الدستور
لعلّ كان هناك من يراهن على تقويض نظام الحكم في إيران، وأن تنجح الحرب الإسرائيلية في تغيير النظام السياسي في طهران.
وفي حرب 12 يومًا، علت أصوات تتحدث عن اليوم التالي للحرب، وإيران الجديدة، وفتح أبواب التطبيع مع إسرائيل من طهران.
وإلى حدّ أن الكلام عن مستقبل إيران ما بعد الحرب، بات محتوما في نظام سياسي بديل، وعودة نظام الشاه، والذي ظهر بالتزامن مع حرب إسرائيل وإيران في حفل زفاف لحفيدة شاه إيران، أُقيم في تل أبيب. منذ أعوام، قال السيناتور الأمريكي جون ماكين: من يريد البقاء سليمًا في الشرق الأوسط، فطريقه الوحيد هو إلى أورشليم.
واشنطن، في حرب الـ12 يومًا، والعدوان الإسرائيلي على إيران، اكتشفت هشاشة إسرائيل في اليوم الثاني للحرب.
وكما أن واشنطن انصدمت صبيحة يوم 7 أكتوبر بهشاشة إسرائيل وجيشها، وكيف سقطت في الدوامة الدموية.
ما بين حربَي 7 أكتوبر وحرب إيران، نتنياهو في سؤاله عن اليوم التالي لا يملك جوابًا.
وفي غزة، لا يملك نتنياهو وحكومته سوى القتل والإبادة، والتجويع، والإيغال في الدم الفلسطيني. الأمريكان يعلمون أن العرب لا يملكون أي تصور حتى لثوانٍ معدودة، فكيف لحسابات اليوم التالي! ترامب قال إن اتفاقًا وشيكًا لوقف إطلاق النار في غزة سيُعلن قريبًا.
هل ستذهب دماء غزة هباءً منثورًا؟ وهل القضية الفلسطينية ستتحول إلى نزهة واستراحة للاسترخاء في المشروع الأمريكي/الإسرائيلي في الإقليم؟ من سيذهبون سيرًا على الأقدام إلى أورشليم... كل الصيغ واردة وغير مستبعدة، والسيناريو الجهنمي سيحدث تغييرات بنيوية في علاقات دول مع إسرائيل، ويقف على رأس القاطرة «سورية الجديدة».
عدوى التطبيع تتفشّى بين دول الإقليم. ولا يمكن الإفصاح عنه. ليس ماذا يريد العرب ودول الإقليم من التطبيع، ولكن، والسؤال: ماذا تريد إسرائيل؟ وإذا ما طالعنا التراث التوراتي، وحيث لا مكان للآخر في العقل اليهودي والدولة اليهودية.
ولو فكرنا بالنسيان، وقلنا لا مناص من السلام والتطبيع مع إسرائيل، ولكن، كيف نُطفئ تلك اللوثة الأيديولوجية في رؤوس حاخامات وجنرالات أورشليم، وعقائد القتل والإبادة والاجتثاث؟! لاحظوا في غزة، نتنياهو يمضي في حرب إبادة لمئات آلاف من الفلسطينيين في العراء وداخل خيام عارية، ويقاتل الإسرائيليون باسم الله، وأنهم جنود الرب، وكما لو أن غرفة «العمليات العسكرية» في السماء، وليست في أورشليم.
ثمّة أشياء كثيرة تسري في الظلّ إقليميًّا: وعد ترامب بوقف إطلاق النار في غزة، وفتح أبواب التطبيع، وكلام عن إعداد لصفقة كبرى في الإقليم تؤسّس لمحور سني/عربي مناوئ لإيران.