عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Mar-2020

محطات اعتراف قبل الخاتمة مشوار كلية الطب رحلتي من الابتدائية للأستاذية
 
الراي - محطات الرحلة العلمية من الابتدائية للأستاذية لم تكن سهلة، والطريق وعرة وغير مأهولة ودون رصيف، تضاريسها ضد قوانين الطبيعة والمنطق، كانت هناك جزئية مهمة بالبدايات وتمثلت بتواضع الحالة المادية وعدم تناسق معطياتها مع مخرجاتها، كانت رحلة تحدي بالقدرة على إثبات الذات بثمن من سنوات العمر وأسهم الصحة، لم أستسلم لأي من الغزوات، فسلاح الثقة والتفكير الصحيح، وتوظيف معاني الاخلاص يمثل رصيدا للقوة، لم أعتمد بما أنجزت إلا على النجاحات التي حققتها بعرق الجبين، أفتقر لامتلاك الدعم اللوجيستي المتكىء على الواسطة والمحسوبية أو وسائل المساعدة القردحجية، فكنت هدفا وفريسة بالعديد من المحطات العمرية والمهنية، انصهرت فقراتها بتلقائية أحيانا، وخضت حروبا للقضاء عليها أحيانا أخرى، وبواحدة منها واشهرها رحلتي للمحكمة بسنواتها الخمس، حيث أعتز ببراءتي القضائية التي استحققتها بجميع درجات التقاضي.
الصعوبات لم تشكل سدا منيعا أو مانعا من تحقيق الطموح الذي تغذى بالإصرار، ووجود الخطط البديلة لكل خطوة من خطواتي، تكفل بجزء يسير من قصة نجاحي التي هي عبارة عن مجموعة منتقاة من الأفكار والتصرفات للغير، استخلصتها عبرة أو نتيجة، ووظفتها بما يناسب حالتي، فكانت خالية من دهاليز الحسد والغيرة، وخالية أيضا من المشاريع العدوانية التي يجد البعض فيها ملامحهم بعد عجزهم عن التقدم خطوة واحدة تسجل بسيرتهم، والنجاح المتحقق كان ضمن خطة مبرمجة مدروسة الخطوات واحتمالات النتائج، حتى بالجزء المظلم منها، الذي منحني العزم والاصرار، فالوصول للقمة بالتوقيت المناسب والصعود على السلم بجهد وتعب، يمنح متعة ومناعة وشعورا مختلفا عن الهبوط بمنطاد يتغذى بأمجاد الغير، وأتمنى بذلك أن أكون قد قدمت فائدة لمن يحاول ويجتهد.
هناك العديد من العوامل التي تؤثر بالنتائج المنتظرة للرحلة العلمية بدرجة كبيرة من الأهمية، وأجد نفسي اليوم وقد شارفت على جمع أوراقي المبعثرة والمحفوظة والمخزنة في مساحة من الذاكرة، لجمعها بكتاب يسكن المكتبات العربية للإفادة، وأبدأ بالعرفان للمساعدة الكبرى التي لا تنكر من صحيفة الرأي الغراء التي تكرمت إدارة وعاملان بمساعدتي وتشجيعي على توثيق رحلتي من الابتدائية للأستاذية، عبر صفحاتها وهي الصحيفة الأكثر انتشارا وقراءة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وفي بلاد الاغتراب، وقد تلقيت الآلاف من الرسائل والاتصالات والتعليقات على حلقاتي، منها المشجع للإستمرار خصوصا للفئة الأقرب من الأصدقاء والأقارب، ومنها المنتقد والمحبط للعزائم لأسباب أحترمها ولا أريد الخوض بتفاصيلها، ومنها المستفسر خصوصا عن المواقف والإعاقات التي اعترضت المسيرة لتوضيح الأسباب، بعد أن شكلت الجرأة الحادة أحيانا بقالب التمادي للتوضيح أو التعبير عن جرح نازف لم ولن يلتئم، وربما شكلت سهولة التعبير عبر مواقع التواصل الإجتماعي وسيلة سلسلة بمتناول الجميع، وقد رفضت بشكل قاطع بث حلقاتي الأسبوعية عبر صفحاتي الشخصية، لأنني أحترم الوسيلة والصحيفة التي تبنت النشر وهي المرجع للقراءة لمن يبحث عن كنز أو فائدة.
كنت أمينا بنقل الأحداث بحرفيتها كما نُقشت بالذاكرة، فهي حلم قديم رأى النور بالوقت المناسب، حيث قدرنا بجرعات السعادة التي تغذي الطموح ووقود للتميز والاستمرار، فحلم سن العاشرة من العمر في بيئتي الريفية بمدينة الحصن الحبيبة وسط سهول حوران الخصبة، بين أفراد عائلتي الطموحة والمتواضعة، التي تربت على الصدق والاجتهاد والدراسة والتميز، لتتسلح بالعلم، السلاح الكفيل بصهر العقبات المستقبلية، الحلم قد تحقق في سن الستين في الجامعة الأردنية وبكلية الطب بالتحديد، بعد غزوة الشيب باستحياء، ولكن الشيب لم يطل عطاء الخلد والفؤاد، بل ساهم بزيادة التشجيع المعنوي المبني على صفاء التخطيط بالنية الصادقة والرعاية الربانية، وأذكر أنني عندما قررت توثيق رحلتي ومسيرتي الأكاديمية، وجدت معارضة ذاتية لصعوبة معتقدة باستذكار الأحداث، ضيق الوقت وتخبط الفكر والزمن، الرحيل لبيت العمر منذ ثلاث سنوات والذي جهدت وعائلتي لترجمته كحلم لواقع، فالرحيل يخلط الأوراق والمستندات، ويخفي الصور التي تسلسل الأحداث بذكرى لكل واحدة منها، إضافة للقدر المكتوب بضرورة الاستعداد الدائم لحرب جديدة، يحاول العرابون فرض جولاتها وفصولها، وبذات الوقت، أمارس دور الأب الحريص على متابعة أبنائه ودراستهم لتسهيل أمورهم لسعادتهم وتأمين مستقبلهم، فعائلتي الصغيرة والكبيرة هي الخط الأحمر الذي لن أسمح لأحد بالاقتراب من حدوده، وبذات الوقت، فقد منحني أبنائي؛ الدكتورة فرح، والدكتورة رند، والطالب المجتهد موسى الذي يسير على النهج العائلي، كانوا المتميزين بكل مفاصل الحياة، وقد منحوني دعما غير محدد، ابتسامتهم تمسح دمعة القلق وتروي بذرة التفاؤل، برهنوا تأهلهم لحسن الظن كما أردت، استمعت لنصائحهم وأصغيت لاقتراحاتهم وتعلمت منهم، دون ممارسة التسلط أو التجاهل، فنجاح الحوار مع الأبناء للمحافظة على الترابط العائلي هو أرقى درجات التفكير، وأزعم أنني نجحت بالدرجة الكاملة.
الداعم الأكبر لنجاحي بحقيقة امتلاكي لهذه المسيرة التوثيقية هو زوجتي المهندسة ريندا غريب، الشريك بالتربية والرعاية والجزء المظلم من الأحداث، حملت الجزء الأكبر من المسؤولية العائلية الداخلية، كانت المشجعة المتحمسة لتوثيق النجاحات والإفادة من الإخفاقات، الحريصة على توفير أجواء البحث والكتابة، والتي حملت عبء الإشراف على بناء منزل العمر والذي حمل واحدا من تحديات التحقيق، حيث ترجمنا مفهوم عش الزوجية لبيت الزوجية بلمسات تضاعف سعادتنا وقناعتنا كل يوم، حياتنا أنموذج للاقتداء، وشعارنا العائلي أن نتمنى الخير للجميع بدون حسد أو نية بالأذية، فقناعتنا بما أنجزنا كفيلة بالمحافظة على شعار محبتنا الذي أنشدته لأجلنا وردة الجزائرية بأغنية «في يوم وليلة» أنشدته بكلمات معبرة تمثل دستورنا العائلي فحياتنا عبرة ورقم صعب وللحديث
بقية.