من عهد الحسين الباني إلى زمن عبدالله الثاني المعزّز - د. محمد طالب عبيدات
الدستور - في الذكرى العشرين لرحيل الملك الحسين الباني طيب الله ثراه يستذكر الأردنيون الشرفاء مسيرة العمل الدؤوب والمخلص لباني الأردن الحديث، حيث الوفاء للمغفور له الحسين إبن طلال طيب الله ثراه والبيعة للملك عبدالله إبن الحسين حفظه الله، ونحن إذ نفتخر بالهاشميين وملوكهم فإننا نؤكد بأننا على العهد ماضون، فالوفاء والبيعة وإستمرار المسيرة ميزة ونكهة أردنية من منظومة سيرة الهاشميين وإمتداد حكمهم الميمون.
فالاردن يشكّل قصة نجاح لبلد موارده فوق الارض لا تحتها، فإستثماره بإنسانه يفوق موارده الطبيعية، والعلاقة الحميمة بين القيادة الهاشمية والشعب أساسها إحترام كرامة الانسان وإنسانيته، وملوك بنو هاشم بين صفوف شعبهم في كل زمان ومكان وحدث، فيلتقوا الناس ويحضروا بينهم ويتابعوا أوضاعهم ويتحسسوا همومهم ومشاكلهم ويسعوا لخدمتهم، فهم منهم وإليهم وبينهم.
نشعر بالفخر بأنه بالرغم أن الاردن بلد لا يوجد فيه موارد طبيعية ومع ذلك هو من أنظف البلدان ويمتلك نظام تعليمي قوي ونظام صحي متميز وفيه السكن والمأوى والامان والاستقرار وإحترام الانسان وحضوره العالمي كبير، والاصلاحات الشاملة التي يتبناها الاردن وقيادته الهاشمية تعزز فينا التطلع للمستقبل بنظرة أمل وتفاؤل خدمة للأجيال القادمة ولتحويل التحديات لفرص.
كما أن صمود الاردن رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة في إقليم ملتهب بالصراعات الاقليمية والدولية وحركات الارهاب وتهديدات وإشاعات صفقة القرن مؤشر على دولته العميقة الضاربة جذورها في التاريخ، وهذا ثمرة من ثمار حكم الهاشميين الاطهار، كما أن العالمية والدبلوماسية الاردنية الفذة في المحافل الدولية والعربية والاسلامية والاقليمية هي نتاج حكم راشد، والاصلاحات الوطنية الشاملة والتطورات المرنة ومسيرة الانجازات والتي تتناسب مع لغة العصر هي رؤية نعتز بها، والميدانية والقرب من المواطن والتواصل مع كل فئات الشعب والاستثمار بالانسان الاردني العارف والمبدع والمتعلم كطاقة فوق الارض لا تحتها ليكون الانسان رأس المال الحقيقي للدولة، وكذلك الوسطية ونبذ كل من العنف والتطرف والارهاب، وجهوزية ومهنية وإحترافية الجيش والاجهزة الامنية والمؤسسات المدنية التي نفخر بها، وتحويل التحديات الداخلية والخارجية التي يمر بها الاردن لفرص خدمة للمواطن، والتعايش الديني والسلم المجتمعي النموذج الذي ينعم به الاردن والذي يؤطر النموذج الانساني والاممي، وخريطة الطريق الأردنية للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي، واستيعاب مستجدات العصر، وغيرها الكثير، كلها ثمرات لتطلعات ملكية لخدمة الإنسان والوطن، وكلها سمات لحكم الهاشميين الذين هم من سبط النبي الاعظم محمد عليه الصلاة والسلام.
نجاحات للدولة الأردنية واضحة للعيان ولا ينكرها إلا جاحد أو جالد للذات، فالأمن والإستقرار منجز نفخر به في خضم إحاطتنا بسوار ملتهب من الحروب والفتن والطائفية وغيرها، ومردّ ذلك لثالوث قيادتنا الهاشمية المظفرة والجيش وأجهزتنا الأمنية الكفؤة ومواطننا الواعي والمنتمي، والكرامة الإنسانية والمواءمة بين الأمن والديمقراطية والتوجّه صوب المجتمع المدني ومعيار المواطنة منجزات حضارية كلها تحترم المواطن، وقرب العلاقة الإنسانية بين القائد والشعب وحميمية العلاقة بينهما والتي قلّما نجدها في أي دولة بالعالم، ونجاح الدبلوماسية الأردنية والحضور الدولي تُسجّل في ميزان حضاريتنا، والوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية والنسيج الإجتماعي الوطني يجعل من نسيجنا الإجتماعي والمجتمع المدني ومنظماته كلهم رديف لأجهزتنا الرسمية، وخريطة الإصلاح الشاملة والتي تمثّل رؤى جلالة الملك المعزز في النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتريوية جعلتنا نلج الألفية الثالثة بإقتدار، فالأردن يمثّل مركز إقليمي لتصدير الكفاءات وخصوصاً لدول إقليم الشرق الأوسط والخليج العربي وحتى بقية دول العالم، وصحيح أننا نعاني من إرتفاع في نسب البطالة والفقر وتراجع الإستثمارات وفرص العمل المحليّة وتأرجح في النمو الإقتصادي، لكننا نفخر بالكفاءات الأردنية المرحّب بها حيثما حلّت ونظامنا التعليمي المتميّز والتي بدورها تُعوّض نسبياً هذه التحديات، فمقابل كل حالة فساد يتحدّث بها البعض، هنالك عشرات الآلاف من الشرفاء والمخلصين يخدمون هذا الوطن ويساهموا في نماءه وبناءه، وصحيح أننا كمواطنين نعيش حالة ليست وسطية في ثقافتنا الإستهلاكية دون ترشيد أو تقدير أحياناً للظرف العام والمحيط من حولنا، لكن هذا الوطن لا ملجأ ولا ملاذ لنا غيره، لأننا ببساطة ننتمي إليه ونحبّه وندافع عنه وقيادته حتى النخاع، فالمنجزات الوطنية كثيرة والقائمة تطول، وصمود الأردن في ظل التحديات الأقليمية والمحلية والدولية بحدّ ذاته إنجاز ومفخرة، ومطلوب منّا تعظيم المنجزات والبناء عليها وعدم الإلتفات للشائعات أو محاولات العبث اليائسة بمنجزاتنا الحضارية، ومطلوب المضي قُدماً بنظرة تفاؤلية للمستقبل.
وحيث أننا نفتخر بالهاشميين وملوكهم فإننا كأردنيين نؤكد بأننا على العهد ماضون، فالوفاء والبيعة ميزة ونكهة أردنية هاشمية بإمتياز من منظومة سيرة الهاشميين والأردنيين من شتّى المنابت والأصول، وإمتداد لحكم رشيد أساسه إحترام كرامة الإنسان، وما زالت آثار إنجازات الحسين رحمه الله تعالى ماثلة على الأصعدة المحلية والإقليمية والعربية والإسلامية والدولية والأممية، وتوارثها وأكمل عليها أبا الحسين حفظه الله، والاردن الوطن يشكل قصّة نجاح لبلد محدود الموارد جُلّها فوق الارض لا تحتها، فإستثماره بإنسانه العارف والمتميز يفوق موارده الطبيعية، وتنمية موارده البشرية ديناميكية صوب مواءمة مخرجاته التعليمية وسوق العمل، و العلاقة الحميمة بين القيادة الهاشمية والشعب أساسها إحترام وصون كرامة الانسان وإنسانيته وقُرب القيادة من الشعب وتلمّس حاجاتهم وهمومهم وتقديم الخدمات المثلى لهم وتحويل التحديات إلى فرص، والملك بين صفوف شعبه في كل زمان ومكان وحدث، فيلتقي الناس ويحضر بينهم ويتابع أوضاعهم ويتحسس همومهم ومشاكلهم ويسعى لخدمتهم، فهو منهم وإليهم وبينهم، والانسانية والخلق الرفيع ونهج الحوار صفات لازمت جلالته ?حترامه لكرامة الانسان وتعليمه وصحته ورفاهه ووضعه في سلم أولوياته.
والإصلاحات الوطنية الشاملة والتطورات المرنة ومسيرة الانجازات والتي تتناسب مع لغة العصر في زمن جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين هي رؤية هاشمية بإمتياز تشكّل مصدر إعتزاز لنا جميعاً، والميدانية والقرب من المواطن وتواصل جلالته مع كل فئات الشعب سمة من سماته الانسانية، والاستثمار بالانسان الاردني العارف والمبدع والمتعلم ليكون الانسان رأس المال الحقيقي للدولة، هي رؤية إبداعية، والوسطية ونبذ كل من العنف والتطرف والارهاب سمة لحكم الهاشميين الذين هم من سبط النبي الاعظم محمد عليه الصلاة والسلام، والجيش والاجهزة الامنية والمؤسسات المدنية نفخر بها كلها كثمرة لتطلعات جلالته خدمة للإنسان والوطن، وتحويل التحديات الداخلية والخارجية التي يمر بها الاردن لفرص خدمة للمواطن نهج عقلاني، والوحدة الوطنية والتعايش الديني والسلم المجتمعي النموذج الذي ينعم به الاردن والذي يؤطر النموذج الانساني والاممي فخر للأردنيين، وتوجيهات جلالته للحكومات المتعاقبة لتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين من خلال جلب الاستثمارات وخلق فرص العمل ومحاربة الفقر مقدرة عند كل الاردنيين؛ بالرغم مما نعانيه من وضع إقتصادي ومالي صعب، فجلالة الملك والهاشميين صمام أمان هذا الوطن الاشم، والاردن بانجازاته رغم شح الامكانات قصة إنجاز ونجاح نفخر بها، ونعتز بإنتمائنا للأردن الوطن وولائنا لجلالة الملك وحكم الهاشميين الرشيد.
ولعلها فرصة مواتية لإستذكار موقف مشرّف للحسين الباني رحمه الله تعالى عندما شرّف جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية عام 1997 وكرّم الأساتذة المتميزين في البحث العلمي والتدريس، وتشرّفت بأن كنت من بينهم حيث صافحت جلالته في مدرّج الفاروق بالجامعة ومنحني ميدالية التميز بالبحث العلمي وشدّ من أزري وشجّعني على روحية العطاء والتميز والإبتكار والإنتاج والمساهمة في توطين التكنولوجيا العصرية في ربوع الوطن، وهذا بالطبع مؤشر على رؤيته الثاقبة لتشجيع البحث العلمي والتكنولوجيا والشباب والإستثمار بهم.
أمّا جلالة الملك عبدالله الثاني المعزّز حفظه الله تعالى فقد تشرّفت بلقائه عدّة مرات بحكم عملي كوزير للأشغال العامة والإسكان في حكومتي السيد سمير الرفاعي، وكانت اللقاءات لتقديم عروض عن مشاريع الحكومة في البنى التحتية وسكن كريم ومراحل تقدّمها، وكذلك في مجلس الوزراء لتوجيه الحكومة ومتابعة عملها، وأثناء زيارات جلالته للواء بني كنانة الأشم ومحافظة إربد، ولقاءات جلالته مع الفعاليات الرسمية والشعبية بالمملكة والمحافظات، وإستعراض العلم ومناسبات عيد الإستقلال وأعياد الأضحى والفطر المتعاقبة وغيرها من اللقاءات الكثير، وكان ما يميز جلالته وبوضوح التواضع والإحترام والإستماع والإنصات للآخر والمتابعة الحثيثة والإطلاع الواسع والرؤية الإستباقية والثاقبة ونهج الحوار والدبلوماسية الرفيعة والميدانية والقُرب من الناس.
ولهذا كله، فإننا نعتز بقيادتنا الهاشمية التي تمتلك همة الشباب وحكمة الشيوخ، ونستمطر شئابيب الرحمة على روح الحسين الطاهرة، وندعو لأبي الحسين بالصحة والعافية وطول العمر، ونفتخر بإنسانية قيادتنا الهاشمية وحضورها العالمي وإنجازاتها على الأرض، ونتباهى بحزمها في حماية الوطن، فالاردن بلد عزيز ومنيع بالرغم من التحديات الاقتصادية الجسام، ويحق للأردنيين أن يفخروا بقيادة جلالة الملك كنموذج للقيادة الحكيمة الواعية في زمن الألفية الثالثة، وندعو له بطول العمر وموفور الصحة والعافية، وله منا ولاء يطاول همته العالية، وعهداً منا أن نبقى أردنيين على قدر مضاء عزم جلالته.
*وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق