عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Mar-2019

المتحف الحضاري بأربیل.. سفر الحضارات العراقیة
عمان – الغد – حب التراث وعمقھ الحضاري أشبھ بأمر فطري دفع مختصیھ منذ منتصف ستینیات القرن الماضي، بحسب (الجزیرة نت)، إلى إنشاء متحف خاص بإرث الحضارات العراقیة داخل بنایة صغیرة في محلة المنارة بمحافظة أربیل (شمالي العراق) بموجودات قطع أثریة محدودة.
وفي السبعینیات من القرن الماضي تم نقل المتحف إلى دار أحمد الجلبي داخل قلعة أربیل بعد أن تم استملاك الدور التراثیة فیھا وترمیمھا لیستغل البیت رسمیا كمتحف للآثار وإرسال العدید من القطع الأثریة إلیھ من بغداد بالتنسیق مع المدیریة العامة للآثار، وقد شملت جمیع الأدوار الحضاریة.
ھكذا كانت بدایة نشأة المتحف الحضاري في أربیل كما تحدث عنھا للجزیرة نت معاون مدیر المتحف قدري علي عبد الله. وأوضح: الإدارة المحلیة للمدینة باشرت العام 1985 بناء متحف جدید في تل قالینج آغا وتم استكمالھ العام 1989 لینتقل المتحف بعدھا إلى موقعھ الجدید الذي ما یزال قائما حتى الیوم بقاعاتھ الثلاث.
مثل ھذه الأماكن لیس واردا فیھا التغاضي عن التوخي بأسلوب العرض، فطریقة الترتیب جزء مھم لمثل ھذه التحف النادرة، وعن طریقة عرض القطع الأثریة یقول قدري إنھم استخدموا أحدث الطرق والأسالیب العلمیة المتبعة في المتاحف العالمیة بعد الاستعانة بعدد من الطاقات والخبرات في ھذا المجال لیتم عرضھا بحسب الترتیب التاریخي.
وتوزع التحف على ثلاث قاعات، ضمت الأولى العصور الحجریة والحضارة السومریة، ویبرز فیھا رأس إنسان نیاندرتال، ویعود تاریخھا إلى قرابة ستین ألف عام، إلى جانب نماذج حجریة تمثل بدایة الصناعات الفخاریة لأدوات الحیاة المختلفة.
وتعرض بالقاعة الثانیة آثار الحضارتین الآشوریة والحضریة، وأفضل ما یمیزھا تمثال سنطرق الأول العائد إلى القرن الأول قبل المیلاد.
ویذھب إرث الحضارة الإسلامیة إلى أكناف القاعة الثالثة التي زینتھا الزخارف الإسلامیة الشھیرة بقطعھا الأثریة إضافة إلى الفخاریات المزججة.
ومما یزید القاعات جمالا اختیار إضاءة تتماشى وألوان القطع الأثریة، ویسترسل قدري بالتفاتة تعطي دلیلا على تعایشھم واھتمامھم بھذه التحف وعمقھا الحضاري قائلا: كل ما یطرأ على المتحف من تعدیلات ھي أمور قابلة للتغییر والحذف وذلك لاعتقادنا أن المتحف كائن قابل للنمو في المستقبل.
تفتقر معظم الجامعات العراقیة لمختبرات مكملة للدراسات النظریة عن آثار الحضارات المنصرمة، وھو ما أحال أمثال المتحف الحضاري إلى مرجع للطلبة المتخصصین في مجال الآثار وتاریخ الحضارات في عدة أقسام جامعیة، وھو ما أكده الاختصاصي بالتكنولوجیا الحدیثة للآثار خلیل علي حسین.
وأوضح حسین أن تماثیل كھذه تعود لآلاف السنین ھي موروث حضاري من الضروري أن تتعرف الأجیال علیھ لمعرفة ماضیھا وطبیعة الحیاة في تلك الحقب الزمنیة، خاصة وأن المتحف یضم آلات غریبة وغیر معروفة من قبل الكثیر من العوام إلى جانب شخصیات كان لھا دور برقي الشعوب وقتھا كتمثال الملك سنطرق الأول وأخرى لزعماء قبائل یعود تاریخھا إلى الألف الأولى قبل المیلاد.
وقد یتعدى الاھتمام بھذا التاریخ المختصین فیھ، وھو ما قالتھ للجزیرة نت طالبة السادس الإعدادي فردوس عبد الكریم مؤكدة أن مجیئھا ھو البحث عن أجوبة لأسئلة تراودھا كثیرا، فقدمت إلى المتحف لتعرفھ عن كثب، وأنھا ستجد من المختصین من یعطیھا تفصیلا عن كل ما یجول بخاطرھا من فضول حول تلك الحضارات خاصة وھي تشاھد الكثیر من القطع الأثریة وكأنھا صنعت حدیثا لكنھا تعود إلى آلاف السنین لتكتشف لغزھا بتطور الحیاة في ذلك الوقت وكیفیة تخطیھا ظروف الطبیعة الصعبة.
كأي مكان جمیل ومتفرد بنوعیتھ یتجھ صوبھ الكثیر من السیاح، إلا أن الأمر في مثل ھذه المتاحف یختلف عن غیرھا من الأماكن السیاحیة الحدیثة كالمتنزھات أو الأبراج الشاھقة كون زوارھا من النخبة المثقفة التي آثرت المجيء إلى ھنا للاغتراف المعرفي من خلال السیاحة
الفردیة أو الجماعیة، وھكذا تبدو الرؤیة بمنظور الأكادیمي الأستاذ حیدر خالد مولود تجاه متحف أربیل الحضاري.
وعزز قولھ بإشارتھ إلى كم الوفود القادمة من داخل البلاد وخارجھا لزیارة المتحف، مؤكدا ضرورة مجيء الطلاب عن طریق الرحلات المدرسیة للتعرف على تاریخھم وموروثھم الحضاري لأنھ ھویتھم الأزلیة والأبدیة.
حضارات مضت وبقیت آثارھا تفرض نفسھا على الحاضر رغم كل ما وصل إلیھ العالم الیوم من عمرانیات، لتجد مختصین لھا یبنون صروحھا للاحتفاظ بھا وتكریسھا لأجیال قادمة.