عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Nov-2019

ماذا سيحل بالنفط ومناجم الألماس في صحراء الأردن؟ بشار طافش
 
الجزيرة - مع أجواء الفرحة الغامرة، ومشاعر العز والفخر التي يشعر بها الأردنيون اليوم وكل العرب من المحيط إلى الخليج، بعد استعادة أراضي الباقورة والغمر وجعلهما تحت السيادة الأردنية الكاملة، مع ذلك كله ربما أننا كأردنيين نشعر الآن بنوع من الفصام، حقيقة أنا من يشعر بهذا الفصام الذي استطعتُ أن أشخصه لنفسي وأن أفسر حقيقة مشاعري المتضاربة الغريبة تلك، بينما البعض يحتاج لأن نشخص له الحالة التي يشعر بها حتى يعي حقيقتها، لكن على الأغلب فهي نوع من أنواع الفصام، هذا والله أعلم.
 
فالبلد الذي يمتلك القوة، والشجاعة، والشكيمة والحنكة السياسيتين، وظَهَر أنه يمتلك أدوات ضغط فاعلة لاسترجاع أرضه التي كانت مسلوبة بحجة ملحقيّ معاهدة السلام، استرجعها من بين أيدي المحتلين والمغتصبين لأرضنا ومن بين أيدي قتلة الأطفال والنساء والعزّل، ومن بين أيدي ناكثي العهود الذين لا يقيمون أي وزن للقوانين والإتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية، في الحقيقة يعتبر بلد قوي له وزنه الكبير أمام هؤلاء المجرمين وهو يستطيع فعل ما هو أكثر معهم وبكل تأكيد.
 
 
لا فائدة من استخراج النفط ولا استعادة الفوسفات والبوتاس ولا استثمار الصخر الزيتي ولا حتى إن اكتُشِف في بلدنا مناجم للذهب والألماس لا فائدة بالمرة من كل ذلك إن لم يتغير النهج
لكن الفصام الذي نشعر به اليوم يكمن في هذا التساؤل، كيف لبلد بهذه المواصفات العظيمة التي ظهرت للتو ما زالت تتشكل لديه الحكومات بشكل مخزي للغاية وبشكل مخيب لآمال الشعب؟ كيف ما زالت تتشكل حكوماته على مبادئ حصيدة لا ترقى أبدا لمبادئ إنشاء شراكة بين نساء الحي من أجل افتتاح دكان، مثل الحب والكره، وعلى قد الإيد، ومنا وفينا، والله تقابلت أنا وهو في الزمنات وزلمة غانم، وفلان يزكيه على نفسه ويقول عنه كلام جميل، بأُحِب فلان وفلان يُحببني، والله جلستُ أنا وهو في أحد الأيام على مأدبة عشاء وكان الرجل كلامه موزون وإبن ناس وما شاء الله عنه، أعرفه ويعرفني جيدا ويوجد له أخ مناسب أختي الوسطى، والله عمته أخت أبيه اللزم تكون حماة أخي الذي يملك شركة في دبي ويحلف بحياتها ويقول عنهم أنهم أُناس وجماعة ما عليهم كلام بالمرة.
 
أو يأتي المتحكمون بمسألة التشكيل المضحكة تلك فيخبرون ذاك المسؤول عن إدراج الأسامي الأولية التي سيتم الإختيار من بينها فيقول، هذا على قد الإيد، أو فلان منا وفينا، وهذا لن يخرج عن شورنا، وذاك خَبِرناه في أكثر من موقف وأثبت أنه من صفنا، وفلان لا يمكن أن يخذلنا، وهكذا من الأمور التي ربما يجب أن يكون أمثالها جيدا حين يجتمع مزارعون على قسمة محصول باذنجان مثلا مع احترامنا الشديد لكل المزارعين الذين باتوا الآن ينقرضون شيئا فشيئا جراء الإجراءات والقوانين والضرائب التعسفية التي فرضتها وتفرضها أمثال تلك الحكومات الأردنية المتعاقبة التي تمتثل بشكل كامل لإملاءات البنك الدولي المجحفة.
 
وفي نهاية هذا التشكيل العجيب، يجتمع المتحكمون بالمسألة ليجدوا أنهم أنهو للتو اختيار أولئك الأسماء التي سيستلم أصحابها الحقائب السيادية في الحكومة فيقول أحدهم، بقي علينا تعبئة أسماء تلك الوزرات الصغيرة والغير مهمة مثل النقل والزراعة والصناعة، طبعا أنا أذكر تلك الوزارات على سبيل المثال مع أنه قد يحصل ذلك بنسبة تفوق المئة بالمئة ربما، وهنا يتم توزيع هذه الوزرات مثلا حسب الشمال والجنوب، أو أن العشيرة الفلانية لم نختار من أبنائها أحد ويجب أن نختار منها درئاً للعتب والمعاتبة ومن أجل رضى فلان وعلان مع احترامنا الشديد لكل العشائر ولتقاليدها التي حافظت على هذه البلد منذ النشأة الأولى.
 
هذا البلد الذي امتلك أدوات أرغمت الصهاينة المتعجرفون على إعادة الباقورة والغمر صاغرين لسيادته المطلقة لا يجب أن يستمر في هذا النهج القاصر أثناء تشكيل الحكومات، ولا يجب أن يستمر في رضوخه للإملاءات الأمريكية وغيرها من الإملاءات الخارجية في مسألة قانون الصوت الواحد التي خيبت آمال الأردنيبن بمجالس نيابية أبسط ما يقال عنها أنها ضعيفة ومهزوزة، يجب على هذا البلد الكبير اليوم أن يمتلك قانون إنتخاب يرقى إلى طموح الشعب لينتج لدينا برلمان قوي يُفرز حكومة برلمانية تتشكل من أحزاب تملك برامج حقيقية طموحة وهناك التجربة المغربية الناشئة فلننظر إليها ونتعلم وهذا ليس عيبا بالمرة.
 
في الحقيقة أعزائي لا فائدة من استخراج النفط ولا استعادة الفوسفات والبوتاس ولا استثمار الصخر الزيتي ولا حتى إن اكتُشِف في بلدنا مناجم للذهب والألماس لا فائدة بالمرة من كل ذلك إن لم يتغير النهج وإن لم يصبح لدينا قوانين ترقى لطموح الشعب المقهور، نحن لسنا بحاجة إلى النفط والألماس نحن بحاجة إلى قوانين طموحة تواكب اللحظة وعندها ستتحول البندورة الصحراوية لدينا إلى ألماس ونفط، وهذا مثال أمامنا في العراق الشقيق بلد نفطي وغني ودخله السنوي بمئات المليارات من الدولارات لكن لا كهرباء ولا ماء ولا طرق، وما زال الفساد والفاسدين ينخرون في عظامه نخراً فثار العراقيون هناك من الجوع والفاقة والعوز والقهر والذل والطائفية.
 
متعلقات