عواصم - بعد يومين على اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان والاحتلال الاسرائيلي، يتساءل محللون، عن المدة التي سيصمد فيها هذا الاتفاق، غير واضح المعالم، وبنوده فضفاضة.
ويقول بعض المحللين إن الاتفاق ضعيف وهش، وقابل للخرق من الجانبين، لاسيما أن اسباب اندلاع الحرب في جنوب لبنان ما تزال قائمة، فالحرب في غزة ما تزال مستعرة، والتي كان حزب الله رهن وقفها لتوقف استهداف الحزب لأراضي في شمال الكيان المحتل، والذي تهجر منه ما يزيد على 100 الف من مواطنيه الى مناطق متفرقة بعيدا على صواريخ حزب الله التي طالت عدة مناطق ووصلت الى حيفا وأحيانا على تل ابيب.
ووصف المفكر العسكري المصري اللواء سمير فرج اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، بالاتفاق "الهش" لأنه يسمح لإسرائيل أن تتدخل في لبنان في أي لحظة إذ اكتشفت أي وجود لحزب الله.
وقال إنه "لا يستطيع أحد أن ينزع سلاح حزب الله" مشيرا إلى السؤال الأهم في هذه النقطة وهو هل يستطيع الجيش اللبناني فرض سيطرته على المنطقة الجنوبية بأكلمها خلال تلك الفترة؟
ويوم أمس قالت مصادر إن الجيش اللبناني سيواجه ضغطا عاليا مع هذا الاتفاق، لان معظمه، يعمل على الحدود الفاصلة بين لبنان وسورية.
وبحسب ما تم الإفصاح عنه حول الاتفاق فإن اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، وتضم أيضا فرنسا ولبنان وكيان الاحتلال و"اليونيفيل"، ستُشرف على تنفيذ عمليات إخلاء "حزب الله" لمناطق الجنوب على 3 مراحل تتألف كل منها من 20 يوما، على أن تبدأ الأولى من القطاع الغربي، وأن ينسحب الاحتلال من المناطق التي احتلها في هذه المنطقة بموازاة انتشار معزز لقوات من الجيش اللبناني واليونيفيل.
وبحسب معلومات مسربة لوسائل إعلام فإنه "لن يُسمح لسكان القرى الأمامية في جنوب لبنان بالعودة على الفور إلى هذه المناطق بانتظار اتخاذ إجراءات تحفظ سلامتهم، بالإضافة إلى التأكد من خلو هذه المناطق من أي مسلحين أو أسلحة تابعة لحزب الله"، لكن سيسمح بعودة السكان المدنيين الذين نزحوا مما يسمى بلدات وقرى الخط الثاني والثالث جنوب نهر الليطاني.
وأشار الخبير العسكري المصري إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق حتى الآن أي انجاز يذكر، ولم يستطع القضاء على حركة حماس في قطاع غزة وإن كان "أنهكها" وأضعف قواها، ولم يستطع القضاء على حزب الله أو تدمير ثلث ترسانته من الأسلحة، ولم يستطع السيطرة سيطرة كاملة على قطاع غزة حتى الآن، ولم يتمكن من استرداد أسراه.
وكشف عن الهدف الوحيد الذي سيحققه نتنياهو من وقف إطلاق النار هذا قال إنه سيوفر الراحة لجنوده وجيشه بعد استمرارهم في المعارك لنحو 14 شهرا ومنذ أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، مؤكدا أن ما تم الإعلان عنه هو اتفاق لوقف إطلاق النار وليس اتفاقا لتحقيق السلام بين الاحتلال ولبنان يضمن عدم عودة الحرب في أي لحظة.
رئيس المجلس الاستشاري في جامعة ميريلاند الخبير في الشؤون الأميركية والشرق الأوسط، فرانك مسمار له رأي مخالف بالقول إنه يمكن للاتفاق أن يصمد، رغم أنه شكك كمعظم المحللين في قدرة الدولة اللبنانية على تحقيق واحد من أبرز بنود الاتفاق وهو انتشار الجيش في المناطق الجنوبية، موضحا عدم جاهزية وقدرة الجيش لضبط الحدود.
ووافق المحلل السياسي سهيل كيوان مسمار في إمكانية صمود الاتفاق بأنه جاء بضغ أميركي ودولي حقيقي على الطرفين لعدم العودة للأعمال القتالية، وهو ما يظهر في آلية الرقابة التي ستكون متشددة ضد أي خرق للاتفاق"، مضيفا أن الطرفين يرغبان بوقف القتال".
ويتمثل عامل آخر، وفق المحلل السياسي، في حالة الضعف التي يعيشها الحزب، والرغبة الإيرانية في الحفاظ عليه وعدم خسارة ما تبقى من قياداته وقدراته العسكرية، مشددًا على أن أي خرق للاتفاق سيؤدي لحرب عنيفة وطويلة الأمد.
وبين متشائم ومتفائل بصمود الاتفاق ينتظر العالم ومنطقة الشرق الأوسط كيف سيكون تأثير وقف إطلاق النار، فالمتفائلون يأملون أن يستمر، فيما المتشائمون يرون أن وقف إطلاق النار قد يكون سبباً للتخلي عن التقدير الشكلي الذي تبديه الولايات المتحدة تجاه فكرة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل – ما يُعرف بحل الدولتين، وهذا قد يمهد الطريق لضم أراض فلسطينية محتلة من قبل الكيان الإسرائيلي المحتل، بما في ذلك أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وشمال غزة.
والمؤكد وفق العديد من المحللين هو أنه لا توجد فرصة للشرق الأوسط للهروب من أجيال من الحرب والموت، ما لم يتمّ حل الانقسامات السياسية الأساسية في المنطقة، وأكبر هذه الانقسامات هو الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويعتقد بنيامين نتنياهو وحكومته وهي يمينية بالكامل، بالاضافة الى عدد من الإسرائيليين، أنه من الممكن فرض السيطرة على أعدائهم من خلال السعي لتحقيق انتصار عسكري، ويستخدم نتنياهو القوة المفرطة دون قيود من الولايات المتحدة، وعدم مبالة من باقي العالم، الا من بيانات إدانة، لتغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل.
على الارض كانت أولى حوادث الخرق يوم أمس فقد أصيب 3 لبنانيين في غارة بطائرة مسيرة للاحتلال على سيارة في بلدة مركبا الحدودية جنوبي لبنان، في ثاني أيام وقف إطلاق النار بين حزب الله والاحتلال، كما رصدت الوكالة الوطنية للإعلام إطلاق دبابات إسرائيلية قذائف على مواقع عدة بجنوب البلاد.
من جانبه، أعلن جيش الاحتلال أنه رصد وصول من وصفهم بالمشتبه بهم -وبعضهم بسيارات- إلى عدة مناطق في جنوب لبنان، وهو ما يشكل انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار، حسب قوله.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن استهداف السيارة في بلدة مركبا "كان يهدف لإبعادها عن المنطقة المحظورة وليس قتل من فيها".
في الوقت نفسه، ذكر مصدرين أمنيين في لبنان أن دبابة إسرائيلية أطلقت قذيفتين على بلدة مركبا أمس بعد 24 ساعة من سريان وقف إطلاق النار الذي يحظر "العمليات العسكرية الهجومية".
وقال أحد المصدرين إن شخصين أصيبا جراء هذا القصف الإسرائيلي.
وكذلك، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية بإصابة شخصين جراء قصف الإحتلال على ساحة بلدة مركبا.
كما ذكرت الوكالة أن دبابة للاحتلال من طراز ميركافا أطلقت قذيفة على بلدة الوزاني في قضاء حاصبيا جنوبي لبنان.
وأضافت أن جيش الإحتلال استهدف بقذائف المدفعية بلدتي الطيبة والخيام وسهل مرجعيون في محافظة النبطية جنوبي لبنان.-(وكالات)