بعد التقاعد.. هل تتحسن العلاقة بين الأزواج أم تسوء أكثر؟
مجد جابر
عمان–الغد- حالة من التوتر تعيشها الأربعينية سناء عبدالله، إثر تقاعد زوجها وعودته من إحدى دول الخليج، خصوصا أن لها ولأبنائها نمطا معينا اعتادوا عليه طيلة السنوات السابقة، كما أن زوجها وتصرفاته اختلفت كثيرا.
سنوات غربة الزوج، وانتهاء عقد عمله، ومن ثم عودته للاستقرار بدون وظيفة، جعلته يفكر أن يعيد نظام البيت كاملا، ويغير كل شيء، بل يفرض قواعد جديدة على كل أفراد أسرته.
تقول سناء، “في زيارات زوجي أيام الإجازات، لم نلاحظ أيا من هذه الطباع التي ظهرت فجأة الآن”، مبينة أنه أحيانا يدخل الى المطبخ، ويتدخل في طريقة إعداد المأكولات، وهذا الأمر كان من المستحيل أن يفعله في الماضي، ويعتبره أمرا مقتصرا على النساء فقط.
تضيف سناء، تطور الأمر شيئا فشيئا، وأصبح يتدخل في أدق تفاصيل أبنائنا، ومنها طريقة لباسهم وقصات شعرهم، وموعد استيقاظهم وخلودهم للنوم، وعند خروجهم مع أصدقائهم، وغيرها من السلوكيات.
وتبين سناء أن زوجها أصبح يرفض أن تغادر المنزل، حتى وصل به الأمر بأن يغضب جراء حديث الأولاد معها أكثر منه، وعندما يرغبون بأمر ما يبادرون بطلبه من والدتهم، بحسب ما اعتادوا طوال السنوات السابقة، لافتةً الى أنها حاولت مراراً أن تشرح له بأن الأمور بحاجة لفترة، للتأقلم مرة أخرى على وجوده، إلا أنه لا يكف عن التصرف بذات الطريقة.
في حين أن ابراهيم يعيش حالة من الاحباط بسبب والديه الذي يستغرب من طريقتهما، فبعد تقاعد والده وجلوسه في المنزل زادت حدة المشاكل، لدرجة لا تطاق، بحسب وصفه، مبيناً أن الامور التي تحدث الخلافات عليها تكون بسيطة جدا، ولا تذكر، إلا أنها سرعان ما تكبر وتصل الى مشكلة كبيرة.
ويضيف أنه أصبح يعيش دور المصلح الاجتماعي بينهما، فكلاهما يشكي الآخر له، حتى كادت تصل الأمور بينهما الى الطلاق فعلا.
ويشير ابراهيم إلى أنه كان يعيش حالة نفسية سيئة، بسبب اتخاذ والديه قرار الطلاق، فهو لا يستوعب كيف ينفصل والداه بعد هذا العمر، وبعد أن أصبح هو وإخوانه كبارا، مبينا أنه تحدث إليهما مرارا، ووعداه بأنهما سيفكران في الموضوع من جديد، ويحاولان التأقلم على فكرة وجود كلاهما في المنزل. غير أن الحال كان مختلفاً بالنسبة لمريم التي كانت متوترة من فكرة تقاعد زوجها وجلوسه طوال الوقت في المنزل، الا أنه وبحكم قضائه فترة طويلة بالغربة عاد إليها، وأصبح يشعر بمتعة كبيرة بمشاركتها الأعمال بالمنزل، مثل شؤون إعداد الأطعمة والحلويات، وتفقد الحاجيات والتبضع.
وهو الأمر الذي استغربته مريم في البداية، إلا أنها اكتشفت أن زوجها بعد تقاعده أصبح أكثر قربا ويشاركها بكل شيء، حتى بابتكار مأكولات جديدة، ومساعدتها في المطبخ، إلى جانب أنه متابع دائم الى أجدد الوصفات، وأحدث الطرق في عالم الطبخ.
وفي ذلك يقول اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، إن أهم المشاكل التي تحصل للمتقاعدين بعد انتهاء فترة عملهم، خصوصا اذا كان التقاعد “اجباريا”، الشعور بالتهميش، وأنه شخص غير مرغوب به حتى بين أفراد أسرته.
ويضيف، وقت الفراغ الذي يقضيه المتقاعد، خصوصا أنه غير معتاد عليه، يخلق صدمة لديه، وحالة من الوحدة والانعزال، وكذلك عدم الاتصال من قبل الزملاء والموظفين الذين كانوا معه في العمل، مضيفا، كذلك جلوسه في البيت يجعله يتدخل بكل صغيرة وكبيرة، ويتدخل بالأبناء والزوجة، وهو الشيء الذي لم يعتادوا عليه من قبل، لهذا السبب يحدث النفور من وجوده.
ويضيف أن المتقاعد يشعر بغربة عن الناس كونه فقد دوراً اجتماعيا مهما، وعليه أن يعوضه بهذه التدخلات، لذلك هو بأشد الحاجة لتعاون الأسرة، لتجاوز المرحلة الأولى التي قد تصل لستة شهور، وهو ما يطلق عليه “صدمة التقاعد”، بأن يتعاونوا مع بعضهم البعض في خروجه من هذه الحالة. ويختم، ويجب إشراكهم في أعمال تطوعية، ودعوتهم للخروج من المنزل، فهذا الأمر في غاية الأهمية، موضحا، حتى لا تتأزم حالته، وتصل الى مشكلات نفسية وصحية.