عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Jun-2021

بين العشيرة والعشائرية فرق كبير (1)* حسني عايش

 الغد

وهو عنوان مقال ظهر في جريدة الرأي قبل مدة يمكن استرجاعه الكترونياً من ذاكرتها الصحفية، وفيه يشرح الكاتب الفرق الكبير بين العشيرة كوحدة اجتماعية أو كأسرة كبيرة ممتدة وبين العشائرية التي تعني تحول العشيرة إلى ما يشبه الحزب سياسياً.
يدهشك كثير من الناس ويدهشك أكثر تبني أساتذة العلوم السياسية في الجامعات، وتعليمهم العشائرية كخطاب عام، دون تفريق بين العشيرةِ والعشائرية، أو بين العائلة والعائلية (التي عانت منها فلسطين). في الحالتين أي بالعائلية وبالعشائرية وبالمناطقية… يتم تحويل العائلة والعشيرة والمنطقة إلى أيديولوجيا سياسية أو ما يشبه الحزب سياسياً كما ذكرت، وما هي كذلك. ولكن مواصلة ذلك الخطاب وترويجه سياسياً وثقافياً. يخرجها من السِّلم الاجتماعي إلى الميدان السياسي.
وبما أنه يوجد في الأردن اربعمائة عشيرة فإنها بالعشائرية تتحول إلى اربعمائة حزب سياسي، كل منها تريد الحصول على الكعكة. وبما أن هذا مستحيل، فإنه قد يؤدي في النهاية إلى وقوع صدام أو حرب أهلية بينها.
وعندما يصل الأمر إلى هذه الحالة فإن الدولة تسقط، ولا يبقى ثمة سلطة عامة تستورد ستمائة ألف طن قمح ليأكل الناس الخبز، وتتعطل إدارات الماء والكهرباء وكل مؤسسات الدولة، دون أن يوجد من يقدر على فتح اعتماد لاستيراد الغذاء أو دواء. إن معنى ذلك أن الناس سيموتون جوعاً وعطشاً ومرضاً وفوضى. وهو ما حصل في بعض البلدان العربية. وإذا كان لشعوبها من مهرب فإنه ليس لنا في الأردن مهرب نلجأ إليه.
أقول أقوالي هذه لأمهد لتساؤلات لها علاقة بهذا الأمر، فأقول: إنه لا يوجد في الأردن – للأسف- وبعد مائة سنة من قيام الدولة وثلاثة أرباع قرن من الاستقلال خطاب مشترك/ عام (Public Discourse) يجمع الجميع ويتجاوز العشيرة. وبالتالي لا توجد خطابات فرعية مشتقة منه في الاجتماع، وفي الاقتصاد، وفي التعليم، وفي الصحة، وفي العلاقة العربية العربية، أو العربية الإسلامية، أو الدولية. ولعلّ ذلك هو السر لعدم تحرك الخيول التي تجر عربة الدولة باتجاه عام واحد. خذ مثلاً (جريدة الغد في 1/5/2021) تجد أن دولة رئيس مجلس الأعيان المحترم الذي يحاول ان يعمل كصمام أمن لمنع الانفجار، يدعو «لدفع التنمية سياسياً قدماً، بما يحقق مشاركة أوسع في عملية صنع القرار وصولاً إلى حكومات تملك الولاية العامة، وبرلمان قوي يمثل إرادة الشعب».
إنه كلام جميل ولكنه غير مفهوم للعامة، وحتى لكثير من الخاصة، فما المقصود بمشاركة أوسع في عملية صنع القرار؟ هل يكون بتوسيع المحاصصة أم بزيادة مقاعد مجلس الامة، أم بالاستفتاءات الشعبية؟ وما الولاية العامة؟ ومن الذي يمنع الحكومة منها؟ وماذا تعني الحكومة البرلمانية هنا؟ هل هي حكومة نيابية، أي مشكلة من أعضاء مجلس النواب أم حزبية منتخبة؟ أي هل سيكون الوزراء من مجلس الأمة أم من خارجه؟ ومن هم الذين يحاولون الإساءة إلى العشائر الأردنية غير بعض أبنائها؟ وهكذا.
لا يخرج الجميع بخطاب واحد في صفحة الجريدة في اليوم نفسه، فالمعايطة وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، يؤكد «أهمية تفعيل ودعم مشاركة الشباب في الحياة السياسية والعمل»، فأنت وغيرك تملكون السلطة لتدعموا وتفعلوا، فلماذا لا تفعلون؟
إنه كلام جميل ايضاً ولكنه مجرد كلام لأن أحداً لا يمنعك من التفعيل. ثم كيف يشاركك الشباب في الجامعات في الحياة السياسية؟ إنهم لا ينضمون إلى الأحزاب لأنهم مندمجون في العشائرية التي حلّت محلها. هل العمل السياسي حرّ ومسموح به فعلاً في الجامعات؟ هل توجد فيها حرية أكاديمية؟ إن كليات الشريعة تحدد سقف حرية التعبير فيها لدرجة مقاومة تعليم نظرية التطور، مع أن التطور يحدث أمام العيون كما في فيروس كورونا، ولكنهم يسمونه تحوراً ليمر. وفي العدد نفسه من الجريدة نقرأ عن ترخيص حزب جديد باسم: النهج الجديد ليصبح عدد الأحزاب خمسين حزباً لا صوت لها ولا أثر أو تأثير.
لقد حرصت على قراءة ما هو مكتوب عن هذا الحزب الجديد، لأفاجأ بقول مؤسسه الأستاذ البقور: «إن العشائرية ركن محوري في الحياة السياسية، ولا بد من دعمها للانخراط في الاحزاب والانصهار في الحياة «. لو قال: ان العشائر… لأصاب. ولما قال ما قال فَلِم الأحزاب؟ فالعشائرية تعني أن جميع العشائر أحزاب سياسية.
وفي بيان عشائر الأردن (القدس العربي في 30/5/2021) «مطالبتها بحكومة بدون زعران وصلعان ومجنسين»، والقارئ يفهم أن الزعران هم المتطاولون على القانون، والصلعان هم الفاقدون لشعورهم على الرأس ويضعون باروكة عليه. لكنه لا يفهم المقصود بالمجنسين، وكأنه لا يوجد فرق بينهم وبين المتجنسين. إن معظمنا يعرف المقصود بالمجنسين. إنهم البلجيك الذين جنسهم الملك
عبد الله الأول بقانون رقم (56) سنة 1949، هكذا دفعة واحدة.