عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Dec-2021

مناسبة «فكرية» نذكرها بالاعتزاز..*د. زيد حمزة

 الراي 

في إطلاق كتاب «الكيانات الوظيفية/حدود الممارسة السياسية في المنطقة العربية ما بعد الاستعمار» الذي يقع في اكثر من خمسمائة صفحة موزعة بين قسميه الاول والثاني كان واضحاً كم بذل المؤلف هشام البستاني من جهد في شرح وجهة نظره حول كيفية إنشاء هذه الكيانات بطريقة غير مألوفة لدى بعض المثقفين، حتى الماركسيين منهم، كما لم يكن سهلاً عليَّ استيعابه للتعليق عليه فطرحتُ عَلى الحضور ملاحظات وتساؤلات تركتُ لهم الاجابة عليها او التمعّن فيها، وأختصرها هنا لضيق المقام في الالتقاطات التالية: هناك استنتاجات توصّل اليها المؤلف واحتاجت قدراً كبيراً من الشجاعة للإفصاح عنها، قد نتفق معه في بعضها ونختلف في اخرى، وقد تكون صادمة للبعض او مثيرةً لغضب البعض الآخر.. ومن هنا اهمية الاختلاف وحرية الرأي والتفكير بلا خوف... أشهد ان الكاتب وضع إصبعه على العديد من القضايا التي كانت مبهمةً او غير قابلة للفهم قبل ان يفسرها وبإسهاب، لكن لماذا حصرها في منطقتنا سيما وان تحليله المتكامل كان يقضي بربطها بقضايا الدول الاخرى المماثلة؟ سؤال يمكننا التشارك في الاجابة عليه! كشفَ الكاتب عن عيوب الحركات السياسية الماركسية في منطقتنا وهذا حقه فهو ابنها الامين، لكنه تجنّب إنجازاتها الجريئة العديدة في نضالاتها الموثقة، حتى المحبَطة منها.. اما فيما يتعلق بالتجارب الاشتراكية المعروفة في التاريخ فلماذا ايضاً كان إلقاء الضوء على الفشل فحسب والتعتيم على النجاحات؟... هل يسهم الكتاب في بقائنا نجتر أنفسنا في خضم الغليان السياسي الذي يعم الشعوب المقهورة، فيعمّق بالتالي عزلتنا عن الحركة الثورية العالمية المتطلعة نحو الحرية والتقدم والانعتاق من الاستعمار والهيمنة «الشركاتية»، وربما يؤدي كذلك الى قنوط الكثيرين منا؟!... لم نَرَ في الكتاب شعاع الأمل القادم من بعيد ومنذ زمان طويل، من قلب اميركا نفسها، متمثلاً في تحرك وتمرد شعوبها وشرائحها المهمشة وما قدمته من تضحيات هائلة كان يجري التقليل من شأنها على يد الكورپوريتس، مثلما لم نكن في الماضي نرى هذا الشُعَاع ونحن منشغلون بمجابهة السيطرة الجارفة لاقتصاد السوق بقيادة الولايات المتحدة وأجهزتها الاستخبارية وحروبها الظالمة خصوصاً بعدما أزاحت الاستعمار البريطاني من منطقتنا لتحل محله! ترى هل يكبر هذا الشُعَاع الشعبي الاميركي حتى يغدو مشعلاً ضخماً ينير درب النضال العالمي؟
 
وبعد.. فان شجاعة مؤلف الكتاب وأي مؤلف آخر يحمل مثل هذه الشحنة الكبيرة من الفكر المقتحِم، تقابلها شجاعة اخرى ينبغي ان نسجلها بالاعتزاز وقد قامت الحكومة باجتراحها قبل اكثر من عشر سنوات حين استجابت لمطلب متكرر بإلغاء الرقابة المسبقة على الكتب، ولا ننسى قط يوم وقف بيننا مدير المطبوعات والنشر عبد الله ابو رمان اثناء حضورنا احد النشاطات الابداعية في المركز الثقافي الملكي، ليبشرنا بلهجة مؤثرة بفحوى القرار، وقال ان القضاء فقط هو الحَكَم الفصل عند اعتراض اي جهة على أي فكر او فكرة، لكننا نأسى حقاً حين يحاول البعض ان يلتف على هذا القرار الديمقراطي التاريخي!