نساء مجلس الأمة.. ضرورة الالتزام بقضايا المرأة وعدم التنصل منها*سمر حدادين
الراي
مع صدور الإرادة الملكية السامية بإعادة تشكيل مجلس الأعيان، تكون نسبة تمثيل النساء في السلطة التشريعية قد ارتفعت لتصبح 17.9%، وهي نسبة غير مسبوقة تجسد الرؤية الملكية لتعزيز دور المرأة في الحياة العامة وتقوية حضورها في المجال السياسي.
وهذا التمثيل يفتح أمامها الباب لإحداث تأثير حقيقي في العمل البرلماني، فأمام البرلمانيات اليوم فرصة كبيرة للقيام بحملات مناصرة للتشريعات التي تخدم مصالح المرأة، والعمل على كسب تأييد نواب آخرين لقوانين تضمن المساواة بين الجنسين أمام القانون، خاصة في مجالات العمل والحماية الاجتماعية، ما يساهم في تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل.
يعكس تمثيل المرأة في السلطتين التشريعية والتنفيذية حافزًا للنساء الأردنيات للانخراط الفعّال في الحياة العامة، والعمل على تحسين القوانين التي تضمن حقوقهن كمواطنات. فلا يُعقل أن تتخلى بعض النساء اللواتي وصلن للمناصب العليا، سواء عبر التعيين أو الانتخاب، عن دورهن في دعم قضايا المرأة، تحت ذريعة أنهن يمثلن خدمة المصلحة العامة وأنهن نواب على مستوى الوطن ولسن ممثلات عن المرأة.
إن تمثيل النساء في المناصب العامة للوطن وخدمته لا يتعارض مع الدفاع عن حقوق المرأة؛ بل على العكس، فتمكين المرأة قضية وطنية، لا يجب التخلي عنها ذلك لأن تعزيز دورها يؤدي إلى دعم التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الأردن.
ولابد هنا من الإشارة إلى أن التوسع في تمثيل النساء في السلطات الدستورية الثلاث (التشريعية، التنفيذية، والقضائية) هو نتاج فرض الكوتا في قانون الانتخاب، بدعم ملكي للمرأة الأردنية، وبجهود مضنية بذلتها المنظمات النسائية لقناعتها أن الكوتا، باعتبارها تمييزاً إيجابياً لصالح المرأة فهي تضمن صوتًا نسائيًا مسموعًا في الساحة السياسية والفضاء العام.
فقد أقرت بعض البرلمانيات أنهن لم يكن ليصلن إلى البرلمان لولا وجود الكوتا، مما يدعو إلى تقدير أهمية الكوتا وتفعيل دور النساء في البرلمان. فهناك حاجة حقيقية للانحياز لقوانين تحمي حقوق المرأة أو على الأقل عدم الوقوف ضدها.
قدمت الحكومة مجموعة من التعديلات التي تستهدف دعم المرأة وزيادة مشاركتها الاقتصادية، وتتماهى مع مطالبات اللجنة الوطنية، ننتظر من النواب النساء دعم هذه القوانين، مثل رفع مدة إجازة الأمومة إلى 90 يومًا في القطاعين العام والخاص، ومنع فصل المرأة الحامل، ما يسهم في تشجيع النساء على العمل دون الحاجة إلى الانسحاب المبكر من سوق العمل.
وهناك مطالبات بالعمل على تطوير آليات التنفيذ لنصوص قانونية والرقابة على تطبيقها، فهي نصوص موجودة أصلا في قانون العمل مثل النص على توفير الحضانات، حيث ينبغي تفعيل دور وزارة العمل بمراقبة تطبيقها والتشدد بالالتزام بنص القانون.
ولا بد من التأكيد على تفعيل نظام العمل المرن الذي أقر مؤخرا وأصبح نافذا، حيث أن النظام، الذي لم يختبر بعد، يوفر أنماطاً جديدة من العمل تتواءم مع مسؤوليات العمال العائلية وظروفهم الاجتماعية، ويُساهم النظام في زيادة مشاركة المرأة والأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل، كما يخدم أصحاب العمل في القطاع الخاص من خلال خفض الكلف التشغيلية في حال تشغيلهم أيدياً عاملة في مؤسساتهم بنظام العمل المرن.
يمكن من خلال تعزيز تمثيل المرأة في الحياة السياسية أن تشارك المرأة جنبًا إلى جنب مع الرجل في صنع القرار واتخاذ السياسات، فوجود المرأة في مواقع التأثير يسهم في إثراء الحوار السياسي وصياغة سياسات أكثر شمولًا وإنصافًا، ويعزز مسيرة الأردن نحو مستقبل قائم على المساواة والعدالة الاجتماعية.