عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jul-2024

هل مسار «تطبيع» العلاقات السورية ــ التركية.. سالك؟*محمد خروب

 الراي 

ليس من التسرّع القول -ابتداءً- إن هذا المسار الذي تقدّم الأجندة الإقليمية «فجأة» الأسبوع الماضي, عبر تصريحات لافتة ادلى بها الرئيس التركي/إردوغان, تضمنت من بين أمور أخرى, «نيّته» توجيه دعوة للرئيس السوري لزيارة أنقرة, ثم ما لبث أن تراجع عنه بضغط من مستشاريه, فتحولت إلى «اشتراطات ومطالب» يتوجب على الرئيس الأسد تلبيتها, ما عنى رمي الكرة في ملعبه.
 
نقول بغير تسرّع: إن مسار تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة «لا» يبدو سالكاً, ودونه عقبات وصعوبات جمّة, ليس أقلها سلسلة الشروط والتصريحات التركية الإستفزازية, التي لا تعكِس جديّة حقيقية, بل هي «ناسِفة» لأي محاولات وساطة, يمكن أن تنهض بها هذه العاصمة أو تلك, ونقصد هنا موسكو أو بغداد (دع عنك طهران), بما هي العواصم الثلاث المعنية بل والمستفيدة, من إعادة المياه إلى مجاريها بين دمشق وأنقرة, بعد ثلاث عشرة سنة دموية بل وكارثية.
 
لنبدأ بالتصريحات «النارية» التي أدلى بها وزير الدفاع التركي, والتي جاءت مباشرة بعد تصريحات اردوغان المثيرة, عن نيته توجيه دعوة للرئيس السوري لزيارة انقرة (الأحد/7 تموز الجاري), كاشفا عن رغبته عودة العلاقات بين تركيا وسوريا، ومؤكدا أنه «قد» يوجه دعوة للرئيس الأسد لزيارة تركيا «في أي لحظة». مضيفا وعلى نحو «حرفِيّ»: «سنوجه دعوتنا إلى الرئيس السوري بشار الأسد (لزيارة تركيا)، وقد تكون في أي لحظة، ونأمل أن نُعيد العلاقات التركية-السورية إلى ما كانت عليه في الماضي». مُتابعاً القول: ان «الرئيس الروسي/بوتين, لديه مقاربة بشأن لقائنا مع الأسد في تركيا، ورئيس الوزراء العراقي لديه مقاربة، نتحدّث هنا ـ استطردَ ـ عن الوساطة فما المانع منها مع جارتنا؟»، مُتابعاً/إردوغان بالقول على نحو (ينسِف كل «إيجابية» يمكن استبطانها من تصريحاته, التي سبق ذِكرها): وصلنا الآن إلى مرحلة بحيث أنه, بـِ«مُجرد إتخاذ بشار الأسد خطوة لتحسين العلاقات مع تركيا»، سوف «نُبادر بالإستجابة بشكل مناسب».
 
إذا.. كل ما قاله إردوغان عن دعوة الأسد, لا تعدو كونها دعوة «مَشروطة», على الأسد تنفيذ إستحقاقاتها, قبل توجيه الدعوة, التي قال إردوغان أنه «قد» يُوجِّهها له.
 
ماذا عن تصريحات وزير الدفاع التركي «النارية»؟.
 
أكد الوزير التركي/الجنرال/ يشار غولر (جاء الى موقعه الجديد من رئاسة أركان الجيش التركي)، عزم بلاده إنشاء «ممرٍّ أمني» على طول حدودها مع سوريا والعراق، مُشيراً إلى أن أنقرة «تسعى إلى الحفاظ على استقلاليتها في سياستها تجاه الشرق الأوسط».
 
وفي تصريحات نقلتها صحيفة «بوليتكو» الأميركية، قال غولر: إن تركيا «عازمة على إنشاء ممر أمني بعمق 30 – 40 كيلومتراً, على طول حدودنا مع سوريا والعراق، وتطهير المنطقة من الإرهابيين». مُشدداً/ غولر على أن تركيا «ستُواصل عملياتها حتى تحييد آخر إرهابي»، في إشارة إلى حزب «العمال الكردستاني» وأذرعه في سوريا.
 
فأي جديد جاءت به تصريحات إردوغان لتطبيع العلاقات بين البلدين الجاريْن؟, وكيف يكمن والحال أن تُترجم تلك التصريحات على أرض الواقع السياسي والميداني والدبلوماسي الى «نيّات حسنة", عندما يتم رمي الكرة في ملعب الرئيس السوري للقيام بالخطوة الأولى؟. ناهيك عما انطوت عليه تصريحات وزير الدفاع التركي, عن «المنطقة الأمنيّة» التي ستقيمها تركيا بعمق 30 ـ 40 كيلومترا على طول الحدود السورية و«العراقية»؟.
 
وإذا كان من المفيد هنا التذكير بأن تصريحات إردوغان المثيرة, عن «تطبيع» علاقات بلاده مع سوريا, ما كان لها لِتُطلق لولا «المخاوف» التي استبدت بالرئيس التركي, بعدما أصرّ إنفصاليّو قوات سوريا الديموقراطية/ قسَد (الكُردية), وذراعها السياسية/مسَد, على المُضي قُدما في إجراء الإنتخابات في المناطق التي يُسيطرون عليها, بدعم أميركي «مُلتبِس أقرب الى التأييد ولكن كمناورة, كما هي حال المواقف والسياسات الأميركية في المنطقة العربية على وجه الخصوص, عندما تقول الشيء ونقيضه في التصريح الواحد».
 
وكما هو معروف فقد أعلنت ما تسمى «الإدارة الذاتية»/الكردية, عن إجراء إنتخابات «بلدية», في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية في 11 حزيران الماضي، ثم ما لبثت ان أعلنت يوم 6 حزيران الماضي, اي قبل خمسة أيام من الموعد المحدد لإجرائها, عن تأجيلها الى شهر آب الوشيك, بذريعة «الاستجابة للمطالب الواردة من قِبل الأحزاب والتحالفات السياسية المُشاركة في الانتخابات»، والتي طالبت المفوضية العليا للانتخابات بتأجيل الانتخابات لموعد آخر، وذلك لـ«ضيق الوقت المُخصص للفترة الدعائية ولتأمين المدة الكافية من أجل مخاطبة المنظمات الدولية لمراقبة سير العملية الانتخابية».
 
وبصرف النظر عن صحة ودقة التبرير, الذي ساقته القوى الإنفصالية لهذا التأجيل, فإنها كانت «بعض» المخاوف التي حدت بإردوغان لإطلاق تصريحاته, او «مناورته» على نحو أدق.
 
ماذا عن.. موقف دمشق؟.
 
أكدت سوريا، أن أي مبادرة لتطبيع العلاقات مع أنقرة, يجب أن «تُبنى على أُسس في مقدمتها عودة الوضع الذي كان سائدا قبل العام 2011، ومكافحة المجموعات الإرهابية التي تُهدد أمن سوريا وتركيا. وقالت الخارجية السورية في بيان: «في الوقت الذي تتوالى فيه المواقف والتصريحات حول العلاقة بين سوريا وتركيا، تود سوريا التذكير بأنها حرصت دائما على التمييز الواضح ما بين الشعوب, ومُمارسات الحكومات التي ألحقَتْ الأذى بسوريا».