عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Jan-2019

وقفة مع كتاب «المواطنة والهوية الوطنية..» لمجد الدين خمش

 الدستور-نضال برقان

 
يعمل كتاب «المواطنة والهوية الوطنية، في الأردن والوطن العربي»، الفائز بجائزة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين للإبداع 2018، على تحليل ومناقشة المواطنة والهُوية الوطنيّة في الأردن في إطار عربي مقارن يأخذ بعين الاعتبار تجارب المواطنة في عدد من البلدان العربية، لاسيّما الإمارات العربية المتحدة، ومصر، وتونس، والجزائر. 
كما يعرض الكتاب وهو من تأليف الدكتور مجد الدين خمش، وقد صدر حديثا عن «الآن ناشرون وموزعون – عمّان»، لنماذج معاصرة من المواطنة تشمل المواطنة القطرية، والمواطنة القومية، والمواطنة العالمية، والمواطنة متعددة الثقافات مع التركيز على أن المواطنة القطرية، والهُوية الوطنية القطرية السائدة في البلدان العربية حاليا تبقى الملاذ الأول للمجتمع لتمكين الدولة من حشد مواطنيها للتماسك والوحدة، والدفاع عن مكاسبهم، ومواجهة المشكلات الاقتصادية والإجتماعية التي تواجههم. وتوفير الترتيبات المؤسسيّة المناسبة لضمان حصول المواطنين على حرياتهم وحقوقهم المنصوص عليها في الدساتير، والقوانين والأنظمة والتي يتمتعون بها كمواطنين متساوين في الحقوق والالتزامات؛ تتنامى مشاركتهم السياسية التي تضمن لهذه الترتيبات المؤسسية الحيوية، والاستدامة.
ويتبين من تحليلات الكتاب أن هناك مؤشرات معرفية وعاطفية ومهاراتية للمواطن الصالح يتم التوافق عليها اجتماعياً وتربوياً، وهي المؤشرات التي تكون على المنهاج المدرسي والجامعي، وعلى وسائل الإعلام الاسترشاد بها لتوجيه التعليم والتعلم، والتربية والإرشاد بشكل عام لإنتاج المواطن الصالح بما يتناسب والتحدّيات المعاصرة، ومتطلبات سوق العمل، وتطوير الإدارات الحكومية، ومواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة؛ ما يعطي المواطن مزيداً من الفرص والآليّات للمشاركة الفاعلة في القرار السياسي العام،  وفي ابتكار حلول لمشكلات المجتمع، وبخاصة تبسيط إجراءات الإدارات الحكومية وزيادة كفاءتها، وتوجيه الشباب نحو التعليم التقني المهني والاكتشاف والابتكار.
ويتّضح من تحليلات الكتاب أن المضامين الواردة في الأوراق النقاشيّة الملكية التي نشرها الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، وبرامج العمل، والآليّات المؤسسية التي تقترحها ترسّخ الديمقراطية كأسلوب حياة للأردنيين، وتحفّز الأفراد للقيام بدور فاعل في المجتمع، بما يعظّم من مشاركتهم السياسية والاجتماعية، ومشاركتهم في حل مشكلات الإدارات العامة الحكومية. ذلك أن النظام السياسي الديمقراطي يجعل الفرد مراقباً ومحاسباً لأداء الحكومات وأجهزتها الإدارية بشكل مباشر، أو غير مباشر. ومشاركة المواطنين السياسية بشتى صورها، لاسيما ممارسة حق الاقتراع يعني أن المواطن مهتم بكفاءة ومستوى أداء الحكومة، ويدرك دوره المهم في صياغة القرار المجتمعي العام.
وفيما يتعلق بالهُوية الوطنية يتضح من تحليلات الكتاب أن هذه الهُوية توجد على مستويين متكاملين، مستوى الهُوية الذاتية للأفراد، ومستوى الهُوية الوطنية الجامعة. فعلى المستوى الثاني يمتلك الفرد هُوية سياسية وطنية ذاتية تنتج عن ارتباطه بالدولة ومؤسساتها، وبالمجتمع وجماعاته، ومؤسساته المختلفة؛ فيشعر أن صفاته ومشاعره، وسلوكياته انعكاس للولاء للدولة، والانتماء إلى المجتمع. وبالرغم من أن الفرد يمتلك هُويات ذاتية أخرى، قرابية، أو مهنية، أو عمرية، أو هُويات عضوية في تنظيمات المجتمع المدني، فإن هُوية المواطنة تبقى لديه هي الأقوى، والأشمل فهي التي تنظم الهُويات الأخرى ضمن مسارات الولاء والانتماء للدولة، والمجتمع، والاستمرار في القيام بالالتزامات نحوهما قانونيا وأخلاقيا.
ولا يشعر المواطن - كما يتبيّن من تحليلات الكتاب - بوجود تعارض بين هذه الهُويات، فهي تكمّل بعضهاً بعضاً، وتدعّم الانتماء الوطني. كما أنها تُعطي الأفراد مكانات، وأدوارا متعددة تزيد من شعورهم بالمسؤولية الاجتماعية والسياسة، وتحفزّهم للقيام بواجباتهم نحو المجتمع والدولة، ضمن معطيات الدستور، ونصوص القانون بما يقوّي شرعية حصولهم على حقوقهم وحرياتهم، مع متابعة قيامهم بواجباتهم والتزاماتهم نحو الدولة ومؤسساتها، ونحو المجتمع وجماعاته. وهي تتضمن أيضا الانتماء للوطن، والولاء لقيادته السياسية، والمشاركة الفاعلة اجتماعياً وسياسياً على قدم المساواة مع المواطنين الآخرين لضمان استقرار المؤسسات، والحفاظ على بناء المجتمع والدولة، وتطّوير هذا البناء لمواجهة ما يستجد من أحوال وظروف. 
ويركّز الكتاب على تقييم سياسات التربية للمواطنة والتي هي عملية تربوية تهدف إلى تكوين النشء تكويناً وطنياً صحيحاً من خلال إكسابهم سلوكيات، ومفاهيم، ومهارات، ومشاعر المواطنة. حيث تشمل هذه العملية الجانب المعرفي المتعلق بالمعلومات والمفاهيم والتحليلات حول وطنهم والتي يكون عليهم معرفتها، واستيعابها، وممارستها. وتشمل هذه العملية أيضا الجانب الوجداني المتمثل في اكتساب الاتجاهات والقيم والمواقف الإيجابية نحو الوطن، وقيادته السياسية. والجانب الثالث الذي تتضمنه عملية التربية للمواطنة هو المهارات، لا سيّما مهارات المشاركة السياسية، ومهارات المشاركة الاقتصادية والاجتماعية.
ويُختتم الكتاب بتقديم توصيات عملية تطبيقية  لتدعيم المواطنة الفاعلة وترسيخ الهُوية الوطنية الجامعة تشمل نشاطات مدرسية مصاحبة للمنهاج، وإنشاء مراكز للتدريب على مهارات المواطنة، ومهارات المشاركة في المنتديات العامة، وترسيخ الهُوية الوطنية الجامعة، واستثمار منظّمات المجتمع المدني القائمة وتحفيزها لتنظيم دورات تطبيقية لتدريب الشباب على المواطنة الفاعلة لدعم جهود الهيئة المستقلة للانتخابات، وجهود وسائل الإعلام، والمؤسسات التعليمية في هذا السياق.