بين رفض حماس وتمسك الاحتلال بنزع سلاحها.. ما مصير المفاوضات؟
الغد-زايد الدخيل
في الوقت الذي تدرس حركة حماس، مقترحا إسرائيليا لوقف إطلاق النار في غزة، يتضمن إطلاق سراح 10 رهائن مقابل مئات السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، ونزع سلاح الحركة، رجح مراقبون فشل المقترح الذي يمنح أفضلية للاحتلال ويخرجه من معادلة الفشل في استئناف القتال في غزة.
ويحدد الاقتراح، الذي تسلمته حركة حماس أول من أمس، إطارا مبدئيا لهدنة مدتها 45 يوما في قطاع غزة، يهدف الجانبان خلالها إلى التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار، كما يدعو المقترح إلى نزع سلاح الحركة، وهو ما كان يعتبر في وقت سابق خطا أحمر بالنسبة لـ"حماس".
وقال هؤلاء المراقبون في أحاديث منفصلة لـ" الغد"، إن من غير المرجح موافقة حماس على المقترح، كما لا توجد ضمانة لإنهاء الحرب بشكل دائم، وهو ما طالبت به الحركة كجزء من اتفاق شامل.
ويتضمن مقترح الهدنة الإسرائيلي الأخير، بحسب تقارير إعلامية، وقف إطلاق نار مؤقت في غزة لمدة 45 يومًا، مع تبادل أسرى يشمل إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين (الأحياء والجثث) مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، كما ينص على إدخال مساعدات إنسانية وإعادة انتشار القوات الإسرائيلية خارج بعض مناطق القطاع، مثل رفح وبعض المناطق الشمالية والشرقية.
ويشترط المقترح بدء مفاوضات لوقف دائم لإطلاق النار خلال هذه الفترة، مع بند مثير للجدل يتعلق بنزع سلاح حماس، وهو ما وصفته مصادر في الحركة بالخط الأحمر غير القابل للتفاوض.
أسلحة حماس
وفي هذا الإطار، يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد الشنيكات، إن من الواضح منذ البداية أن إسرائيل تريد تحقيق مجموعة من الأهداف التي وضعتها في حربها على قطاع غزه، ومن ضمنها نزع سلاح حركة حماس، رغم أن كافة التقديرات العسكرية حول قدرات الحركة تشير إلى أنها لا تمتلك أكثر من سلاح خفيف إلى متوسط في بعض الحالات.
وأضاف الشنيكات إن الأسلحة تشمل بشكل رئيس قذائف الياسين التي تعتمد التوجيه اليدوي وتفتقد الفاعلية بعد 170 مترا، وهذا السلاح هو الأهم لديها، كذلك أسلحة رشاشة بسيطة وصواريخ غير دقيقة التوجيه وذات شحنات تفجيرية محدودة، ومع ذلك تصر إسرائيل على نزع سلاح حماس رغم أن السلاح قد يمتلكه أفراد عاديون، وهي أسلحة غير معقدة ولا تشكل خطرا وجوديا على إسرائيل.
وأضاف: "في الوعي الفلسطيني فإن التنازل عن السلاح يعني التنازل عن حق التحرير، وحق المقاومة، رغم بقاء الاحتلال، وهذا سيتم النظر إليه من الفلسطينيين بوصفه خيانة، ولذلك ليس سهلا نزع السلاح، رغم أني قلت إن هذا السلاح يعد سلاحا بسيطا وبدائيا مقارنة بالسلاح الإسرائيلي."
وتابع: "هناك مطالب إسرائيلية أخرى تتعلق بتسليم الأسرى، وأخرى بالتهجير، وهو ما تحدثت عنه أركان الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فالتهجير هو جزء من مشروع يتضمن تحويل قطاع غزة إلى مشروع تجاري أو عقاري، وهذا الموقف سيشكل بالنسبة لإسرائيل اليوم التالي لقطاع غزة، بما سيحمله ذلك التهجير من خطورة حقيقية على أمن المنطقة."
واستكمل: "ومن القراءة المتداولة والمتتابعة للمواقف الإسرائيلية، فإن هناك مطالب متدحرجة ومتزايدة، لكن السياسة الصهيونية تنتهج في المفاوضات المطالب العادية ثم المطالب الصعبة، أما المطالب المستحيلة ومع مرور الوقت، وبسبب هذه الإستراتيجية، فتبدو مقبولة جدا، ويعزز ذلك عملية عسكرية قوية وضغطا عسكريا متتاليا، بهدف جعل خيار التفاوض أسهل الخيارات بالنسبة للخصم."
وضع معقد لجيش الاحتلال
من جهته، توقع الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد عدم موافقة المقاومة على الطرح الصهيوني الأخير الذي يشمل وقفا مؤقتا لإطلاق النار لمدة 50 يوما، وتبادل الأسرى، والتفاوض على النقاط مجتمعة، بما فيها نزع سلاح المقاومة، والوقف الكلي للحرب في غزة، لأن إدخال شرط نزع سلاح المقاومة يمنح أفضلية للاحتلال ويخرجه من معادلة الفشل في استئناف القتال في غزة.
وأضاف إن جيش الاحتلال في وضع ميداني معقد، فلا هو قادر على الحسم، ولا هو قادر على الاستمرار بالعملية العسكرية لأسباب تحدثنا عنها كثيرا حول النقص في القوى البشرية، والتي أكدتها تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير أول من أمس، بأن "الجيش لن يستطيع إنجاز المهمة في ظل التقص في القوى البشرية".
وتابع: "يضاف إلى ذلك المدة التي فرضها ترامب على نتنياهو لإنجاز مهمة تحرير الأسرى بالقوة، فضلا عن ظاهرة التواقيع التي تعصف بالجيش الصهيوني بعد تقديم احتياط ومتقاعدين من سلاح الجو عريضة تطالب بوقف الحرب، وانتقلت عدواها إلى أسلحة المدرعات والمشاة والبحرية وقوات النخبة، حتى وصل الأمر بعريضة قدمت من منتسبي الموساد والوحدة 8200، ووحدة قوات النخبة لسلاح البحرية، الأمر الذي يضع تحديات أمام الجنرالات ويربك الخطة العسكرية."
وأشار إلى أنه من اللافت أن سقف الأهداف من العملية العسكرية بدأ ينخفض، حيث قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس لدى استئناف العملية العسكرية، بأن الهدف منها تحرير الأسرى بالقوة، ليعود قبل أيام ويصرح بأن العملية تقترب من تحقيق هدفها، وهو توسيع المنطقة العازلة، ثم صرح أمس بأن الهدف من العملية إجبار المقاومة على العودة إلى طاولة المفاوضات، ما يشير إلى تراجع تدريجي عن أهداف العملية العسكرية، في محاولة من المستوى العسكري لإقناع المستوى السياسي بأن الهدف تحقق ويجب العودة للمسار السياسي.
ولفت إلى أن المقاومة بحاجة أيضا للعودة للمفاوضات، لكن يبدو أنها تقرأ كيف يفكر الاحتلال أكثر مما يقرأ الاحتلال المقاومة، لذلك فهي لا تريد الموافقة على المبادرة الأخيرة بصياغتها الحالية التي تنقذ نتياهو من الفشل، ومن المتوقع، وضمن كل المؤشرات السابقة، أن تتم إعادة صياغة المبادرة الإسرائيلية من قبل الوسطاء، وإلغاء بند نزع سلاح المقاومة مقابل تأجيل شرط التفاوض على الوقف النهائي للحرب بوجود ضمانة أميركية مكتوبة على عدم استئناف القتال من قبل الاحتلال في غزة.
ضمانات واضحة
بدوره، يرى عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد فهمي الغزو، أن "المقترح الإسرائيلي يهدف إلى سحب ورقة الأسرى تدريجيا دون تقديم تنازلات جوهرية، خاصة أن المفاوضات التي تتوسط فيها مصر وقطر بدعم أميركي، تواجه عقبات بسبب هذه الخلافات، خصوصا حول نزع السلاح والانسحاب الكامل".
وتابع الغزو: "بلا شك، هناك ضغوط أميركية متزايدة للتوصل إلى اتفاق، لكن حركة حماس تطالب بضمانات واضحة لمنع إسرائيل من التنصل، كما حدث في المرحلة الأولى من اتفاق يناير 2025، الذي انتهى بانسحاب إسرائيل من التزامات المرحلة الثانية."
واستكمل: "حماس أبدت استعدادها لزيادة عدد الرهائن الأحياء الذين قد تطلق سراحهم، مقارنة بالعرض السابق، إلا أن المسألة المركزية الآن تتعلق بالحصول على ضمانات واضحة لإنهاء الحرب، وهو ما تصرّ عليه الحركة، فيما تنتظر إسرائيل رد حماس على المقترح المعدل في غضون أيام، وفي حال تبيّن وجود أرضية للمفاوضات، فإن إسرائيل ستوفد وفدًا تفاوضيًا إلى الدوحة أو القاهرة لاستئناف الحوار، وهي مستعدة لذلك متى دعت الحاجة."