عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Apr-2021

بانتظار «بركات» رمضان السياسية ..!*حسين الرواشدة

 الدستور

لا ادري لماذا أحس أن مجتمعنا في رمضان تحديدا يتحول الى جسد بلا حراك، وكأن طاقة الصيام قد حرمته من «الروح» التي يمكن ان تعيد إليه الهمة والحركة والقوة، لكن ما أعرفه أن الناس في هذا الشهر يؤثرون «الانتظار»: انتظار الأذان، وانتظار العيد، وانتظار الفرج أيضاً، وبالتالي فإن التفسير الوحيد لحالة «السكون» التي يتقمصونها هو في «الترقب» الذي يعتقدون أن ما بعده سيكون مختلفاً.. وربما يكون أفضل.
أحيانا يكون الصيام السياسي فضيلة خاصة في بلد عانى - وما يزال - من فوضى السجالات والكلام المجاني والوعود العرقوبية، وأحيانا يكون نوعا من الهروب الى الأمام، او تعبيرا عن حالة الفقر التي تبرز اكثر ما تبرز في رمضان، وأحيانا يكون إشهارا لمخاضات لم تحد ولادتها بعد، او لانسدادات لم تجد من القنوات ما يسمح لها بالانسياب.
من مقاصد الصيام - حتى لو كان سياسيا بامتياز - ان يفضي الى التقوى، وهي سمة يحتاجها السياسي قبل غيره، التقوى في التعامل مع الوظيفة، ومع المال العام، ومع خدمة الناس والتواصل معهم، والتقوى في الالتزام بالقانون وفي الامتناع عن النميمة السياسية واللغط، ومن مقاصد الصيام - حتى لو كان سياسيا أيضا - تطهير الذات من شهواتها، ومصالحتها مع محيطها، وتحريرها من أخطائها وتدريبها على الصبر والإخلاص، وإعادتها الى فطرتها الأولى: فطرة ما قبل الوصول إلى المناصب.
في موسم الصيام السياسي يفترض ان تتقدم المراجعات على ما سواها من أولويات: مراجعة الأخطاء التي تراكمت، والمساءلات التي تعطلت، والإصلاحات التي تأخرت، والانسدادات التي قادت الى الفشل، مراجعة المقررات التي أفرزت ما نعانيه من خلل هنا وهناك، ومراجعة التصريحات التي اتسمت بالفوضى والارتباك، ومراجعة السياسات التي خرجت عن سكة المألوف، والاحباطات التي كادت ان تطبق على لوزتي الناس، والأزمات الاجتماعية التي انتشرت عدواها كالاميبا في جسد المجتمع.
لدي انطباع بان هذا الشهر، سيشهد بعض ما نحتاجه من هدوء وانفراجات، وسيعيد الى «خرائطنا» التي التبست مفاتيحها وإشاراتها بعض ما فقدته من خطوط واتجاهات، فمن أسرار الصيام انه يقهر النفس ويكشف ضعفها، ويجدد «الايمان» بكل صالح من الأقوال والأفعال، ويوحّد الناس في مساواة عجيبة لا تقبل استثناء من احد، مساواة في جوع البطن، وحرمان النفس، واستعلاء الروح، وفي دقة التوقيت وصرامة الالتزام، وهي تكفي لجعل «انسان» رمضان، انسانا جديدا ولجعل السياسة في رمضان سياسة جديدة وتطويع الذين لم يقهرهم «الجوع» من قبل للإحساس «بسرّ» الصوم الذي تتعافى فيه النفوس وتتجرد من خلاله من اضغانها وهواجسها.
لدي انطباع أرجو ان يكون صحيحا بان «بركات» رمضان ستشمل «ملفات» كدنا نيأس من فتحها وحسمها، وستصيب مقررات وإجراءات نشعر بأنها أزعجتنا وستطفئ حرائق عديدة لا نعرف كيف اشتعلت ولا لمصلحة من تأججت.