معاريف
اليوم، في طريقكم الى صندوق الاقتراع، حاولوا ان تفكروا بالحديث الليلي بين “الحاخام” غي حبورا والمحيطين به مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الاربعاء.
الحديث، الذي رفعته الى البث في القناة 12 ايلانا دايان يوم أمس. الحديث، الذي ناه نتنياهو بصوته في منتهى السبت في ذات المحطة لدى رينا متسليح. حاولوا أن تلبسوا المشهد المخادع هذا على رئيس وزراء آخر، كائنا من كان. على اسحق شمير مثلا. او على مناحيم بيغن. او حتى على ارئيل شارون. حاولوا ان تتخيلوهم ينفون بانهم تحدثوا مع الحاخام في منتهى السبت كي تتلقوا هذا القول على الوجه في يوم الاحد. حاولوا ان تفكروا باسحق رابين أو بدافيد بن غوريون، أو اسحق شمير يلفقون حديث الروح بين الحاخام والمستشار الاستراتيجي وبعد ذلك المؤامرة لبث ذاك الحديث، فيما يطالبون بأن يبث صوت اسرائيل بخر “بدون تشويش”. بحيث يسمع اصيلا. اغمضوا العيون وحاولوا ان تتخيلوا هذا الحدث بصوت رئيس وزراء آخر. لن تنجحوا.
في طريقكم لأن تؤدوا واجبكم المدني اليوم، حاولوا ان تفكروا بيحيئيل كديشاي يروي كيف تعمل الكراهية فتحرك اولئك الذين “ليسوا اشكناز” في صالح مناحم بيغن. حاولوا ان تسمعوا ايتان هابر يقول هذا لاسحق رابين. حاولوا أن تلبسوا النص المقرف هذا، الذي سمع بصوت نتان ايشل، على يوسي احيمئير رجل اسحق شمير. فلن تنجحوا. لأن الامور التي تنكشف لنا اليوم، على اساس يومي، لم يسبق لها ان كانت هنا. ان الهوات التي نهبط اليها كل اثنين وخميس مميزة لعهدنا. هذه هي مزايا عصر نتنياهو.
وبينما تقفون امام بطاقات التصويت من خلف الستار، حاولوا ان تتذكروا قضية الغواصات. والتي هي في واقع الامر قضية السفن. والتي هي في واقع الامر قضية الاسهم. وكل هذه القضايا معا. حاولوا أن تفهموا اذا كان ممكنا لمقربي رابين، أو بيغن، أو شمير أو أي رئيس وزراء آخر ان ينبشوا في صفقات المليارات للسلاح الاستراتيجي الاهم في الدولة، بينما يعمل رئيس الوزراء على تلك الصفقات تماما (من خلف ظهر جهاز الامن).
حاولوا ان تفكروا ماذا كان رابين سيفعل لو كان تبين انه “اشترى” اسهم شركة فولاذ بـ 600 الف دولار، وباعها بعد زمن قصير بـ 16 مليون، دون أن يبلغ الجمهور، دون أن يكشفها في التصريح المالي، حين تكون هذه الشركة في الزمن الذي انقضى انهارت وكل شيء يحصل عبر ابن عمه. حاولوا ان تربطوا بهذا النبأ بان هذه الشركة هي احدى الموردين لذاك التجمع التجاري الذي يبيعنا الغواصات، السفن، وتقريبا ايضا السفن ضد الغواصات التي لا تحتاجها اسرائيل، ولكن كادت تشتريها. ذكروا أنفسكم بان رابين استقال بسبب حساب دولاري كان لزوجته بخلاف اللوائح المتعلقة بالعملة الاجنبية. وان نتنياهو طلب من اهود اولمرت أن يستقيل حتى قبل أن ترفع توصيات الشرطة ضده.
وفي نفس المناسبة حاولوا ان تتصوروا أي رئيس وزراء يقر للالمان ان يبيعوا لمصريين الذين يتدرب سلاحهم البحري على سيناريوهات حربية ضدنا، “القاتل الهاديء” الا وهو التوربيد الصامد لغواصات الدولفين الذي اشترته مصر من “تسنكروف”. حاولوا أن تفهموا اذا كان ممكنا لمناحم بيغن، او اسحق شمير او ارئيل شارون أو اهود اولمرت أو اسحق رابين أو شمعون بيرس او دافيد بن غوريون او موشيه شريت او ليفي اشكول او غولدا مائير أو كل واحد آخر كان علق في مكتب رئيس الوزراء، ان يقر صفقة كهذه دون أن يطلع وزير الدفاع، رئيس الاركان، قائد سلاح البحرية او رؤساء الاذرع. هل كان أي من القائمة التي احصيتها هنا سينفي على مدى اشهر انه اعطى هذا الاقرار، وبعد ذلك يعترف بالبث الحي بانه اعطاه بل واعطاه.
وبينما تدخلون البطاقة في المغلف، لا تنسوا انه يمكن ان يكون هناك الحال افضل. يمكن وقف الروح الشريرة. يمكن التوقف عن صناعة الاكاذيب والنفي. كلنا نحب اسرائيل حتى الرمق الاخير. اليمينيون، اليساريون، الليكوديون، مصوتو العمل ويمينا ويسارا ومؤيدو أزرق أبيض. نحن لسنا خونة ولا نبيع الدولة ولا نريد الشر لها. ذات مرة عرفنا كل هذا، اما في العقد الاخير فقد نسيناه.
رئيس الوزراء التالي لا يحتاج لان يهاجم ايران. (لان الخيار العسكري لم يعد ذا صلة) ولن يحتاج لان يحتل غزة (لان احدا ليس لديه الشجاعة لان يفعل ذلك) ولن يحتاج لان يوقع على تسوية دائمة (لانه لا يوجد شريك) ولن يحتاج لان يجند الاصوليين (فهذا لن يحصل). سيحتاج ان يشفي الجراح الخبيثة التي تهدد بالسيطرة على قلبنا جميعا. هذا كل شيء.