عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Oct-2024

قائمة العار*إسماعيل الشريف

 الدستور

«منذ اندلاع الحرب، دمروا ما بداخلنا، هدموا بيتي وغرفتي التي كانت تحتوي على كل ذكرياتي. أخذوا كل ما يساعدني على الاستمرار في الحياة: أجهزتي، وحذائي، وكرسيي المتحرك. كيف يمكنني أن أعود كما كنت بدون كل هذا؟»، الطفلة غزل الصعيدي، فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا تعاني من الشلل الدماغي في غزة.
في حزيران الماضي، كشف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، النقاب عن تقريره السنوي المعروف بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول «الأطفال والنزاع»، والذي يُصطلح على تسميته «تقرير العار». يوثّق هذا التقرير الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال في بؤر الصراعات ومناطق النزاعات المسلحة حول العالم، ويشمل انتهاكات وفظائع من القتل والتشويه، وتجنيد الأطفال، والاعتداءات على المدارس والمستشفيات، والاعتداءات الجنسية، والاحتجاز غير القانوني.
شكل التقرير منعطفًا تاريخيًّا إذ وثّق - للمرة الأولى - انتهاكات جيش الاحتلال في غزة، متجاوزًا بذلك حاجز الضغوط السياسية الهائلة التي مورست على الأمم المتحدة لتجنب إدراج الكيان المحتل في صفحاته.
وأبرز ما تناوله التقرير:
ارتكبت قوات الاحتلال 5698 انتهاكًا جسيمًا بحق الأطفال، تشمل قتل وتشويه الأطفال، والهجوم على المدارس والمستشفيات ومصادر المياه خلال عام 2023.
98 ألف طفل في غزة، تتراوح أعمارهم بين 7 و12 عامًا، يعانون من إعاقات، معظمهم نتيجة الحروب السابقة، وذلك قبل طوفان الأقصى.
بلغ عدد الشهداء الأطفال أكثر من 17 ألف طفل، من مجموع الشهداء الذي يتجاوز 42 ألف شهيد.
حتى 18/9/2024، أصيب 95,500 طفل بإصابات دائمة، من بينهم 22,500 طفل تعرضوا لإصابات غيرت مجرى حياتهم.
مليون طفل في غزة نزحوا من منازلهم.
19 ألف طفل فلسطيني على الأقل أصبحوا يتامى أو بدون أي رعاية.
أكثر من عشرة آلاف طفل لا يزالون تحت الأنقاض.
3 آلاف طفل يعانون من سوء التغذية ويواجهون خطر الموت.
استشهد 38 طفلًا بسبب سوء التغذية.
تُجرى عمليات خطيرة للأطفال دون استخدام البنج.
تأثرت الصحة النفسية للأطفال، وخاصة ذوي الإعاقة، بشكل كبير نتيجة العنف والحرمان. ويجسد وضع الطفلة غزل، التي توسلت لوالديها أن يتركوها خلفهم أثناء الهروب، حجم الصدمة التي يعيشها الأطفال غير القادرين على الاعتماد على أنفسهم نتيجة فقدان الأجهزة المساعدة. كما أن المدارس في غزة لم تعمل منذ ما يقارب العام، مما زاد من التبعات النفسية السلبية على الأطفال.
استخدم جيش الاحتلال التجويع كسلاح.
تكشف ليزا دوغتن، مديرة قسم التمويل والشركات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية باليونيسيف، حقيقة مروعة؛ أن غزة تحولت إلى أكبر تجمع للأطفال مبتوري الأطراف في التاريخ المعاصر، فكل يوم يفقد عشرة أطفال طرفًا أو بعض أطرافهم. في حين تتضاعف معدلات الإجهاض بين النساء بمعدل ثلاث مرات بسبب القصف بالقنابل الأمريكية. وفي ظل هذه المأساة، حُرمت أكثر من خمسين ألف امرأة حامل من الحصول على الرعاية الصحية، ضمن مليوني فلسطيني محرومين من الخدمات الصحية الأساسية.
ويوجه التقرير نداءً إلى الدول الداعمة للكيان المجرم، مثل الولايات المتحدة، وكندا، ودول الاتحاد الأوروبي، بإدانة جرائمه وانتهاكاته والتحرك الفوري لحماية المدنيين، وخاصة الأطفال. كما يدعو إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية والرعاية الطبية، والضغط على الاحتلال لاحترام المواثيق والاتفاقيات الدولية، ووقف تصدير الأسلحة إليه لوقف الإبادة الجماعية، والامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية لمنع أي أعمال إبادة جماعية أو انتهاكات وجرائم أخرى، مع ضمان توفير ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
هذا التقرير شهادة دامغة على فظاعة ما يجري، ووصمة عار تلطخ جبين العرب والمسلمين والإنسانية جمعاء، وهو غيض من فيض إجرام الكيان الصهيوني. التقرير يؤكد حقيقتين أساسيتين: الأولى، أن الصهاينة يقومون بشكل ممنهج باستهداف الأطفال، مستندين إلى استراتيجيات صهيونية مثل «جز العشب» و»الجيل القادم»، والتي تهدف إلى القضاء على الأطفال باعتبارهم مقاومي المستقبل. كما يعتمدون على استراتيجية «الإبادة البيولوجية» من خلال استهداف النساء لضمان عدم ولادة مقاومين. الحقيقة الثانية، أن الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها متورطون في تلك الجرائم بشكل كامل، كما هو حال الكيان الصهيوني.
تثير هذه الحقائق تساؤلات جوهرية: ما جدوى هذه التقارير أو جميع القرارات الدولية التي لا تأثير لها على أرض الواقع، وفي ظل تجاهل صارخ من قبل الكيان المحتل؟ ألم يمزق سفير الدولة المارقة، جلعاد أردان، ميثاق الأمم المتحدة أثناء إلقاءه خطابًا في الجمعية العامة؟ ألم يرد نتنياهو على ماكرون بأن السلاح هو من أنشأ الدولة المجرمة، بعد أن طلب ماكرون أن تحترم الدولة الأمم المتحدة التي أنشأتها بموجب قرار؟
وما قيمة هذه التقارير إن كان الغرب بأسره يقف مع الكيان الصهيوني، ولم يُدِن أيًّا من تصرفاته، بل ويداه ملوثة بالدماء تمامًا كما هو حال الكيان المجرم؟
إن هذه التقارير، رغم ما قد يبدو من عدم جدواها في الوقت الراهن، تشكل سجلاً تاريخياً يوثق جرائم الاحتلال، وستكون يوماً ما أساساً لمحاسبة المتورطين في هذه الجرائم الإنسانية..
وعزيزي القارئ، أنا مثلكم أصبحت أؤمن بأن القوة هي السبيل الوحيد لمقاومة المحتل.
فدوام الحال من المحال.