عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Sep-2025

معاضل إسرائيلية.. قرارات أميركية

  الغد

هآرتس
ميخائيل ميلشتاين
31/8/2025
 
إحدى المداولات الجدية التي أجريت حتى اليوم في مسألة "اليوم التالي" في غزة أجريت الأسبوع الماضي – لكن في واشنطن، برئاسة الرئيس ترامب ومشاركة محافل غير إسرائيلية، باستثناء "ظهور ضيف" للوزير ديرمر. هذه مقدمة لثغرة مزدوجة في سلوك إسرائيل الذي يأخذ في الاحتدام: من جهة، الخلل "القديم" المتعلق بغياب إستراتيجية مرتبة في موضوع مستقبل غزة، وهو الأمر الذي يلزم مثلا بتعريف من هي تلك الجهة المجهولة التي ليست حماس أو السلطة الفلسطينية التي ستحكم المنطقة، وكم من الوقت تعتزم إسرائيل البقاء فيها؛ ومن الجهة الأخرى – حقيقة أن قسما كبيرا من القرارات المصيرية المتعلقة بإسرائيل منوطة بالمزاج السائد في الغرفة البيضوية.
 
 
كل خطوة دراماتيكية اتخذت في السنة الأخيرة لم تتحقق عمليا إلا بعد تلقي ضوء أخضر من واشنطن. وكان الأمر بدأ حتى قبل أن يؤدي ترامب اليمين القانونية رئيسا، حين حث نتنياهو على الموافقة على وقف النار السابق في غزة؛ واصل المعركة ضد إيران؛ يكمن في الضغط على إسرائيل بتغيير سياستها المتصلبة في الموضوع الإنساني في القطاع؛ وعبر عن نفسه مؤخرا في الانتقالة الحادة التي نفذتها إسرائيل من الهجوم على مراكز الحكم في سورية إلى مفاوضات مباشرة معها – بتوجيه من واشنطن التي تؤشر أيضا إلى أنه يحتمل أن يتعين على نتنياهو أن يقيد عمله العسكري "الروتيني" في سورية وفي لبنان.
في أوساط الكثير منا في حكومة إسرائيل يعد ترامب كفرصة إستراتيجية، وفي نظر كثيرين آخرين كأساس مركزي في "عصر المعجزة" الذي يمر على إسرائيل منذ 7 أكتوبر. تعلق اليه آمال في أن يسمح بتحقيق أمانٍ أيديولوجية قديمة، مثل احتلال وضم أراض في غزة وفي الضفة، خوض معركة مريرة بلا حدود زمنية في القطاع، وانشغال عملي علني وثابت بالنسبة لتحرير أو تشجيع هجرة الفلسطينيين. كل هذا – رغم النقد المتزايد على إسرائيل من جانب العالم في كل تلك المواضيع.
تأخذ إسرائيل رهانا إستراتيجيا عظيما من حيث الاعتماد شبه المطلق على ترامب، وذلك على أساس مفهوم جديد في أنه في كل قرار، خطوة أو إعلان سيقف إلى جانبنا ويحمينا من الضغط الدولي. في أعقاب الاستخفاف بكل جهة ليست الولايات المتحدة علقت إسرائيل مؤخرا في أزمات مشتدة مع دول أساسية أخرى، بما فيها الأصدقاء: الحراكات الأصعب هي حيال فرنسا التي من المتوقع لها أن تتصدر في أيلول الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية. لكن توترات واضحة أيضا حيال أستراليا، بريطانيا وكندا بل وألمانيا التي وإن كانت أعلنت انها لن تعترف بدولة فلسطينية، لكنها تقيد تصدير السلاح إلى إسرائيل.
إن الثقة التي تبثها الحكومة في الموضوع الدولي تمنع الإسرائيليين عن تمييز التحديات: النقد الدولي من شأنه أن يصبح أيضا عقوبات اقتصادية سيشعر بها كل إسرائيلي. يميل ترامب لأن يغير بحدة وبشكل مفاجئ مواقفه، وبعض من أفكاره هي خيالات غير قابلة للتحقق (وعلى رأسها الريفييرا الغزية التي تتمسك بها حكومة إسرائيل بتزمت).
لا يوجد يقين في أن يوفر رؤساء أميركيون في المستقبل إسنادا كذاك الحالي. وبالطبع لاحتلال غزة (بعضها أو كلها) أو لخطوات ضم في الضفة.
قرار ترامب في الأيام الأخيرة منع وصول مسؤولي السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة في نيويورك يفترض ظاهرا أن يرضي إسرائيل وكأن الامر سيضر بالاعتراف الدولي الواسع بدولة فلسطينية. اما عمليا، فلا يبدو أن الخطوة ستحبط النوايا المعلنة لمعظم دول الغرب بل ويحتمل أن يولد ردا مضادا من حيث تعميق الدعم للفلسطينيين كرد على الانحياز التام من جانب ترامب نحو إسرائيل.
لكن قبل 5 سنوات وقف نتنياهو وترامب امام معاضل مشابهة. في 2020 أعلنت الحكومة عن الرغبة في النظر في ضم مناطق في الضفة بل وجرى حديث حول بناء في المنطقة E1 قرب معاليه ادوميم (خطوة تستهدف منع إمكانية إقامة دولة فلسطينية ذات تواصل إقليمي في المستقبل)، لكن في حينه أوقف الرئيس الخطوة وأساسا من خلال امتشاق اتفاقات إبراهيم وخطة القرن.
هذه المرة لا يلوح سحر مشابه. التوتر في العالم العربي يشتد في ضوء المعركة في غزة ولا توجد أي ظروف للتطبيع بخاصة ليس مع السعودية. وزن الصهيونية الدينية في تقرير سياسة إسرائيل ازداد دراماتيكيا في ضوء الظروف السياسية المعقدة (وعمليا يلوح سير على خط الحكومة مع أقلية ليس واضحا إذا كانت ستدخل الكنيست القادمة)، والرئيس الأميركي لا يؤشر، حتى الآن، إلى معارضة أو اهتمام بالموضوع.