موسى حجازين.. ظلمناه أم ظلم نفسه!*محمود خطاطبة
الغد
لا أحد يشك في قُدرات الفنان الأردني، موسى حجازين، المعروف باسم "سُمعة"، فهو موهبة فنية، يشهد لها الجميع، فلقد قام بتسليط نقاط الضوء، على ما يُعانيه الشعب الأردني، على مدار عقود مضت، برفقة زملاء له في الفن، حيث كان وقتها الأردن يُشار له بالبنان، فنيًا، وأنه كان مُتقدمًا في هذا المجال على الكثير من الدول الشقيقة والصديقة، التي وللأسف هي الآن سبقته ولأعوام.
حجازين، أو ما يُعرف بـ"سُمعة"، يُعتبر قامة فنية، أكثر من رائعة، لم يدخر لحظة من خلال أعماله الفنية، إلا وفيها نقد لإجراء أو قرار حُكومي، ولم يتردد يومًا في تسليط الضوء على خراب هُنا، أو مُشكلة هُناك، أو قضية مفصلية أرّقت وأثرت سلبًا على المواطن الأردني وظروفه المعيشية، التي أقل ما يُقال عنها بأنها قاهرة.
Ad
Unmute
ولكن، لا أعرف هل ظلمنا الفنان موسى، أم هو ظلم نفسه أو ساهم في ذلك على الأقل؟، حيث كانت كُل أدواره تعتمد الفن الساخر، القائم على الفُكاهة فقط، من خلال تسليط الضوء على قضية مُعينة، والتي أتقنها مائة بالمائة.. وهذا ما دعاني لأن أقول ظلمناه أم ظلم نفسه؟.
قد يكون هُناك كاتب صحفي اختص في المسار الساخر، من أجل مُناقشة قضية ما، أو تسليط الضوء على إجراء أو قرار سلبي، يؤثر على الوطن ومن قبله المواطن، وهو معروف في عالم الصحافة والإعلام.. لكن أن يكون هُناك مُمثل جميع أدواره ساخرة، وتعتمد شخصية مُعينة، فذلك ما يدعو للاستغراب، خصوصًا أن الفنان موسى، موضوع قصتنا يمتلك الكثير الكثير من المواهب.
فالمُمثل، أي مُمثل، هو بالأصل فنان، فبعض الفنانين يتقنون الأدوار الجدية فقط، وليس لديهم مقدرة على أن يؤدوا أدوارًا أو دورًا واحدًا يستطيعون من خلاله إضحاك الناس، فالعملية الأخيرة هي أصعب شيء قد يواجهه الفنان أو المُمثل.
وقد يكون هُناك مُمثلون يتقنون الأدوار الفكاهية أو الساخرة، ويبدعون فيها، ومن خلالها يوصلون رسائلهم إلى الناس والحُكومة على حد سواء.. وهؤلاء يقسمون إلى قسمين: الأول يستطيع أن يتقن ذلك، إضافة إلى ذلك الأدوار الجدية، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة.
أما القسم الثاني، فلا يستطيع إلا أن يبقى في نفس الثوب، الذي اصطنعه لنفسه، بمعنى ثان أنه وضع نفسه في قالب الدور الساخر أو الفُكاهي.
أما في حالة الفنان موسى، أو "سُمعة"، فأنا أعتقد بأنه كان من النوع الثاني، أي لديه المقدرة والقدرة الكاملة، والقوة أيضًا، على أن يؤدي أدوارًا جدية، كانت ستكون أكثر من رائعة ويُشار له بالبنان، لو رأت النور، فضلًا عن أن دوره الفني الساخر والفُكاهي، لا يختلف عليه اثنان.. إضافة إلى كُل ذلك فقد كان يمتلك خامة صوتية، أطربت الكثير من أبناء الشعب الأردني، عندما كان يُغني مقطعًا أو وصلة في أعماله الفنية التي كان يُقدمها.
ويبقى السؤال، هل ساهمنا نحن في وضع الفنان موسى في ذلك القالب، وتم المُبالغة في ذلك، وبأن ذلك الدور الذي يُتقنه فقط.. وهُنا نكون قد ظلمناه!.. أم هو نفسه من اختار ذلك الدور، وهذا حقه وعلينا احترامه واحترام قراره ورأيه، وهُنا قد يكون ظلم نفسه.