عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jan-2025

القطامين يكتب: غرّة تنصيب ترامب، هدنة بين العالم وأطفال غزة !

 عمون-د. نضال القطامين

ساعات قبل أن تعلن غزة أنها انتصرت، وأن حرب الإبادة ستضع أوزارها طوعا وكرها، ساعات وتستقيم العظمة والعلو والرفعة لغزة، لأولئك الذين ما ظفرت من جَلَدهم وصبرهم آلات الحرب ولا قذائف الموت، فانتصروا في كل الصعد وعلى كل الجبهات، وتركوا للتاريخ منارات وشواهد على محرقة فظيعة اقترفها العالم المتحضر الذي ما يزال يؤمن بالخديعة والمكر، بالغواية والتضليل.
 
كانت عين ترامب الحمراء، ذريعة حاسمة في وقف العدوان، لم يكن بمقدور القتلة مواصلة المحرقة إزاء تلويح الرئيس المنتخب بما نعرفه وبما لا نعرفه من تهديد.
 
برز عجز آلات الحرب جليّاً في انتفاء تحقيق أي من أهدافها المعلنة. لقد أظهر الشعب والمقاومة قدرات استثنائية وصمودًا أسطوريًا أربك كل الحسابات وأفشل خطط الجنرالات.
 
على طول عام ونصف ينقص قليلا، في رأد القصف وسحائب القنابل، في امتداد الجسر الجوي من العالم للجيش المكلّف بالقتل بأي سلاح متاح، المعبأ بالموت والخوف، في غمائم الحصار وشهور التجويع، بقيت المقاومة متماسكة، ووجهت ضربات مؤلمة للعدو الغاشم، بقي الشعب المترع بالصبر والجلد والكرامة، واقفاً مثل زيتونه العريق، يقول للدنيا كلها، أن الصدور العارية أقوى من آلالات التدمير وأقوى من ترسانة الموت، وأن صاحب الأرض يهلك وبنوه وأهله دونها.
 
لكن الفاشل الأكبر والضال البعيد في هذه الحرب، هو زعيم الحكومة النازية نتنياهو، وقد سعى عبر مقامرته الكبرى الفاشلة لتحقيق نصر عسكري يستر عري أزماته ويعيد شيئًا من شعبيته المتدهورة، فلم يجد نفسه سوى أسير مأزق سياسي وعسكري كبير حين أُرغم على قرار وقف الحرب وقد تداعت حصونه عبر ضغوط داخلية وخارجية هائلة، وخرج من هذه المعركة أضعف من أي وقت مضى في طريقه إلى مزبلة التاريخ.
 
فشل النازي الجديد في تحقيق أي انتصار يُذكر، بل إن الأمن الداخلي لدولته المارقة تراجع، وأثبتت المقاومة قدرتها على ضرب العمق فيها، ولم تحتفل أرتال الدبابات ولا أسراب الطائرات ولا آلات القتل ولا خطط الجنرالات بإعادة أسير واحد عبر معركة عسكرية. هذا هو الخذلان المبين.
 
في سياق منصف لا ينتظر مثوبة ولا إطراء، بقي الأردن وعاء القضية والمنافح عن فلسطين، وبقي في طول هذه الحرب وعرضها دور المملكة الأردنية الهاشمية وقيادتها المتزنة العاقلة، عامل استقرار وداعم أساسي للقضية الفلسطينية.
 
كان الأردن دائمًا في الصفوف الأولى للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، لقد قدم نموذجًا فريدًا في دعم غزة إنسانيًا وسياسيًا، وساهم بشكل كبير في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في وجه العدوان وقاد تحركات دبلوماسية مكثفة للضغط على المجتمع الدولي من أجل وقف العدوان.
 
منذ حزيران لم يدخل غزة مساعدات سوى التي أرسلها الأردن. يقول سفير المملكة في القاهرة أمجد العضايلة. لعل بعضا من إعلاميين وسياسيين وقادة قرأوا ذلك وووعوه، لكن الأهم بالنسبة للأردن، هو أن هذا الواجب هو امتداد لدوره العروبي في فلسطين.
 
بحكمة ورؤية استراتيجية، تدرك القيادة الأردنية أن هذه اللحظة تحمل فرصًا لتعزيز دورها في دعم القضية الفلسطينية، حيث يمكن للأردن أن يستثمر هذه التغيرات لصالح تعزيز موقفه السياسي والإقليمي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها داخليًا، فيما سيشكل الالتفاف الشعبي حول القيادة الهاشمية عاملًا أساسيًا لتعزيز هذا الدور، وتحقيق استقرار داخلي يعزز قدرة الأردن على مواصلة دعمه للفلسطينيين.
 
إن ما حدث في غزة، بدءًا من عصا ترامب التي أوقفت العدوان، مرورًا بالصمود الأسطوري للمقاومة، وصولًا إلى إخفاق نتنياهو واعترافه المقروء بالهزيمة، يمثل فصلًا جديدًا في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
 
لقد أعادت المقاومة الفلسطينية حياةً للقضية الفلسطينية، ولقد أثبت صمودها بأن الاحتلال، رغم كل قوته، لا يستطيع تحقيق أهدافه في ظل إرادة شعب يقاتل من أجل حريته وكرامته....
 
يا دامي العينين والكفّين !
إنّ الّليل زائل…
 
لا غرفة التّحقيق باقية
ولا زرد السّلاسل…
 
نيرون مات ولم تمت روما
بعينيها تقاتل!
 
وحبوب سنبلة تجفّ
ستملأ الوادي سنابل….