عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Feb-2025

"فلسطين الكنعانية".. أوراق يقدمها باحثون في مؤتمر للتاريخ الفلسطيني

 الغد-عزيزة علي

 صدر عن المكتبة الوطنية الفلسطينية كتاب بعنوان "فلسطين الكنعانية"، وهو عبارة عن مجموعة من أوراق قدمت في مؤتمر بعنوان "فلسطين الكنعانية" الذي أقيم في المكتبة الوطنية الفلسطينية. قام بإعداده وتحريره حسام أبو نصر.
 
 
يشتمل الكتاب على أوراق قدمها أحد عشر باحثا ومختصا في التاريخ الفلسطيني، وهم: د. مصلح كناعنة، د. سامي أحمد، أحمد الدبش، د. رشاد المدني، د. علاء أبو عامر، د. فوزية شحادة، د. صلاح الهودلية، عبد الحميد أبو النصر، د. لؤي أبو السعود، د. عبد الهادي جوابرة ود. عز الدين المناصرة.
 
رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، د. محمد اشتية، يقول: "إن إطلاق مؤتمر "فلسطين الكنعانية"، جاء من أجل إطلاق الرواية الفلسطينية، فإسرائيل تشن علينا حربًا ممنهجة. إن أرض فلسطين تتآكل، حيث تبني عليها المستوطنات، فقد وصل عدد المستوطنين حتى تاريخه حوالي "761"، ألف مستوطن، يعيشون في 225 مستوطنة. تقوم إسرائيل بجلب المستوطنين من جميع أنحاء العالم ليعيشوا على أرضنا، ويواكب ذلك العمل بجميع وسائل التهجير والقمع والعنف، إضافة إلى فرض الضرائب على أهلنا في مدينة القدس، في العام 1997م.
ويبين اشتية، أن إسرائيل أقرت برنامج "القدس 2020" الذي كان يهدف إلى تقليص عدد الفلسطينيين في القدس ليصبحوا أقل من 19 % من إجمالي السكان، لكنهم فشلوا في ذلك. اليوم، أهلنا في القدس صامدون، وهم يشكلون حوالي 38-40 % من إجمالي السكان، ويعتبر ذلك فشلا إسرائيليا نتيجة لصمود شعبنا.
 
 
وينوه اشتية إلى أهمية هذا المؤتمر كونه انطلق بمشاركة فلسطينية عربية ودولية، من أجل الحديث عن الرواية الفلسطينية والقدس، وتكمن أهميته في أنه انطلق من فلسطين وما كتب عنها في الماضي وعن حقيقة الرواية الفلسطينية الكنعانية، وكل من عبرها تاريخا. والأهم من ذلك، ليس من أين نبدأ الرواية عن فلسطين، لأن الحقيقة تبقى ثابتة: نحن وُلدنا على هذه الأرض وسنبقى عليها، ونحن من أطلق اسمها عليها. مبينا أن هذا المؤتمر جاء في وقت تشن فيه إسرائيل علينا مجموعة من الحروب الممنهجة، وهي حرب الجغرافيا من خلال مصادرة الأراضي، وحرب الديمغرافيا من خلال قتل وتشريد واعتقال الآلاف من أبناء فلسطين، وحرب المال بهدف دفع السلطة الفلسطينية نحو الانهيار وإفقار الشعب الفلسطيني. أخيرًا، حرب الرواية من خلال محاولة تزوير تاريخ فلسطين وتهويد أرضها.
ويشير اشتية إلى أن الحفريات التي أُجريت تحت المسجد الأقصى، وهجمات المستوطنين على الحرم الإبراهيمي وتقسيمه، واقتحامات المسجد الأقصى وقبر يوسف، وسن قانون القومية، كل هذا يأتي في إطار خدمة حرب الرواية. والحقيقة أننا أصحاب الرواية، ونحن موجودون على أرضنا ومتمسكون بها. إن الحل لا يكمن في أي رواية تسود، فالمعركة سياسية ولا بد أن يكون الحل سياسيًا.
ويبين أن هذا المؤتمر جاء من أجل تعزيز الجهد الفلسطيني والعربي والدولي لتوضيح الرواية الفلسطينية عن فلسطين والقدس. ونتاج هذا الجهد الذي بدأ من فلسطين، اعتبرنا العام 2020 عامًا للرواية عن فلسطين الكنعانية وفلسطين، وكل من مر بها على مدار تاريخ العالم من المصريين إلى الآشوريين، إلى نبوخذ نصر، إلى اليونان والرومان والفرس، قد حافظت على ذاتها واحتفظت بتاريخها وثقافتها.
 
 
ويرى أشتية أنه سواء بدأنا من رسائل تل العمارنة، أو وصولًا إلى ما قاله الباحث كريمر، إن هناك آثارًا وجدت في فلسطين قبل 19 ألف عام. وبغض النظر من أين نبدأ الرواية عن فلسطين، إلا أن الحقيقة تبقى ثابتة، وهي: إننا وُلدنا على هذه الأرض وسنبقى عليها. وما تزال آثار فلسطين الكنعانية قائمة في العديد من الأوجه وما نزال متشبثون بها إلى يومنا هذا، مثلا إله المطر، أهم إله عند الكنعانيين، وما نزال إلى اليوم نسمي أرضنا باسمه، حين نقول أرض بعلية أي مسقية من ماء المطر.
وأوضح أشتية أن الكنعانيين قاتلوا كل من حاول غزو أرضهم. فمنذ العام 1640 قبل الميلاد، مع دخول طلائع الفراعنة إلى فلسطين وحتى يومنا هذا، نحن سكان هذه الأرض كنا دائمًا ندافع عنها في مواجهة كل الغزوات. ونحن نعلم جميعًا علم اليقين أنه إذا كان هناك أكثر من 120 ألف نبي مروا في تاريخ الإنسانية، بدءًا من آدم عليه السلام وصولًا إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، مرورًا بسيدنا المسيح عليه السلام، فإن معظمهم قد عبروا من هذه المنطقة الممتدة من العراق إلى الجزيرة العربية واليمن ومصر وفلسطين.
ويقول أشتية: "تشكلت حول المدن الفلسطينية قرى بشكل عناقيد. كل مدينة تحيط بها مجموعة من القرى التابعة لها". ولذلك يتعلق الأمر بعنقودية الكيانية الفلسطينية التي بدأها الكنعانيون، الأوائل، وما لحق بالقدس اليبوسية وكل العابرين من نبوخذ نصر والسبي البابلي، والإسكندر المقدوني، ودخول وبروز روما، واحتلال الرومان وولادة المسيح في 4 قبل الميلاد، عبر على هذه الأرض معظم الإمبراطوريات والدول، وكل من كان يريد أن يهيمن على العالم كان يريد أن يكون له بصمة على التاريخ الفلسطيني. والفلسطينيون قاوموا، تؤكد جميع الوثائق التاريخية أن الفلسطينيين هم السكان الأصليون الذين دافعوا عن أرضهم، وأن المسيحيين العرب قد قاتلوا مع المسلمين ضد الصليبيين لأنهم اعتبروا ذلك غزوا أجنبيا للأرض الفلسطينية، وهذا يؤكد وحدة حال شعبنا على مدار التاريخ.
ويعتبر اشتية أن بعض الروايات التاريخية التوراتية التي كتبت عن فلسطين تعرضت للتشكيك من قبل بعض العلماء والمؤرخين في العالم. فقد أصبحت الرواية التوراتية عن فلسطين محل تساؤل كبير، وقد بدأ هذا التشكيك مع كمال الصليبي في كتابه الشهير الذي قال فيه: "إن التوراة جاءت من مكان آخر وليس من فلسطين". ومن ثم كتب بعض المؤرخين مثل الباحث الإسرائيلي وعلماء آخرون عن اختراع أرض إسرائيل والقبيلة الثالثة عشرة، إضافة إلى فاضل الربيعي الذي كتب "القدس ليست أورشليم"، وغيرهم. هؤلاء الباحثون تساءلوا عن صحة الرواية التاريخية، ولكنهم تناولوا جغرافية الأحداث التاريخية التي وردت في تلك الروايات. ولذلك، يقول العديد من الباحثين اليوم إن أحداث الرواية قد حدثت في مكان آخر غير فلسطين.
وكتب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، حسام أبو النصر، في مداخلة يشير فيها إلى أن هذا المؤتمر "فلسطين الكنعانية" جاء حصيلة سنوات طويلة من البحث العلمي والدراسات الأثرية، إضافة إلى جهود العمل التي سادت المنطقة، خاصة بعد الاحتلال ومحاولات الاحتلال إثبات وجود تاريخي له على هذه الأرض. لم تثبته الدلائل المادية والآثار والمحفوظات. كما كانت هناك محاولات لربط التنقيبات الأثرية بالرؤية التوراتية منذ إنشاء صندوق استكشاف فلسطين العام 1865م، بدعم من الملكية البريطانية، إضافة إلى البعثات الاستكشافية الأخرى ورحلات المستشرقين. حتى وقت قريب، كانت هناك محاولات مستمرة من قبل الباحثين والمؤرخين الفلسطينيين لفضح الافتراءات والادعاءات الإسرائيلية، منها انعقاد ندوات عدة، في غزة والضفة والشتات منها العام 2011، في بيت القدس للدراسات والبحوث الفلسطينية إلى إعادة كتابة التاريخ الفلسطيني بشكل صحيح.
 
 
يقول أبو النصر: "إن محاور الكتاب قسمت إلى ثلاثة محاور: المحور الأول كان بعنوان "الكنعانيون: الجذور والوجود"، وتناولته الجلسة الأولى التي أدارها محمد عباد. أما الجلسة الثانية، فكانت بعنوان "الحضارة والمدينة الكنعانية" وأدارها دعسان محيبش. في حين كانت الجلسة الثالثة بعنوان "أدبيات ومخطوطات وآثار كنعان" وأدارها د. تيسير جبارة. ومن ضمن التوصيات التي خرج بها المؤتمر إصدار كتاب توثيقي للأوراق وأعمال المؤتمر. وقد قمت بجمع أوراق المؤتمر ومراجعة الأبحاث وتدقيقها وتحريرها قدر الإمكان كي لا تضيع، وليستفيد منها الباحثون والكتاب والمهتمون والمؤرخون.