عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Dec-2019

ذروة الوقاحة

 

هآرتس
أسرة التحرير
 
وكأنه لم تحطم ذرى كافية في سلوك الساحة السياسية السائب، فقد كان يفترض أمس ان تجاز باختطاف دستوري، بثلاث قراءات في يوم واحد، رزمة علاوة لتمويل الانتخابات للاحزاب، بعشرات ملايين الشواكل. فالقانون القائم يمنح الاحزاب على اي حال رزمة تمويل مبالغ فيها واستثنائية، مقارنة بديمقراطيات اخرى. اما القانون الجديد فقد عرض كـ “حل وسط” ولكنه من الاكثر دقة ان نصفه كاتفاق بين القطط على توزيع القشدتة بينها.
فحقيقة انهم لم ينجحوا في تشكيل حكومة للمرة الثانية على التوالي هي شرعية. ولكن ليس شرعية الحصول على جائزة لقاء ذلك في شكل زيادة كبيرة لميزانية تمويل الاحزاب وجدولة مريحة للقروض التي اخذتها الاحزاب من الكنيست ولم تردها.
ان زيادة تمويل الاحزاب بالتشريع، معناها تجاوز للآلية التي تقررت في قانون تمويل الاحزاب لتحديد مبلغ التمويل التي تستحقها الاحزاب: لجنة جماهيرية غير منحازة. واللجنة هي حامي الحمى الذي اؤتمن بحماية الاموال العامة انطلاقا من منطق واضح: منع الاحزاب من زيادة تمويلها كما تشاء في ظل تضارب للمصالح وليس بالضرورة لأسباب موضوعية ومبررة – وهو بالضبط ما تفعله الان. سينشأ بذلك ايضا حافز للاحزاب لأن تتصرف في المستقبل بعدم مسؤولية مع علمها أنه يمكنها دوما أن تغطي ديونها بواسطة التشريع.
ان المبرر الاساس خلف التشريع، كما ورد في الشروحات هو: “عقب اجراء ثلاث حملات انتخابية في فترة زمنية في اقل من سنة تواجه الاحزاب مصاعب واضحة في ادارة المقدرات العامة المخصصة لها في القانون”. بتعبير آخر: انفقنا الكثير من المال في الحملتين الانتخابيتين السابقتين، دخلنا في ديون، ولهذا فإننا نستحق المزيد في الانتخابات القادمة.
المنطق معاكس: لما كان الحديث يدور عن حملة انتخابات ثالثة على التوالي، يمكن الاكتفاء بحملة متواضعة وموفرة. فالجمهور على علم جيد بمواقف الاحزاب المختلفة (بقدر ما توجد مواقف كهذه)، ولا حاجة لمزيد من المال، المخصص للاستثمار في مستشارين استراتيجيين، في حملات عليلة، شعارات هزيلة، تشهيرات شخصية، هجمات من الرسائل القصيرة وما شابه. كان يكفي تمويل الاحزاب القائم، فما بالك للاحزاب التي قررت تجميد قائمة الحزب ولا حاجة لها لان تعرض لجمهور ناخبيها شخصيات جديدة.
في يوم من الايام ستقوم حكومة، وعندها ستكون حاجة لاقرار ميزانية تعالج العجز الهائل الناشيء وتنفيذ تقليصات. فكيف يمكن لمنتخبي الجمهور ان يقلصوا الخدمات الاجتماعية وينظروا الى الجمهور في العيون، بعد أن اخذوا عشرات الملايين لتمويل حملة انتخابات للمرة الثالثة على التوالي؟