القراءة والكتابة، الأمر الذي غفلت عنه عملية التعليم عن بعد.
وفي مبادرة إنسانية، قامت مجموعة من المعلمين والمعلمات بمختلف محافظات المملكة، بالإعلان عن استعدادهم لإعطاء دروس خصوصية مجانية وأخرى مقابل مبلغ رمزي لا يتجاوز الدينارين للحصة الواحدة.
وتحت عنوان “مفاجأة لطلاب المدارس”، أعلنت معلمة في مدينة السلط، عبر منشور على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عن استعدادها لإعطاء دروس خصوصية لجميع المناهج في البيت ودورة تدريسية في تقوية الطلاب الذين يعانون من ضعف في الدراسة، وتأسيس للطلبة في المراحل الأساسية فقط بدينار ونصف للحصة الواحدة.
في حين أن مجموعة من المعلمين وعبر “فيسبوك”، عرضوا فيديوهات يشرحون غيها حصصا ودروسا في مباحث مختلفة لمراجعة المناهج في جميع المراحل.
ومن جهته، يشير التربوي الدكتور عايش النوايسة إلى أن نظام التعليم عن بعد قد أفرز قلقا لدى أولياء الأمور على أبنائهم، خاصة في المواد الأساسية كاللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم واللغة العربية وغيرها، لذا توجه الأهل نحو التدريس الخصوصي الذي كان له دور بارز قبل الأزمة، لكن الأزمة عظمت من هذا ونشرته.
وتعد الدروس الخصوصية، وفق النوايسة، ظاهرة تعليمية بارزة في الحياة التعليمية المدرسية وأحياناً الجامعية، وهي بكل صورها ظاهرة برزت نتيجة تركيز جزء كبير من التعليم على المعرفة والحفظ والتلقين في جانب تقييم الطلبة وتوزيعهم في نهاية المطاف وفق مقدار التحصيل الذي يصلون إليه.
إلى ذلك، فقد جاءت أزمة كوفيد 19 عاصفة لجميع القطاعات، بحسب النوايسة، ومنها قطاع التعليم الذي وجد نفسه مجبراً على تحول في أدواته وفي شكله وإجراءاته من خلال توظيف التقنيات الإلكترونية والرقمية في تعلم الطلبة عن بعد، كما فتح هذا الإجراء باباً كبيراً أمام وزارة التربية والتعليم وكافة القطاعات المعنية للتحول بالتعلم من شكله التقليدي إلى التعلم عن بعد المستند إلى الأدوات الرقمية وبمساندة وتقبل من الجميع.
وهناك أسباب أخرى أدت إلى بروز الظاهرة غير أزمة كوفيد 19، منها تراجع دور المعلم في الغرفة الصفية واعتماده على الدروس الخصوصية لزيادة دخله وغياب المهنية التربوية والمساءلة والمتابعة، كما أنها أصبحت “برستيج” اجتماعيا؛ إذ لا بد لطلبة الثانوية العامة من أخذ هذه الدروس حتى لو لم يكن بحاجة إليها حتى في المواد الدراسية التي تعتمدت على الحفظ والتلقين.
لذلك، فإن ظاهرة الدروس الخصوصية أربكت الأسرة والمجتمع والنظام التعليمي القائم، ودفعت بعض المعلمين للتخلي عن أدوارهم الحقيقية في إعطاء المادة الدراسية وتدريسها، وعدم الاهتمام بتوضيح المضامين، وتحيزهم إلى طلاب دون غيرهم لأنهم يأخذون عندهم دروسا خصوصية، وفق النوايسة.
ويردف النوايسة “أن هذه الظاهرة قد فرضت نفسها فرضاً على مجتمعنا في الآونة الأخيرة، إلى الحد الذي يكاد لا يخلو بيت من بيوتنا ونجد أن هذه الظاهرة قد انتشرت لتطال جميع الأطراف، ولي الأمر أولاً، والطالب ثانياً والمعلم ثالثاً، والنظام المدرسي رابعا، والمجتمع بشكل عام”.
النوايسة، من جانبه، يحذر من ظاهرة مقلقة، تتمثل بوجود تعليم رسمي في ساعات الصباح قائم على نظام تعليمي له قواعده وأسسه وضوابط تنفيذه يقابله نظام خصوصي يتعلق بمعلمي المواد الدراسية المختلفة بعد الانتهاء من التعليم الصباحي مواز للتعليم الرسمي ولكنه في البيوت، فالطلبة ينتقلون من المدرسة مباشرة إلى البيوت، الأمر الذي يجعل الطلبة غير مكترثين بالتعليم داخل المدرسة، بل لا يهمهم ما يحدث داخلها من تعليم لأنهم مستندون على الدروس الخصوصية التي قد لا يبذل المعلم فيها كل ما يستطيع مقابل بعض المميزات المادية.