عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Mar-2020

جائحة كورونا... والتزامات الدول الدولية بمعايير حقوق الإنسان - د.فريال حجازي العساف

 

الدستور - بعد تفشي جائحة كورونا في أكثر من 159 دولة على مستوى العالم وحصدها آلاف الأرواح واستمرارها بتعريض حياة الملايين للإصابة بهذا الوباء الجائح، ومن خلال إلقاء نظرة على المشاهد الدولية التي اتبعتها الدول للتصدي لتلك الجائحة وعلاقة تلك الإجراءات المتخذة بالالتزامات الدولية الواقعة على الدول الأطراف و التي كفلتها المعايير الدولية لحقوق الإنسان ذات العلاقة بالصحة، فانه يتعين توضيح المضمون المعياري للحق بالصحة وعلاقته بالتزامات الدولة والأفراد على حد السواء . يعتبر الحق بالصحة من الحقوق المسلم بها في العديد من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والتي صادق الأردن على معظمها ؛ ومن بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي ينص على أعمال التدريجي للحقوق والتسليم بمحدودية الموارد المتاحة يضاف، ما سردته المادة 12 من العهد التي تعتبر اشمل مادة تتعلق بالحق بالصحة في القانون الدولي لحقوق الانسان والمتعلقة بجملة التدابير التي يتعين على الدولة الطرف اتخاذها لتامين الممارسة الكاملة للتمتع بالحق بالصحة كون ان هذا الحق يشمل حقوقا وحريات ، فالحريات تتضمن حرية الفرد في ضمان التحكم بصحته وجسده والحق بمعالجته طبيا وان يكون بمأمن من التدخل، اما الحقوق فتشمل حقه من الاستفادة من نظام للحماية الصحية المتاح بمنهج مبني على تكافؤ الفرص أمام الأفراد. المضمون المعياري للحق اوجب ثلاث مستويات من الالتزامات تقع على الدول الأطراف يتوجب تنفيذها من باب الوفاء بالتزاماتها الدولية ولكل دولة هامش استنسابي في تقدير انسب التدابير لظروفها المحددة مع ضمانة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان تمكين الجميع من الوصول والحصول على الخدمات الصحية ؛ أولهما الالتزام بالاحترام والذي يتطلب منع او تقييد إتاحة فرص متكافئة لجميع الأشخاص للحصول على الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية بغض النظر عن اي تمييز يذكر وثانيهما الالتزام بالحماية باتخاذ التدابير التي من شانها ان تمنع اطرافا ثالثة من اعاقة ضمانات الحق بالصحة وثالثهما التزام بالأداء الذي يتطلب اتخاذ التدابير القانونية والادارية والاجتماعية والاقتصادية وتدابير تتعلق بالميزانية من اجل الأعمال الكامل للحق بالصحة في كافة الظروف العادية والاستثنائية والطارئة. يراعى في ذلك الشروط البيولوجية والاجتماعية والاقتصادية للفرد والموارد المتاحة للدولة اذ ثمة عدة عوامل لا يمكن التصدي لها في ظل محدودية الموارد للدولة وتؤثر على قدرة الدولة بتوفير الوقاية من كل سبب ممكن ان يؤدي الى اعتلال صحة الإنسان ؛ مثل العوامل الوراثية و قابلية الفرد التعرض للاعتلال بسب انتشار الاوبئة وانتهاجه لأساليب حياة غير صحية وخطرة على الرغم من البرامج التثقيفية والتوعوية التي اتخذتها الدولة بمعنى ، في الظروف الطارئة المتمثلة بانتشار الأوبئة والجوائح المرضية تقع على الدولة مسؤولية وضع استراتجيات وخطط عمل للتصدي لتلك الظروف من خلال السعي الى وضع برامج وقائية وتثقيفية والعمل على تعزيز المقومات الاجتماعية المتصلة بالحق بالصحة مثل السلامة البيئية والتعليم والتنمية الاقتصادية والمساواة بين الجنسين في الوصول والحصول على الخدمات الصحية بغض النظر عن اي تمييز قائم والعمل على إنشاء نظام للرعاية الطبية العاجلة وتعزيز برامج التحصين وإصدار القوانين التي تتضمن حماية الأفراد من تفشي تلك الاوبئة. ويبقى نجاح تلك الاستراتيجيات و الخطط المتصلة مرهون بتعزيز المسؤولية المشتركة بين الفرد والدولة وأجزاء المجتمع كافة بمدى الالتزام بالأدوار والواجبات المناطة بكل جهة على حد سواء . 
 
- باحثة وخبيرة في حقوق الإنسان