عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Mar-2020

أين الخلل في إيطاليا ؟! - الدكتور فايز أبو حميدان

 

الدستور- عند ظهور وانتشار المرض في الصين نهاية العام المنصرم لم نكن نعرف عنه جيدا فقد تم الإعلان عن مرض غامض يصيب الرئة و يتسبب بموت الناس ولكن بعد اكتشاف السبب و هو فيروس (SARS-COV-2) لم نكن ندرك ضرورة الحجر الصحي لجهلنا بطبيعة المرض وسرعة انتشاره .
 
على أي حال وصل المرض إلى أوروبا و أمريكا و الآن الى جميع دول العالم تقريباً، ولكن السؤال المهم والذي يطرح نفسه هنا.. لماذا أصبحت إيطاليا الآن  البؤرة الهامة للفيروس وفشلت في احتواء انتشار وباء كوفيد 19؟؟ 
 
للإجابة عن هذا السؤال علينا أولاً معرفة ما يميز هذا البلد عن البلدان الأخرى فايطاليا لديها اكبر نسبة مسنين في العالم بعد اليابان، حيث أن نسبة الأعمار فوق ٦٠ عاماً بلغت ٢٦٪ من عدد السكان وهذه الفئة تتمركز في المناطق الشمالية من البلاد ولهذا السبب نرى أن نسبة الوفيات بمرض كوفيد ١٩ أعلى نسبة في العالم مقارنة بعدد المصابين حيث انها تجاوزت ٣٥٠٠ حالة وإصابة ما يقارب ٥٠ الف حالة اذاً التركيبة الديموغرافية والتي نشاهدها اذا تمعنا في شجرة الأعمار في إيطاليا فانها تختلف كثيراً عن الدول الأخرى  وخاصة النامية و التي تحتوي على نسبة عالية من الشباب والأطفال مقارنةً مع المسنين.
 
فالأبحاث العلمية الحالية والأرقام الحديثة أثبتت بأن النسبة الكبرى من الوفيات تموت في سن فوق ٦٩ عاما حيث بلغت نسبة الوفيات لديهم 3-4% مقابل 0.3٪  من الأعمار الأخرى و هو ما يسمى case fatality rate) (CFR)).
 
أما السبب الثاني فهو الطبيعة الاجتماعية للمجتمع الإيطالي والذي يتسم بوجود روابط اجتماعية وثيقة تشبه مجتمعنا حيث يعيش الأبناء و الأحفاد مع الأجداد في مكان واحد ، يضاف الى ذلك التعاون والتكافل العائلي الكبير كما أن طقوس الحياة والاحتفالات والعلاقات الاجتماعية لديهم مرتبطة بقرب شديد ومعظم الشباب في إيطاليا يعملون في المدن الكبرى ويعودون يوميا للعيش مع أهاليهم في القرى وهذا ساعد بدوره في الانتشار السريع للمرض ففئة الشباب المصابة لا تظهر أعراض شديدة في البداية تجعلهم يتخذون إجراءات حيطة وحذر حفاظا على سلامة ذويهم.
 
يضاف إلى ذلك قيام الحكومة الإيطالية بإعلان فرض حظر التجول مما أدى إلى هجرة الكثيرين للجنوب وهذا ساعد بدوره في انتشار المرض.
 
ان انتشار المرض بهذه الوتيرة المتسارعة في إيطاليا تسبب في نشوء أزمة كبرى في النظام الصحي والمستشفيات والتي كانت تعاني قبل ظهور المرض وانتشاره من تحديات مالية  وإدارية كبيرة ناهيك عن أن النظام الصحي هناك  هش وليس بالقوي ولا ننسى وجود حالات كوفيد ١٩ صعبة وخاصة للمسنين والذين يعانون من أمراض أخرى مزمنة مرتبطة بالتقدم في السن ، عدا ذلك فان شح الإمكانيات الطبية أيضا قد زاد الطين بلة وفاقم من حجم الأزمة فكافة المحاولات والإجراءات في احتواء كوفيد ١٩ في إيطاليا قد باءت بالفشل بل تسببت بحالة عارمة من الذعر اجتاحت البلاد عدا ذلك حجم الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تكبدتها الدولة جراء هذه الأزمة والتي لم يتضح حتى الآن إلى متى ستستمر ؟!