عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Mar-2020

الانتخابات ليست مصيرية - بقلم: جدعون ليفي

 

هآرتس
 
لقد حان الوقت لرحيل نتنياهو وحان الوقت ليحل غانتس محله ولكن الظلام أقل ظلمة بكثير والضوء أقل اضاءة
نحن نحتاج الى التخلي بعض الشيء من العاطفة المضخمة والدراماتيكية: الانتخابات في الغد (اليوم) ليست مصيرية، وربما هي ليست مهمة أبدا مثل سابقتيها. وربما ستحدد بشكل قليل، هذا اذا حددت أصلا، وسيكون لها دور بسيط، هذا اذا كان لها، في تشكيل صورة اسرائيل، ليس فقط بسبب التعادل الذي يظهر فيها، حيث أنه حول المواضيع المصيرية يوجد اجماع كبير، والمواضيع المختلف فيها هي مواضيع هامشية. كما أن الخط الفاصل بين المعسكرات هو تقريبا شخصي فقط – نتنياهو نعم أو لا – والنقاش بين المعسكرات هو نقاش على الهوية أكثر مما هو نقاش على الافكار.
إن الغضب الشديد الذي يرافق هذا الصراع لا يبرهن على أهميته؛ بل هو بالذات يدل على الخواء الايديولوجي الذي يختفي وراء الغرائز الثائرة. النقاش حول نتنياهو تقريبا لا يتركز على سياسته، بل بالاساس على سلوكه الشخصي. وعن السياسة لا يوجد ما سيناقش لأنه لا يوجد للمعارضة في الحقيقة أي بديل لتعرضه. قانون العودة وقانون القومية والحصار على قطاع غزة والاحتلال في الضفة – حول هذه المواضيع الاساسية يوجد اجماع ملعون. حدود النقاش السياسي تتراوح بين نمط حياة نتنياهو وبين جهوده الضائعة لاخضاع الجهاز القضائي من اجل النجاة من رعب الحكم. وخلافا لنبوءات الغضب فان هذه هي المواضيع التي ستحدد وجه اسرائيل بشكل أقل بكثير مما هو معروض من قبل المحاربين الشجعان ضد نتنياهو. وجه الديمقراطية في اسرائيل يتشكل بين رفح وجنين اكثر مما يتشكل بين بلفور والمحكمة المركزية.
الموضوع الذي يعرف اسرائيل اكثر من أي موضوع آخر متفق عليه من قبل الجميع. تفوق اليهود وحقوقهم الزائدة في الدولة ليست موضع نقاش. ايضا ما يتفرع عنها مثل حق اسرائيل في مواصلة الاحتلال كما تشاء، غير مطروح حقا للنقاش. ايضا عليها ايضا الجميع متفقون. بين اليمين واليسار لا يوجد أي نقاش: باستثناء القائمة المشتركة الجميع صهاينة. وهذا يعني أنهم جميعا يؤيدون استمرار التفوق اليهودي. وقد بقي للنقاش فقط القانون الفرنسي، وهو مرفوض، لكن خلافا لاصوات الغضب هو لا يغير النظام. وباستثناء هذا القانون، كل شيء ينضوي تحت الاتفاق الوطني الواسع الذي هو لعنة اسرائيل، على دولة يهودية لا توجد فيها مساواة مع امتيازات لليهود وتفوق لهم. من هنا ينبع ايضا حق اسرائيل المسلم به في حكم شعب آخر في المناطق المحتلة. وبين نتنياهو وغانتس لا يوجد أي نقاش حول ذلك. نتنياهو يقول احتلال (ولا يضم) وغانتس يوافق على الاحتلال (بشروط معينة)، في الوقت الذي يجري فيه الاحتلال الفعلي منذ عشرات السنين بموافقة الجميع، دون أي نية لوضع نهاية له. من ايتمار بن غبير وحتى عمير بيرتس ومرورا بنيتسان هوروفيتس لا يوجد أي خلاف حقيقي على ما هو مسموح به يهوديا في ارض اسرائيل. جميعهم مع الدولة اليهودية والديمقراطية، رغم التناقض غير القابل للجسر بينهما والحاجة التي لا مناص منها لاختيار واحد منهما. لذلك، فان الانتخابات في الغد هي أقل حسما مما يبدو. اسرائيل نتنياهو واسرائيل غانتس متشابهتان بدرجة مدهشة.
الجنون المناهض لنتنياهو يهدف الى التغطية على ذلك، واستخدامه كفزاعة للصراع – “مصير الديمقراطية”، “مستقبل سلطة القانون”، “نهاية الدولة” و”خراب الهيكل” – وهذه الكلمات العالية عديمة الغطاء. اذا كان يوجد شرخ فكري عميق فهو فقط بين القائمة المشتركة والآخرين. نحو 15 مقعدا مقابل 105 مقاعد، هذه هي القصة الحقيقية. وصحيح أن الاصوليين يعلنون عن انفسهم بأنهم غير صهاينة، لكن لا يوجد لذلك أي صلة بالواقع: هم كبار المستوطنين.
لقد حان الوقت لرحيل نتنياهو، وحان الوقت ليحل غانتس محله. ولكن الظلام هو أقل ظلمة بكثير. والضوء هو أقل اضاءة بكثير. في بريطانيا جرت مؤخرا انتخابات مصيرية بين اليمين واليسار.
في الولايات المتحدة ستجري انتخابات مصيرية بين دونالد ترامب وبيرني ساندرز. وفي اسرائيل كل ما بقي أن نأمله هو أن ماي غولان، رقم 34 في الليكود، لا يتم انتخابها. وأن ايمان الخطيب ياسين، رقم 15 في القائمة المشتركة، يتم انتخابها. وهذا قليل جدا على انتخابات مصيرية.