عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-May-2020

المسجد الحسيني الكبير... على أمل عودة أضوائه قريبا

 

عمان - الدستور- من أبرز البقع الروحانية والمعالم التاريخية في العاصمة عمان، يشعر أهالي عمان جميعا بالأسى للظروف القاهرة التي أدت الى الاحجام عن الصلاة فيه هذا العام حيث اعتاد الآلاف على التوجه اليه لأداء صلاة التراويح في كل رمضان...انه المسجد الحسيني الواقع في قلب عمان والشاهد على تحولاتها وتاريخها القديم والحديث والذي يحدو الأمل العمانيين بالعودة اليه قريبا بعد انتهاء جائحة الكورونا الى غير رجعة.
 
نظرة تاريخية
 
المسجد الحسيني الكبير أحد أقدم المساجد في المملكة، ومن أوائل المباني التي أنشئت في عمان بعد اتخاذها عاصمة للدولة الأردنية الحديثة عام 1921، وقد أسسه الأمير عبدالله بن الحسين عام 1923، وسمي بذلك نسبة الى ملك الحجاز ومفجر الثورة العربية الكبرى عام 1916، الشريف الحسين بن علي.
 
الطراز المعماري الفريد
 
يبلغ طول المسجد الحسيني 58.5 متر وعرضه 12.5 متر، وله رواق أمامي ورواقان جانبيان وفي الوسط ساحة سماوية ومئذنتان ترتفع اليمنى 70 متراً واليسرى 35 متراً، ويقع المسجد الحسيني في وسط العاصمة عمّان في أول شارع الملك طلال والذي يخترق وسط البلد وصولا الى رأس العين حيث منبع سيل عمان الذي جف قبل زهاء نصف قرن. والمسجد ذو فناء كبير، ومزخرف بنقوش اسلامية، ويطل عليه أهم أحياء عمان القديمة كجبل عمان وجبل الأشرفية وجبل التاج وغيرها.
 
الطراز المعماري للمسجد الحسيني يشابه الطرز المعمارية لمساجد عديدة في مدن أردنية وفلسطينية، فهو مبني بالكامل من الحجر، يتوسطه بركة صغيرة للوضوء يعلوها قبه ظلت خضراء لعقود قبل أن يعاد تأهيلها مؤخرا وتزخرف بآيات قرآنية.
 
المسجد الأموي القديم
 
والمسجد الحسيني مبني فوق أنقاض المسجد الأموي القديم. وبحسب المؤرخين والمواقع المتخصصة بتاريخ الأردن فقد أورد كل من الجغرافي أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي في كتابه « أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» وياقوت الحموي في كتابه « معجم البلدان»، وصفاً للمسجد الأموي القديم. ويمكن إجمال وصف المسجد الأموي القديم بأنه كان يتألف من صحن تحيط به من الجهات الثلاث سقائف محمولة على أعمدة، ثم بيت للصلاة سقفه محمول على أعمدة أيضاً؛ تتجه عمودياً نحو حائط القبلة. وقد بني هذا المسجد بحجارة مصنعة بشكل منتظم، كما زينت الواجهة المطلة على صحن المسجد بمكعبات الفسيفساء الملونة، ويعتقد أن الشكل القديم للمسجد كان يشبه الى حد كبير الشكل والتصميم العام للمسجد الأموي في دمشق ونظيره في حلب.
 
ان بناء مسجد كبير وبهذا الحجم في عمان قبل 1400 سنة لهو دليل على ماوصلت اليه المدينة من أهمية في صدر الاسلام وفي زمن الدولة الأموية الذي تبعه مباشرة، وآثار الأمويين في عمان لاتقتصر على المسجد الكبير فقد اتخذوا من المدينة مقرا لضرب العمله وبنوا قصرا ضخما عام 730 ميلادي أعلى جبل القلعة المشرف على وسط المدينة والذي يضم الى جانب هذا القصر معابد يونانية ورمانية وأهمها معبد هرقل وكنائس بيزنطية وبركة ماء كبيرة يعتقد أنها تعود للعصر الأموي كذلك.
 
قبيل بناء المسجد الحديث صور عدد من الرحالة والمصورين الأجانب الموقع ويظهر فيه سور طويل وخرائت هي ماتبقت من المسجد الأموي القديم، وللأسف الشدسد فقد جرى ازالة ذلك السور الذي كان من الممكن أن يكون شاهدا على عراقة المسجد وتاريخه الطويل، لم يقتصر الترميمم العشوائي للآثار القديمة على المسجد الأموي بل أن كثيرا من المواقع والمعالم الأثرية فقدت ملامحها وهدمت بالكامل مع بدايات النهضة العمرانية والحضارية لمدينة عمان، وشهدت باقي مدن المملكة بما تضمه من آثار وكنوز حضارية عمليات مشابهه.
 
المسجد الحسيني والزلزال الكبير
 
استخدم في بناء المسجد الحسيني الكبير الخلطة الاسمنتية، والتي اقتصرت استخدامها أول الأمر في بناء المئذنة الشرقية ذات الخوذة الحجرية، والتي دمرت في زلزال 1927م، فتم استبدالها بالخوذة الخشبية.
 
ومن الجدير بالذكر أن الأردن وفلسطين شهدتا هزه أرضية عام 1927 تركت عشرات القتلى وأدت لتضرر عشرات المباني ومن ضمنها في عمان المسجد الحسيني الكبير وعدد من منازل جبل عمان واللويبده.
 
في الأربعينات من القرن العشرين، تم توسيع صحن المسجد وأقيمت في وسطه ميضأة، كما أضيفت المئذنة الغربية بارتفاع طابقين مشابهة للمئذنة الشرقية، ولكنها ذات خوذة حجرية.
 
أُجريت في المسجد الحسيني أعمال إصلاحات وتجديدات واسعة في العامين: 1986م، 1987م، حيث تم تنظيف واجهته وتطعيمها بمزيد من الزخارف.
 
الباحة الأمامية للمسجد
 
للمسجد باحة مبلطة كبيرة لاتقل مساحتها عن 500 متر مربع وتعتبر أحد أهم المعالم في وسط البلد، غاليا ما تجتمع فيها جنسيات مختلفة وعمال وافدون عرب وأجانب، كما يعرض فيها الباعة كتب وتسجيلات دينية،وفي احدى زواياها سبيل ماء رباعي الأضلاع ومزخرف بالآيات القرآنية.
 
المسجد الحسيني في رمضان
 
يشهد المسجد الحسيني في شهر رمضان ازديادا في عدد المصلين، كما تزين ساحته الخارجية من قبل أمانة عمان الكبرى بشتى أشكال الإضاءة مثل الهلال والنجمة اضافة الى الآيات القرآنية التي تذكر محاسن الشهر ومعانيه، وتقام في المسجد موائد الافطار عند أذان المغرب، وتبقى مآذنه مضاءة طوال الليل.
 
المرور الاجمل الى الساحات هو مرور محبي الخير والمحسنين اذ لا يكتفون باداء الصلاة والعبادة بل يتفقد هؤلاء الاقل حظا من زوار المسجد والمارين اليه .
 
فلا يخلو نهار رمضاني ممّن يقدمون الصدقات والخير، فترى باحات المسجد ساعة الافطار مليئة بحاملي الطعام ، الماء، والتمور للمصلين الذين يبقون في داخل المسجد الحسيني لحضور والاشتراك بصلاة المغرب جماعة.