هل تنجح إسرائيل في «فرمَلة» العودة الأميركية.. لـِ«النووي»؟*محمد خروب
الراي
أصابع الإتهام مُوجّهة نحو تل ابيب في الهجوم الإلكتروني الذي استهدف مفاعل نطنز النووي, رغم ان طهران التي وَصفتْ الحادث بـ"الإرهاب النووي» وأعلنت احتفاظها بالحق في اتخاذ إجراءات ضد الجُناة.. كانت أكثر حذرا ولم تتّهم إسرائيل مباشرة باستهداف المنشأة النووية الرئيسية التي تعتمد عليها في رفع نسبة تخصيب اليورانيوم, والتي وصلت ذروتها بإعلان الرئيس الإيراني.. «بدء الاختبار الميكانيكي على أجهزة الطرد المركزي من الجيل التاسع, مع البدء بضخ غاز اليورانيوم بأجهزة الطرد فيه».
آثار الهجوم السيبراني الأخير لم تتّضح بعد, رغم تسريبات إسرائيلية عن الحاق أضرار بشبكة الكهرباء التي تُغذي أجهزة الطرد المركزي, لكن تزامن الهجوم مع وصول وزير الحرب الأميركي الى تل أبيب, وبعد يوم واحد من اعلان الرئيس الإيراني بدء اختبار جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي, المحظور على ايران اختبارها أو تشغيلها؟, بموجب الإتفاق النووي مع مجموعة 5+1، يرتبط بصلة وثيقة مع محادثات فيينا بين مجموعة 4+1 وايران بمشاركة أميركية غير مباشرة. وصفها الإيرانيون كما الأميركيان مالي وبلينكن بأنها «ايجابية", شاركهم في ذلك ممثلو م?موعة 4+1, في وقت أبدى فيه الطرفان (الإيراني والأميركي) حذَرا من المُبالغة في التوقّعات, محملاً كل منهما الآخر مسؤولية فشل أوانهيار تلك المفاوضات, في حال رفضه مقترحاته والمأزق الذي ينتظر المفاوضات, بإصراره واشنطن عدم التزحزح عن «الخط» الذي رسمته, لإعادة إلتزامها بـِ"خطة العمل الشاملة المُشتركة» التي انسحب منها ترمب عام 2018.
يبدو أنه لم يحن بعد موعد بحثها.. رغم ادراك واشنطن أن طهران سجّلت أكثر من نقطة لصالحها, بعد توقيعها اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الصين. ليس فقط ببعدها الإستثماري/التجاري وانما أيضاً بأبعادها العسكرية وتأثيرها على توازنات القوى وخريطة التحالفات الجديدة, في منطقة تتمتع بمكانة جيوسياسية فائقة الحساسية والحضور في التنافس الأميركي/الصيني المحتدم, والمرشح للتفاقم حال انضمام روسيا وباكستان اليه, في وقت تستعد فيه واشنطن لمغادرة أفغانستان مرغمة ومهزومة في أطول حرب خاضتها ولم تحصد منه سوى الخيبة وخسائر في الأرواح ?الموارد.
اسرائيل صاحبة الصوت العالي المحمول على غطرسة واستعلاء يكاد يفوق ما هي عليه الولايات المتحدة ذاتها من تنمّر وعدوانية، سجّلت لصالحها (اسرائيل) نقطة ثمينة, بنجاح هجومها السيبراني على شبكة توزيع كهرباء مفاعل نطنز, فيما تُواصل التلويح بالحرب, على ما ذهب اليه رئيس أركان جيشها كوخافي, وقول غانتس لنظيره الأميركي أوستن: أن اسرائيل تعتبر الولايات المتحدة «شريكاً كاملاً في كل مسارح العمليات.. وليس أقلّها ايران».
لكن واشنطن لن تذهب بعيداً وراء تل ابيب في الملف الإيراني, ادراكاً منها لحقيقة ما طرأ على المشهد الدولي من تطورات, وما باتت تواجهه من تحدٍ وارتفاع منسوب التوتر بينها وكل من موسكو وبيجين، ما يستوّجِب منها إبداء بعض المرونة حتى لا تجد نفسها وحيدة, في مرحلة فقدت فيها قدرتها على الاحتفاظ بمقعد قيادة العالم, وربما قناعة منها بأنها في حاجة للبحث عن حلفاء جُدداً (ليس بدلاء لإسرائيل), لمشاركتها قراءتها وتبنّي خطابها, خصوصاً في المحيطين الهندي والهادئ.