عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-May-2019

ماذا يحدث لحسابات مشتركي وسائل التواصل بعد وفاتهم؟

 

لندن: «الشرق الأوسط» - أضحت مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة عالمية تتخطى الحدود الجغرافية، وهي تعد حالياً من أقوى وسائل الإعلام على نطاق عالمي. وتوضح أرقام المشاركين في هذه المواقع مدى انتشارها عالمياً وتأثيرها. فعلى سبيل المثال، «فيسبوك»، وهو من أكبر مواقع التواصل الاجتماعي تأثيراً، وأكبرها حجماً، بلغ عدد المشاركين فيه عام 2012 نحو 2.3 مليار إنسان. ويستخدمه شهرياً مليار إنسان، منهم 600 مليون على أجهزة محمولة. ويشمل الموقع 219 مليار صورة، و140 مليار طلب صداقة. وهناك نحو 255 مليون مستخدم نشط شهرياً على «تويتر» يرسلون 500 مليون تغريدة يومياً. ويوجد 300 مليون مشترك في «إنستغرام» حول العالم، وهو يتعلق أساساً بنشر الصور ومقاطع الفيديو. و«لينكد إن» المختص في التواصل الحرفي، ويشترك به 313 مليون شخص حول العالم، منهم 100 مليون في أميركا، ومليون في كل من السعودية والإمارات.
وفي المستقبل، سوف يكون عدد حسابات المتوفين على «فيسبوك» أكبر من عدد حسابات الأحياء. ويقدر الخبراء أنه في نهاية القرن الحالي سوف يصل عدد المتوفين، ولهم حسابات على «فيسبوك»، إلى ملياري إنسان. وفي الوقت الحاضر تصل نسبة الذين يتابعون حسابات أصدقاء أو معارف متوفين على «فيسبوك» نحو 59 في المائة من مجموع المشتركين في الموقع.
وكما قيل قديماً إن مَن لم ينشر نعيه في الأهرام (صحيفة مصرية) فهو لم يمت، فمن له حساب على وسيلة تواصل اجتماعي لن تموت ذكراه حيث يبقى حسابه بعد الوفاة لسنوات طويلة. وسوف يكون الموقع بمثابة مرثية للمتوفي، يزورها الأهل والأصدقاء، ويتعرف من خلالها الأحفاد على حياة أجدادهم.
ومن أحدث الخدمات التي يقدمها «فيسبوك» لمشاركيه هي إمكانية تعيين قريب أو صديق لكي يعتني بالحساب بعد وفاتهم. ولكل وسيلة تواصل أسلوبها الخاص في التعامل مع حسابات المتوفين من مشاركيها. وفي معظم الأحوال يتحول الحساب إلى ذكرى باقية للمتوفي، وتحفظ معظم المواقع جميع المعلومات والصور فيه، بينما تلغي مواقع أخرى صفحات المتوفين فوراً.
وإذا كانت شركات التواصل الاجتماعي تعمل على أساس تجاري، وتهدف إلى الربح من زبائنها الأحياء عبر عرض الإعلانات وخدمات البيع والشراء للسلع والبرمجيات، فما هي فائدة وجود حسابات لمتوفين على مواقع هذه الشركات؟ بعد دراسة الوضع توصلت الشركات إلى أن وجود مثل هذه الحسابات مهم من أجل إرضاء الأحياء، الذين يقبل بعضهم على المواقع من أجل الاطلاع على سيرة أشخاص أعزاء لهم بعد وفاتهم. كما تستفيد المواقع من صفحات المتوفين في إجراء أبحاثها وتحليلاتها عن زبائن الموقع، حتى لو كانوا متوفين.
أيضاً توفر الشركات جهدها في إلغاء حسابات المتوفين، بتركها على الشبكة، كما أنها في الوقت نفسه لا تُغضب معارف المتوفين الذين يطالعون هذه الحسابات بين حين وآخر. وعلى شبكة «فيسبوك» يظل بعض المتوفين يؤثرون في الآخرين أحياناً بدرجة أعلى من بعض الأحياء على الشبكة.
وفي حالة «فيسبوك» يتحول الحساب بعد الوفاة إلى ما يشبه النعي في ذكرى المتوفى. ويمكن للمشارك في «فيسبوك» أن يقرر في حياته ما يريد أن يحدث للحساب بعد وفاته، ويمكن تسجيل وصيته، ووضعها على صفحته. ويمكن أيضاً تعيين وصي على الحساب يمكنه إضافة معلومات أو تعديلها على الصفحة. ويمكن لهذا الوصي أن يكتب رسالة وداع، وأن يتواصل مع الأصدقاء الجدد، وأن يضيف نصوصاً وصوراً. ولكنه لا يستطيع أن يحذف صوراً أو معلومات قديمة أو يحذف أياً من أصدقاء المتوفى.
وفي حالة «تويتر»، يمكن ترك كلمة السر مع صديق أو قريب لكي يستمر في بثّ الرسائل بعد وفاة صاحب الحساب الأصلي لإطالة فاعلية الحساب، وبثّ الرسائل عليه بعد الإبلاغ بالوفاة عبر الحساب نفسه. وتشمل الخيارات الأخرى تحويل الحساب لصالح آخرين أو إغلاقه. وأظهرت أبحاث الموقع أن ثلث المشاركين لا يأبهون ماذا سيحدث لحساب «تويتر» بعد وفاتهم.
أما سياسة موقع «إنستغرام» فهي إزالة حسابات المتوفين، ومنع منح آخرين كلمة السر الخاصة بأي حساب، للحفاظ على خصوصية هذه الحسابات. وينصح بعض الخبراء أن يقوم المشاركون في «إنستغرام» بنسخ الصور والفيديو والاحتفاظ بها خارج شبكة الموقع.
في حالة حسابات «لينكد إن» يمكن ترك كلمة السر مع أحد الأصدقاء لكي يبث رسالة بعد الوفاة على الموقع. وإذا كان الموقع من نوع «بريميوم» الذي تدفع عليه رسوم تصل إلى 30 دولاراً شهرياً، يمكن تحويل الحساب إلى مجاني بعد الوفاة حتى يستمر على الموقع. كما يمكن للمشارك أن يطلب إغلاق حسابه بعد الوفاة.
والغريب أنه في جميع التعاقدات الشخصية تسقط الخصوصية بعد الوفاة، إلا في حالات الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتعامل الشركات مع الحسابات على أنها ما زالت ملكية خاصة، ولها خصوصيتها. وتمتد خصوصية المتوفي أحياناً إلى ما قد يتعارض مع ورثته أو أقرب الناس إليه. ولا تخضع ملكية المعلومات والصور والفيديو المتاحة على مواقع المتوفين إلى قوانين الوراثة العادية، فهي لا تؤول للورثة مثل بقية ممتلكات المتوفى.
وفي حالات معدودة، تم تحدي «فيسبوك» في محكمة بريطانية لإزالة صور رجل قتل خطيبته، وظلت صورهما معاً على «فيسبوك». ولكن الشركة رفضت إزالة الصور، لأن ذلك يتعارض مع سياستها في عدم المسّ بالمعلومات بعد الوفاة.
وتستخدم إدارة «فيسبوك» حالياً برامج ذكاء اصطناعي لإدارة الحسابات، حتى لا تبعث حسابات المتوفين رسائل تحية في أعياد ميلاد الأصدقاء، أو تطلب إضافة أصدقاء للحساب. ولكن القرار في المدى البعيد سوف يكون بالتخلص من بعض المعلومات المتراكمة عبر عقود حيث السعة الهائلة لتخزين المعلومات ليست لا نهائية، ولا بد من بلوغ نقطة التشبع، ولو بعد قرن من الزمان. وهذا القرار سوف تتخذه الشركات نفسها، لكي تبقى مرنة في تلبية حاجات مستخدميها.