عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Dec-2019

هل ألغي الميثاق الفلسطيني حقاً؟ - زئيف ب. بيغن

 

هآرتس
 
عكيفا إلداد ادعى، أن الميثاق الفلسطيني قد أُلغي “هآرتس” 22/12). أود أن أقدم الوقائع في هذا الشأن. عشية يوم الاستقلال في 1996 أجري مثلما في كل عام في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب حفل استقبال لآلاف المشاركين. في نفس الوقت تجمع في غزة المئات من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في جلسته العشرين. فقط هذا الجسم، وبأغلبية ثلثي أعضائه، قادر على تغيير الميثاق الفلسطيني الذي يدعو إلى تدمير اسرائيل.
الانتخابات للكنيست حددت لتجرى في أيار 1969، بعد أن تم تبكيرها بمبادرة حزب العمل، إلغاء بنود تدمير اسرائيل في الميثاق الوطني قبل شهر من الانتخابات كان عنصراً حيوياً لفوز حزب العمل حيث إنه في الأشهر السابقة روَّعت اسرائيل عمليات تفجير أسقطت العديد من القتلى.
قيادة منظمة التحرير رفضت المرة تلو الأخرى تطبيق التعهدات التي أعطاها ياسر عرفات في رسالته لرئيس الحكومة يتسحاك رابين في 9 آذار 1993، “بتقديم التغييرات المطلوبة (في الميثاق) لمصادقة رسمية من قبل المجلس الوطني الفلسطيني”. الآن حان الوقت. حكومة اسرائيل، والتي تعلمت بأنه يجب عدم الوثوق بوعود عرفات، لم تترك الأمور للصدفة: الحكومة أملت على عرفات، حرفياً، بالانجليزية الصيغة المطلوبة لقرار المجلس الوطني بالعربية. ولكن قبل يومين من انعقاد المجلس أبلغ عرفات حكومة اسرائيل، بـأنه ليس بإمكانه تمرير هذه الصيغة.
دون تأخير، اتفقت الحكومة مع عرفات على صيغة جديدة، أقل تشدداً وأقل إلزاماً من سابقتها. عن هذه المناورة عرفنا فقط بعد سنتين، من مقال ليوئيل زينجر المستشار القانوني لوزارة الخارجية، الذي كان من بين من صاغوا القرار للمجلس الوطني الفلسطيني (“الحقيقة عن الميثاق” 16/9/1998).
بمعرفتهم أن العملية منتهية ومحسومة، انتظر كبار أعضاء الحكومة في تل أبيب للبيان الذي كان متوقعاً صدوره من غزة، وفي اللحظة التي صدر فيها البيان جاءت البشرى من رئيس الحكومة ووزير الدفاع: “هذا هو الحدث الأهم في الشرق الأوسط في المائة سنة الأخيرة”.
في بيتي في القدس انتظرت بيان يجئال كرمون والذي كان حتى منتصف 1993 مستشار محاربة الإرهاب لرئيسي الحكومة يتسحاك شامير ورابين. كرمون انتظر البيان الرسمي لمنظمة التحرير بالعربية، عن طريق وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية “وفا”.
النشر تأخر عدة ساعات، وطلبت من البروفيسور يهوشع (شوكة بورات)، الخبير في الحركة الوطنية الفلسطينية والذي توفي قبل عدة أسابيع، أن ينتظرني في بيته حتى أحضر له البشارة. حوالي منتصف الليل استلمت بالفاكس البيان وسارعت اليه. بورات قرأه بعناية وقال فوراً وبدون تردد: لا يوجد هنا أي إلغاء للميثاق، هذه عملية احتيال.
وهذا حقاً ما كان: عرفات ثانيةً خدع حكومة اسرائيل. من أجل أن نفهم التفافات الصيغة في بيان م.ت.ف أذكر القرّاء بأن العديد منهم أعلنوا طوال سنوات بأنهم “قرروا” التوقف عن التدخين ولكنهم لم يتوقفوا، وهكذا في البيان الرسمي لـ (م.ت.ف)، ورد بأن: “المجلس قرر تعديل بنود الميثاق الوطني”. صحيح أنه ورد في البيان أن المجلس فوّض اللجنة القانونية بصياغة قرار جديد. وهكذا- قرر التعديل. اللجنة لم تجتمع في يوم من الأيام ولم يكن هنالك أي تعديل. يورم أريدور قال في تلك الأيام، أن: “عرفات لا يحترم الاتفاقات، ولكنه يحترم جداً المواثيق”. هذه المهزلة بلغت ذروتها عندما سؤل رؤساء م.ت.ف في نهاية نيسان وبداية آذار 1996، كم عدد البنود التي ستلغى من الميثاق. طبقاً لحيدر عبد الشافي- 2، وحسب ما يقول مندوب ممثل (م.ت.ف) في واشنطن -6، نبيل شعث قال: “حسب شعوري فإن عدد البنود الملغاة هي 16″، رئيس اللجنة القانونية لـ م.ت.ف أعلن أنه سيلغى 21 بند. وقد أحسن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون عندما أعلن بعد 3 أسابيع من جلسة المجلس بأنه “ليس هنالك حتى الآن بنود معينة تقرر شطبها من الميثاق”.
بعد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني مباشرةً نُشرت في إعلان كبير كل القرارات باستثناء القرار بشأن القرار الفلسطيني. السبب كان بسيطاً: حكومة اسرائيل فهمت أنها خُدعت لكنها رفضت الاعتراف بذلك علناً وأجرت مفاوضات على صيغة جديدة من أجل أن تُنشر فيما بعد. وبهذا، من الواضح أن كل الموضوع خدعة. في رسالة إلى بيل كلنتون في 1998 سجل عرفات أرقام الـ28 بندا في الميثاق التي ألغيت أو عدلت، لقد كان يستطيع أن يلغي كلامياً أيضاً بنود أخرى، ولكن لم يكن هنالك أي إلغاء والميثاق الأصلي ما زال سارياً.
العرض الكبير التالي أُخرج في كانون الأول 1998 عندما عُقد المجلس الوطني ثانيةً في غزة في جلسة بحضور الرئيس الأميركي كلينتون. القاعة كانت ممتلئة تماماً. ليس معروفاً كم من أعضاء المجلس شاركوا في هذا استعراض التصويت برفع الأيدي على “إلغاء بنود الميثاق”، والأيدي المرفوعة لم تُحص مطلقاً. بعد مرور 20 عاما- فإن الحقيقة الثابتة هي أنه حتى اليوم لم تُنشر صيغة مُعدلة لميثاق القتل.