الدستور
حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني حفظه الله وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حذر من أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتفاقم وأن السبيل الوحيد هو حل الدولتين، وشدد على ضرورة ضبط العولمة لا تفكيكها مؤشرا على دور المملكة وعلاقاتها وموقفها من القضايا الإقليمية والدولية.
الصراع يتفاقم..هذا الوصف لجلالته دقيق،كون خطة السلام الأمريكية والمعروفة باسم صفقة القرن تبتلع الأرض، وترفع منسوب التوتر الأمني بين إسرائيل وفلسطين، وكون إدارة الرئيس ترمب منحازة للطرف المعتدي، وتغطي على رفضه تطبيق القانون الدولي والإنساني،وأكثر من ذلك تسعى لأن يكون قوة منافسة ضمن الإقليم،وتدفعه ليتربع على قيادة المنطقة أمنيا واقتصاديا وسياسيا، وهذا كله على حساب الفلسطيني، ومن هنا، فان الصراع يتفاقم،وصاعق التفجير ينتظره الجميع، وإسرائيل المعتدية ستجد نفسها ذات يوم أمام الحقيقة، اما الانسحاب دون قيد أو شرط، أو مواجهة ثورة متدحرجة قد تبدأ بالحجر، ولا تتوقف عند الرصاص وحده.
التفاقم.. مرده أن سياسات إسرائيل ضد السلام وانقلبت على جوارها الفلسطيني وباتت تنظر إليه على أنه يمكن عزله ولصق الإرهاب به،وابتلاعه على دفعات مثل حبة الأسبرين،بتشجيع من واشنطن،وباتت تريد منافسة إيران وتركيا، في ثروات البحر المتوسط والخليج العربي، واندفعت بقوة إلى قلب المنطقة العربية شرقا وغربا،وواشنطن تسهل لها تنفيذ سياساتها الخارجية، ومن هنا فإن هذا التوسع والهيمنة دون حل عادل لقضية فلسطين سوف يفاقم قضايا الإقليم،ويفتح حروب أخرى بين قوى متصارعة ويزيد من تدخلات الدول الكبرى، وهذا يفاقم الصراع الأمني ونتائجه كارثية على مستقبل الأجيال واستقرار المنطقة.
العولمة..بإختصار شديد جعل العالم كله قرية صغيرة والتحكم بها، والعولمة الأمريكية بذراعها الأمني والاقتصادي تريد العالم غرفة امريكية تديرها كيفما تشاء، وضبطها يعني إعادة هيكلة المؤسسات الأممية والنظر بجدية إلى التوازن القائم على المنافسة،وما تعرض له العالم من جائحة كورونا أثبت أن أمريكا غير قادرة لوحدها على مجابهة هذا التحدي، وأن التعاون الدولي ضرورة ملحة، وأن ضبط العولمة لا تفكيكها يحقق لجميع الدول والشعوب مبتغاها في التجارة الحرة والمشاركة في ادارة القرية العالمية وحل مشاكلها، وغير ذلك فإن سياسة الهيمنة والعربدة والتفرد بمصير القرية وتصغيرها إلى غرفة امريكية تدير القرية سوف يفاقم مشكلات العالم الحر سواء الإقتصادية والإجتماعية والأمنية والسياسية وغير ذلك الكثير.
الصراع يتفاقم..في الشرق الأوسط بسبب عدم حل قضية فلسطين، وتغليب نظرية إسرائيل بعيدا عن حل الدولتين، ويتفاقم عالميا بسبب أن غرفة امريكيا تريد التحكم بالقرية العالمية (أمريكا تريد الانتقال من العولمة إلى امركة العالم) وهذا يفاقم الصراعات الدولية، فضبط العولمة باعادة النظر في المؤسسات الأممية وتطويرها سياسيا وقانونيا،هو الطريق الاصوب لاعادة الإستقرار الإقليمي وإنهاء الحروب المشتعلة وبنفس الوقت الإستقرار العالمي لمنع الحروب الكبرى،وما يترتب على ذلك من وقف سباق التسلح وامتلاك الأسلحة النووية وتطويرها وما إلى ذلك.