عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Dec-2024

"بيت دجن اليافية".. البيشاوي يتناول رحلة تهجير الفلسطينيين

 الغد-عزيزة علي

صدر عن دار الرعاة للدراسات والنشر، ودار جسور للنشر والتوزيع، كتاب بعنوان "بيت دجن اليافية (تاريخا وحضارة)"، تأليف الباحث والكاتب الفلسطيني الدكتور سعيد البيشاوي.
 
 
يقول مؤلف الكتاب د. البيشاوي: "إن دراسة المدن الفلسطينية استأثرت باهتمام المؤرخين والباحثين في مختلف أنحاء الوطن العربي، وذلك بسبب أن هذه البلاد كانت قبلة لعدد كبير من الرحالة والجغرافيين العرب والأجانب، الذين دونوا عنها كل ما شاهدوه. ومع ذلك، لم يركز هؤلاء على دراسة المدن الفلسطينية بشكل عميق، بل اقتصرت كتاباتهم على وصف عام من دون التطرق للتفاصيل الدقيقة".
 
ويضيف المؤلف في حالة تعرض بعض الرحالة والجغرافيين للكتابة عن بعض القرى الفلسطينية، فكانت مؤلفاتهم موجزة لا تشفي غليل الباحثين والقراء. وقد بدأ الاهتمام بدراسة قرى فلسطين في القرن العشرين، ويعود الفضل في ذلك إلى مركز الأبحاث في جامعة بيرزيت، الذي اهتم بنشر الأبحاث والدراسات عن القرى الفلسطينية المدمرة، بإشراف مجموعة من الأدباء والباحثين مثل الدكتور وليد الخالدي، الدكتور كمال عبدالفتاح، الدكتور وليد مصطفى، الدكتور صالح عبد الجواد، الدكتور شريف كناعنة، الدكتور عثمان شركس والأستاذ بسام كعبي. كما أسهمت جهود فردية من قبل بعض المهتمين والمتخصصين والباحثين الذين كان هدفهم الرئيس توثيق القرى المدمرة وكتابة التاريخ الشفوي.
وأوضح البيشاوي على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها جامعة بيرزيت، إلى جانب جهود باحثين آخرين تصدوا للكتابة عن قراهم بشكل فردي، أمثال موسى محمد أبو رومي في كتابه عن "العيزرية"، عبد العزيز عرار في كتابه عن قرية "بيت جبرين"، محمد عودة غلمي في كتابه عن "بيت فوريك"، محمد إبريغيث عن بلدة "بيت أمر"، محمود النمورة عن ناحية "دورا"، مصطفى عثمان عن قرية "بيت صفافا"، الدكتور إبراهيم عثمان في كتابه "الحياة الاجتماعية في قرية عربية فلسطينية" (قرية بيت صفافا نموذجا)، خضر دالية في كتابه عن قرية "دير ديوان"، راسم بشارات في كتابه عن قرية "جبع"، محمد سعيد رمان عن قرية "صوبا" وعبد العزيز صقر عن قرية "سلمة"، وغيرهم.
ويشير المؤلف إلى أنه رغم هذه المؤلفات عن القرى المدمرة، إلا أن هذه الجهود ما تزال متواضعة والقرى المدمرة، ما تزال مجالا خصبا للعديد من الأبحاث، أما دراسة القرى الأخرى التي لم يجر البحث في أوضاعها، وتاريخها، وتراثها، وعادات سكانها وتقاليدهم تلك القرى الفلسطينية التي دمرها الاحتلال الصهيوني، وحتى لا ننسى هذه القرى والبلاد العزيزة على قلوبنا، ونحافظ على تراث الأجداد الذي يعتبر بمثابة الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني، فقد وجدنا من المفيد أن نبدأ بمواصلة الجهد الذي بدأته جامعة بيزيت حتى تعم الفائدة، ثم يتم إنجاز عدد لا بأس به من الأبحاث المتخصصة بتاريخ القرى الفلسطينية.
وخلص البيشاوي، إلى أن "قرية بيت دجن اليافية"، كانت من القرى العريقة الموغلة في القدم. "وقد وجد أنه من المفيد أن يجعلها هدفا لهذا البحث الذي جعل عنوانه: "قرية بيت دجن تاريخاً وحضارة "، وقد قسم البحث إلى ستة فصول، فكان عنوان الفصل الأول "بيت دجن منذ أقدم العصور وحتى النكبة العام 1367هـ / 1948م. وقد تحدث فيه عن موقع القرية، وحدودها، ومساحتها، وأشار إلى أن القرية تمتاز بموقع استراتيجي مهم، إذ إنها تقع على الطريق الواصل بين مدينتي يافا والقدس، أضف إلى ذلك أنني تحدثت من مناخ القرية، وتربتها، ومصادر المياه فيها، وأهم المزروعات التي تنتجها أراضيها. وفضلا عن ذلك، تطرقت للحديث عن قرية بيت دجن في التاريخ القديم والإسلامي".
من جانبه كتب د. تيسير جبارة تقديما للكتاب يشير فيه إلى أن المكتبة العربية بصفة عامة والمكتبة الفلسطينية بشكل خاص، تعاني من نقص حاد في الكتب بالأبحاث التي تتحدث عن القرى الفلسطينية. التي دمرت القوات الصهيونية متحوى تاريخ فلسطين وتغيير معالمها. ولكنها رغم ذلك ما تزال خالدة في ذاكرة أصحابها، فبالرغم من لجوء أهالي بعض القرى إلى الدول العربية المجاورة وغير العربية إلا أن أبناءهم الذين لم يكحلوا عيونم بتراب بلادهم ما يزالون يحتفظون بتاريخهم وذكريات أبائهم وأجدادهم ويتمسكون بكل ما يربطهم بتلك البلاد كالمفتاح الكبير والحصيرة، والمنجل، والثوب الفلسطيني، بل هم أبعد من ذلك، ما يزالون متمسكين بلهجات أهلهم وآبائهم وأجدادهم، وهم بذلك يتحدون المقولة الصهيونية التي تقول "يموت الآباء وينسى الأبناء".
ويضيف جبارة، أن قرية بيت دجن تقع في سهل فسيح يجاور مدينة يافا، وكانت تشتهر بزراعة الحمضيات والخضراوات وشتى أنواع الفاكهة وكان سكان القرية يمارسون نشاطاتهم اليومية بحرية ومن دون خوف أو وجل، إلا أنهم تعرضوا إلى ما تعرض له أهل القرى والمدن الفلسطينية الأخرى، من تهجير وتشتيت تحت وطأة الإرهاب والقتل من الصهاينة المحتلين، إثر نكبة العام 1367هـ/ 1948م، فقد غادر السكان أرضهم وتركوا بيوتهم وأملاكهم نهبا للمحتلين، وقد طال انتظارهم الذي ما يزال قائما أكثر من سبعة وستين عاما.
ويقول جبارة: "إن قرية بيت دجن التي كانت وادعة وهادئة تعرضت للتهجير والتشتيت إلى مناطق مختلفة سواء في الضفة الغربية أو غزة أو خارج فلسطين إلى الأردن وسورية ولبنان والعراق. ومع ذلك ورغم الظروف القاسية التي تعرض لها أولئك السكان شأنهم في ذلك شأن باقي سكان القرى والمدن الفلسطينية الأخرى، الذين نجحوا في مجالات الحياة كالتعليم والتجارة والإدارة والسياسة وغيرها، وخير مثال على ذلك الأستاذ الدكتور سعيد البيشاوي الذي أصر على إنجاز كتابه عن قريته بعد أكثر من ثلاثين عاماً من البحث والجمع والتنقيب والتمحيص، ولعل كتابه هذا يشفي غليل صدور أهالي القرية، ويحفز الباحثين من أبناء البلدات الفلسطينية الأخرى التي تعرضت للمصير نفسه أن يخلدوا بلدانهم بالتأليف عنها قبل أن يندثر الجبل الذي عاصر النكبة واكتوى بنارها".
ويوضح جبارة أن المؤلف رتب مادته العلمية بطريقة منهجية متكاملة، فقد قسم مادة كتابه إلى مقدمة، سبعة فصول وخاتمة، ومجموعة من الملاحق تتضمن صورا لشخصيات دجنية اعتبارية لعبت دورا فاعلاً في تاريخ فلسطين عامة وبيت دجن خاصة. كما ذيل البحث بقائمة من الملاحق والمصادر والمراجع التي اعتمد عليها في كتابه.
ويشير جبارة إلى أن الفصل الأول يتحدث عن "بيت دجن"، بين سبب تسميتها، وتطرق إلى موقعها، وجغرافيتها وخصوبة أرضيها، إضافة إلى استعراض لتاريخها منذ أقدم العصور، مبينا خضوعها لسيطرة الفرنجية الصليبية، مشيرا إلى الدلائل التي تؤكد ذلك ومنها القلعة التي شيدها الصليبيون على أراضي القرية، التي كانت آثارها واضحة المعالم حتى العام 1367هـ/1948، وكانت تقيم في تلك القلعة عائلة المرحوم إبراهيم القنة الدجنية، فيما يتحدث الفصل الثاني عن الحياة الاجتماعية والثقافية في القرية والعادات والتقاليد التي كانت سائدة فيها.
واحتوى الفصل الثالث الحياة الاقتصادية في بيت دجن، من حيث الزراعة وتقسيمات الأرض والأساليب الزراعية القديمة وأهم المحاصيل والمزروعات والثروة الحيوانية والتجارة وآثارها الإيجابية والسلبية على الحياة الاقتصادية. فيما يتضمن الفصل الرابع، تأسيس نادي الشباب العربي وإنشاء الفرق الرياضية والكشفية وأعضاء فريق كرة القدم وأعضاء الفرق الكشفية. 
أما الفصل الخامس، فتطرق فيه إلى الحياة السياسية في بيت دجن قبيل نكبة العام 1948 وتشكيل الأحزاب السياسية في بيت دجن وفرقة النجادة والفتوة، والفصل السادس يتحدث عن جهاد أهالي بيت دجن ونضالهم ضد الانتداب والصهيونية وبدايات الجهاد والنضال.
وخلص جبارة إلى أن الكتاب يعد مصدرا جيدا يضاف إلى المكتبة الفلسطينية خاصة والعربية عامة، ولا بد هنا من دعوة جميع الباحثين للتصدي لدراسة القرى الفلسطينية المدمرة، وغير المدمرة حتى تصبح لدينا مكتبة ضخمة تغطي تاريخ فلسطين وقراها ومدنها.