عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Nov-2021

المال والسلطة.. تحالفات طاردة للاستثمار!*أحمد حمد الحسبان

 الراي 

لن يجد المدقق في أعماق المشهد الاقتصادي الاستثنائي المعاش صعوبة في تمييز بعض الخطوط المصلحية التي تربط بين أصحاب المال والسياسة. وهي خطوط مختلفة عما هو معروف ظاهريا من سعي أصحاب رأس المال لإشغال مواقع سياسية، نيابية أم حكومية عادية.
 
فالخطوط التي نتحدث عنها تتجاوز تلك الصورة سعيا للهيمنة على مواقع متقدمة يمتلك مشغلوها صلاحيات التأثير في صنع القرارات التي توجه البوصلة ـ حاضرا ومستقبلا ـ لخدمة مصالح أصحاب المال، حتى وإن كان ذلك على حساب المصلحة الاقتصادية للوطن. وحتى لو كان من شأن تلك العملية أن تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
 
تلك الظاهرة لا تقتصر على ساحتنا الوطنية، وإنما تمتد إلى مختلف انحاء العالم، وسط تقديرات بأن التحالف وإن بدا محليا بصورة أكثر وضوحا، قد يأخذ شكلا عالميا، وقد يكون هدفه النهائي سيطرة أصحاب المال ـ لا رجال الاقتصاد ـ على كل مقدرات الكون. ومن خلال توجيه النشاط المالي ضمن أطر مصلحية ضيقة متفق عليها تتقاطع مع مخرجات النشاط الاقتصادي الذي ينعكس إيجابا على مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية بما في ذلك توفير فرص عمل والحد من الفقر والبطالة.
 
ولأن البحث يطول والأمثلة تتعدد في هذا المجال، فإن في رصد بعض الحالات ما يؤشر على مخرجات ذلك التحالف. فمن حيث المبدأ تسيطر البنوك على ما يزيد عن سبعين بالمائة من رواتب العاملين في الحكومة والشركات مقابل سلف حصلوا عليها من تلك البنوك. كما تسيطر على غالبية سيارات ومساكن هؤلاء الناس رهنا كتأمين للدين. وتفرض عليهم شروطا يوقعون عليها دون قراءة، بسبب محدودية الخيارات أمامهم.
 
والمثال التالي هو الحجز على العقار أو غيره المرهون لذلك البنك، حتى بعد أن يسدد أكثر من نصف القرض، ويتم بيعه بثمن بخس، وبأدوات قانونية تشعر أنها وضعت لخدمة البنك أولا وأخيرا.
 
ومن أطرف ما قرأت في هذا الصدد ترويجا لإحدى الصفحات المختصة عنوانه «شقق، فلل، أراضي، مجمعات»..."مزادات بنوك ومحاكم بنصف الثمن».
 
ومن أطرف ما سمعت أن بنوكا باعت عقارات بأقل من نصف ثمنها تسديدا لرصيد قرض مضى على تسديد أقساطه أكثر من نصف الفترة. وأن القانون الذي وضعه الشق السياسي في التحالف يخدم العملية، ويركز على حق البنك أولا وأخيرا.
 
وفي مثال آخر، يعزز تلك الصورة، ما تزال عملية الحجز تفرق بين ما هو حكومي وخاص. فبدلا من أن يتم الحجز على ما يساوي أو يزيد قليلا عن قيمة الدين، يستطيع البنك أن يحجز على كافة ممتلكات الشركة لقاء دين يقل كثيرا عن قيمة موجوداتها.
 
فعلى سبيل المثال يمكن للبنك أن يحجز على موجودات متعددة لإحدى الشركات، تصل قيمتها الى مائة مليون دينار، مقابل دين لا يتعدى مبلغ العشرين مليونا.
 
ومن النماذج أيضا ما يعتقد أنه اتفاق ضمني على محاصرة مثل تلك الشركات بدلا من فتح نافذة تمكنها من الخروج من شرنقة التحالف المالي السياسي، الذي يأمل المتضررون منه ـ على مساحة الوطن ـ وضعه على أجندة الإصلاح المنتظرة.